طروادة الأمريكية بوابة الرئيس ترامب – أيهم محمود

كورونا فايروس مسكين.. فرصة تاريخية للإمبراطورية الروسية لرد الصاع صاعين!
سناك سوري-أيهم محمود
لم يكن كورونا حدثاً علمياً بل الحصان الأجمل والأثمن الذي أتى به القدر هديةً لمعظم المجموعات السياسية في العالم، مستنقعاتٌ من الفشل والخيبات منتشرة في كل مكان، أزمات أقتصادية متلاحقة، والنموذج الذي أحياه الأمريكان في زمن الرئيس “باراك أوباما”، وصلت أمواجه إلى شواطئ من نادى بضرورة قيام الثورات الاجتماعية في المنطقة العربية أو ما يُعرف سياسياً باسم الربيع العربي.
ماذا لو واجهت الديمقراطيات في العالم كله بعضاً مما حدث في “فرنسا”، كيف يستطيع الساسة قمع الناس المحتجين على الضغوط الاقتصادية المتزايدة عليهم، كورونا ليس فيروس يحتاج مجهراً لرؤيته بل هو سلسلة جبال ضخمة احتملت مشاكل العالم كله بصمت ودون تذمر.
احتمل الفايروس تبعات إخفاق البشر سياسيا واقتصادياً وصحياً، واحتمل إقحامه في الصراعات النظرية للمنظومات السياسية القائمة، أصبح الفيروس المسكين أداة إعلان لنجاح رؤية المنظومات المركزية التي لا تقبل بالاختلاف السياسي في بنيتها الداخلية، كما أصبح أداة إدانة الخصوم السياسيين عبر بوابة الفشل في احتوائه.
كان حدث ظهور الفيروس الذروة التي توجت صراعاً خفياً بدأ بالإعلان الصادق الخجول وغير المباشر للرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” عن إعجابه بالنماذج السياسية شديدة المركزية وقدرتها على التعامل مع الأزمات العالمية مثل أزمة كورونا، الرئيس الذي عانى في فترة حكمه كلها من الاتهامات القاسية بوجود مساعدة روسية له، هو معجب حقاً بمفهوم القيصر بل ويتمنى أيضاً أن يحياه، هناك من أزعجه وقطع الطريق على أحلامه ومنعه من إحداث تقارب حقيقي مع “روسيا” عبر تصعيد حدة الاتهامات له مما اضطره إلى محاولة إثبات العكس.
اقرأ أيضاً: وهم الياسمين.. دمشق النموذج والضحية_ أيهم محمود
في زمن “ترامب” تنفس الكثير من قادة العالم الصعداء فلقد حظيوا أخيراً برئيس أمريكي يشاطرهم آراءهم في فن حكم الشعوب والبلدان دون أن يخجل من قول ذلك علناً وهذا تغير مهم يجب التقاطه، فلقد سئموا الدعم الأمريكي لهم في الخفاء والإدانة العلنية لهم في العلن، هذا الأمر مرهق ومحرج لكن العالم يتغير والنموذج الأمريكي يتهاوى، لقد تحطم النموذج الشيوعي الثوري سابقاً على أيدي “ترامبات” مشابهين لترامب الحالي وحان وقت انهيار النموذج الأمريكي وعودة العالم إلى زمن الإمبراطوريات وأزمنة القادة العظماء.
توفر سلاسل الملوك والقياصرة أمراً هاماً للغاية، هو الاستقرار السياسي في المناطق المحيطة بها، وجود النظام الأمريكي محرج لكثير من الأنظمة التقليدية الأخرى كما كانت الشيوعية في بداياتها وهذه مفارقة تاريخية هامة ربما تدعو للتفكير بقدر ما تدعو للابتسام.
تركز قناة روسيا اليوم على احتمال قيام “ترامب” بانقلاب، هذه فرصة تاريخية تستطيع فيها الإمبراطورية الروسية رد الصاع صاعين للتدخلات الأمريكية السابقة التي أدت لتفكيكها، مجرد اقتناع الرئيس الأمريكي بإجراء محاولة انقلاب حتى لو لم ينجح كافي لهدم الصورة الإيجابية لنظام أمريكا السياسي الذي يسبب ضغطاً غير مسبوق على بقية أشكال الحكم في العالم، نجاح الانقلاب يعدم فكرة تداول السلطة نهائياً ويعيد العالم كلياً إلى عصر الإمبراطوريات.
سقوط النموذج الأمريكي لن يكون أخف وزناً من انهيار الأنظمة الشيوعية في العالم، الأجمل من كلا الاحتمالين -بالنسبة لهم- هو انقسام المجتمع الأمريكي المسلح بكثافة والدخول في حرب أهلية إذ يمكن نظرياً أن يحضر القناصة الذين تواجدوا في بدايات جميع الحروب الأهلية الأخيرة ولم يتم القبض على أي منهم حتى الآن.
اقرأ أيضاً: حروب الطاعة والتمرد_ أيهم محمود
في خبر آخر رصدته مؤخراً تم التحدث عن انتقام “إيران” من “ترامب” كفرد لمقتل الجنرال “قاسم سليماني”، لا يقل هذا الخبر تأثيراً عن الإيحاء العالمي له بمحاولة القيام بانقلاب، إن غادرتَ سيتم الانتقام منك، أنتَ في خطر، أنتَ من يطالب به الجميع، أنتَ المنقذ وعليك أن لا تتخلى عن مهمتك المقدسة في حماية هذه الأمة، هذا هو إغواء الشيطان الذي يأتي على لسان الملايين أحياناً حين يهتفون بصوت واحد: عاش الملك!.
“أمريكا” طروادة العصر الحديث وقد اجتمع كثير من الغزاة تحت أسوارها لإدخال الحصان الخشبي الشهير تاريخياً من بوابة المدينة التي اسمها “ترامب” لذلك لا نرى تحذيرات الانقلاب المحتمل في وسائل إعلام روسيا وبقية الدول التي آذتها السياسات الأمريكية أو تلك التي يهدد استمرار النموذج الأمريكي وجودها بل نجده أيضاً في إعلام الدول الأوروبية لأسباب تختلف جذرياً عن أسباب وجوده في إعلام الإمبراطورية الروسية كمثال، هناك صراع سياسي قاسي وصامت خلف الأزمات الاقتصادية التي تحترق تحت الرماد وخلف واجهة كورونا العلنية.
العالم ليس بخير والمفارقة التاريخية الساخرة الأخرى أن “أمريكا” الآن أكثر الدول المهيأة لحدوث تحول تاريخي كبير فيها وهذا ما تنبأت به النسخ الأولى من الأدبيات الشيوعية وتتنبأ به أيضاً المادية الجدلية قبل وأدها حيةً على أيدي الرفاق أنفسهم الذين آمنوا بها بدلاً من التعمق في فهمها.
الرئيس المنتخب “جو بايدن”، في مواجهة عاصفة مع من يظن أن عليه إنقاذ العالم وإنقاذ أمريكا، إغواء البشرية الأزلي الذي قاد إلى معظم الخراب فيها، علينا أن نحبس الأنفاس وننتظر فنتيجة ما يحدث الآن لن يتوقف هنا، النار تشتعل بقوة وعنف لكنها لم تقرر بعد إلى أين تسير وفي أي اتجاه.
اقرأ أيضاً: المنظومة العلمية وإغواء الشهرة_ أيهم محمود