عائدة نبي.. تضرب على النحاس بأصابع الفن
عائدة نبي.. رحلة التعلّم لا تتوقف وفي كل يوم هناك بداية جديدة
لم تتردد الحرفية “عائدة نبي” بقبول عرض لتعلّم حرفة النقش على النحاس عام 2019، ودخلت مجالاً جديداً كان حكراً على الرجال لسنوات طويلة. وانتشرت لوحاتها وأعمالها النحاسية إلى جانب الإكسسوارات التي بدأت حياتها المهنية بصناعتها.
سناك سوري-حلا علي
عائدة خريجة كلية العلوم السياحية من الجامعة الإسلامية في بيروت عام 2011. إلا أنها لم تعمل بمجال دراستها لعدم توافر الفرص، لذا قررت العمل بداية بتصميم الإكسسوارات بالحرفة التي تحبها، والتي كانت قد بدأت العمل بها قبل دراستها الجامعية. وانقطعت عنها لفترة كي تكمل دراستها، ثم عادت إلى التصميم تتخذ منه مهنة توفر لها الدخل الذي تطمح إليه.
لكنّ الطموح لا يتوقف عند حد معين، وفكرة الاستمرار بذات الحرفة لم يكن هاجساً لديها. لذا انخرطت في تعلّم حرفة الضغط على النحاس التي أثارت فضولها. والتي حين طُرحت عليها لأول مرة فكرت فيها وقالت في نفسها: «لمَ لا، حلمي لم ينتهِ بعد».
تقول “عائدة” لـ”سناك سوري” إنها راقبت الحرفيين لفترة طويلة، وهم يصنعون اللوحات والتصاميم المختلفة، وأدركت أن النقش على النحاس حرفة تحتاج إلى دقة وموهبة وتركيز. وفي النهاية استطاعت تعلّمها وإنتاج لوحاتها الخاصة.
توقعت العكس
توقعت “عائدة” أن تسمع الكثير من التعليقات المحبطة كون حرفة النقش على النحاس حكراً على الرجال تقريباً. إلا أن الواقع كان مغايراً تماماً وترى أن السبب في ذلك أعمالها المتقنة.
بالمقابل لم يخلُ الأمر من بعض الأسئلة، مثل “عن جد حابة هالشغلة؟ ما بيوجعوكي عيونك، كيف الك خلق؟”. ولعلّ أطرف تعليق سمعته هو حين سألها زائر لأحد البازارات التي كانت مشاركة بها: “من وين جايبة لوحاتك؟ مين مشتغلك هني؟ معقول هدول شغلك؟”.
لا يوجد هدف غير قابل للتحقيق، إنما هناك آلية عمل خاطئة الحرفية عائدة نبي
وبحسب “عائدة” فإن الكثير من الناس يمتلكون فكرة خاطئة عن حرفة النقش على النحاس. فهي ليست بالحرفة الصعبة، حيث تعمل بصفائح النحاس ذات سماكة مقبولة من السهل التعامل معها. باستخدام الأدوات الخاصة. مشيرة أن النقش يحتاج إلى مجهود وتركيز بالتأكيد لكن ليس إلى درجة مستحيلة. كما أنّ من يحب تلك المهنة لن يشعر بالتعب وسيستمتع بمراحل الإنجاز.
مرّت سنوات من العمل والتعب والمجهود لتحقيق الذات، وإثبات نفسها كحرفية موهوبة كما تصفها “عائدة”. لتنجح بالحصول على محل في حاضنة دمر التراثية، حيث تتابع عملها اليوم بالحفاظ على الحرف التراثية من الاندثار إلى جانب العديد من الحرفيين والحرفيات.
الصعوبات والتحديات
كأي حرفي وحرفية أخرى في سوريا، لا بدّ من بعض التحديات والصعوبات. مثل نقص المواد الأولية وعدم توافر لوزام العمل من كهرباء ومحروقات. كذلك الافتقار إلى سوق عمل لترويج وتسويق المنتجات التراثية، تقول “عائدة”، التي في كثير من الأحياء يقتصر عملها على تلبية طلبات خاصة مثل صور شخصية لأشخاص خارج البلد.
رغم كل تلك التحديات والصعوبات. فإن “عائدة” ترى أنه “لا يوجد هدف غير قابل للتحقيق، إنما هناك آلية عمل خاطئة”. وهي النصيحة التي توجهها للجميع. وتضيف أنه حين نفكر بأهدافنا على أنها ناجحة ستصبح كذلك، “استمتعوا بالرحلة”، تقول في ختام حديثها.
يذكر أنه إلى جانب حرفة النقش على النحاس، فإن “عائدة” تعمل بتصميم الإكسسوارات. التي تعشقها منذ طفولتها ومازالت تحب اقتناءها بشكل دائم. وقد شاركت بالعديد من المعارض والبازارات لتسوّق منتجاتها، وكثرت الطلبات بالمقابل بدأت بتطوير تصاميمها وابتكار أمور جديدة. كي لا تدخل في النمطية والتكرار.
إشراف: داليا عبد الكريم