تقاريرشباب ومجتمعقد يهمك

صيادلة ومهندسون عمال مقاهي “قد الدني”!

سناك سوري – عمر حاج خميس

«رغم أنني لم أتخرج بعد إلا أنني أمتلك cv قوي يؤهلني للعمل في أي كافتيريا مهما علا شأنها»، يقول ذلك “محمد” الشاب الإدلبي الذي يوشك أن يتخرج من فرع الأدب العربي في جامعة “حلب” ويتابع: «الحمد لله وفّقت في إيجاد عمل بأحد المقاهي منذ 3 سنوات، لقد أصبحت شيخ كار ومعلم شباب الكافتيريا».

يسلم “محمد” للواقع أو يتعايش معه شأنه شأن الكثير من زملائه الطلاب الذين يبحثون عن فرص عمل تعيلهم ريثما يحصلون على شهادة جامعية تؤهلهم للعمل باختصاصاتهم العلمية، يقول “خالد” وهو طالب هندسة من “منبج”: «مرةً حدثت مشادة كلامية بيني وبين أحد العمال من زملائي ليتدخل رب العمل ويطردني دون أن يعطيني راتب الشهر، نحن الغرباء عن المدينة نعتبر الحلقة الأضعف ولابد أن نستسلم لهذا الواقع».

العمل في المقاهي خيار قرابة 40% من الطلاب المنخرطين في سوق العمل والذين يدرسون في جامعة “حلب”، وذلك بحسب إحصائية أجراها موقع سناك سوري، “مصطفى” الذي لم يتبق له سوى سنة واحدة  للتخرج من كلية العلوم، يعاني من حرج شديد تجاه زملائه الذين يرونه وهو يعمل في أحد مطاعم الوجبات السريعة بالقرب من الجامعة، يقول “مصطفى”: «أذكر مرة أن زميلتي دخلت مع أصدقائها إلى المطعم حيث أعمل وراحت ترمقني بنظرات الشفقة، -يصمت مصطفى محاولاً إخفاء دمعته- بصراحة وقتها تمنيت لو أن الأرض انشقت وابتلعتني ».

أغلب الطلبة العاملين هم من أبناء محافظات “دير الزور، الرقة، إدلب، الحسكة” وقد اختاروا العمل لأن أهاليهم لم يعودوا قادرين على إرسال المصاريف لهم، بعضهم كانوا من ميسوري الحال قبل الحرب، مثل “سليم” وهو طالب صيدلة في السنة الخامسة، هذا الشاب لم تعد عائلته قادرة على جني المحاصيل الزراعية من أراضيها التي أحرق معظمها، وماتبقى لا تستطيع الوصول إليه، فتحولت من عائلة تعيل الآخرين إلى عائلة تحتاج من يعيلها.

يقول “سليم” لـ سناك سوري: «كان أمامي أحد خيارين إما الهجرة بالبلم أو متابعة الدراسة هنا وتأمين عمل أجني من خلاله مصروف دراستي، وقد اخترت الخيار الثاني».

أما “بسام” من ريف إدلب وهو في السنة الثالثة كلية الآداب، وجد نفسه أمام خيارين إما العودة إلى أهله والتخلي عن حلم الجامعة، وإما العمل في أحد المقاهي، يقول لـ “سناك سوري”: «توقف المصروف الذي يرسله لي أهلي نهائياً فلم يعد بمقدورهم تدبر النقود وطلبوا مني العودة، خفت كثيراً، فالعودة ستعني بلا شك أن أنضم لإحدى التشكيلات العسكرية هناك وهذا مايفعله أغلب شبان المنطقة، والبقاء يعني حياةً صعبة بكل المقاييس، لكني اخترت البقاء والعمل فهو أهون الشرين».

يضيف “بسام”: «الكثير من أصدقائي اختاروا ترك الجامعة والعودة لقراهم في “معرة النعمان، كفر تخاريم، الدانا .. إلخ”، لقد شاهدت دموع عيونهم لكن لم يكن لديهم خيار آخر، فهنا لا يوجد سكن جامعي للجميع بل هو حكر على المحظوظين، وإيجار المنازل مرتفع جداً حيث يبلغ في المناطق القريبة نسبياً من الجامعة من 35 إلى 75 ألف ليرة شهرياً».

الطلبة القادمون من المحافظات الساخنة يبحثون عن بعضهم البعض للتشارك في السكن، حيث تجد في المنزل الواحد أحياناً عشرة شبانٍ يعيشون مع بعضهم البعض، ما يجعل من مبلغ الإيجار منخفضاً إذا ما تم تقسيمه عليهم جميعاً.

المنظمات لا تهتم بمساعدة هؤلاء الشباب ولا تقديم الخدمات لهم فهي تستهدف بشكل أساسي في معوناتها العائلات النازحة فقط، بينما يحرم هؤلاء الشبان منها لأنهم لا يمتلكون دفاتر عائلة وليس لديهم عوائل، كما أن برامج دعم الشباب ضمن الجمعيات والمنظمات العاملة في “حلب” قليلة جداً، في وقت تنتشر فيه المراكز المجتمعية التي لا تعير هذه الشريحة إلا قليلاً من الإهتمام بينما يجب أن يكون لهم مراكز خاصة بهم.

يذكر أن اختيار معظم الطلاب العمل في المقاهي والمطاعم “غراسين” أو غيرها من المهام الأخرى ضمن هذا الإطار مرده إلى إمكانية العمل في وقت مابعد الظهر وعدم احتياجه إلى خبرة كبيرة، وبالتالي هي فرصة عمل مناسبة من حيث الوقت وسهلة من حيث الخبرة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى