صناعة لا تحتاج خامات مستوردة ولا استنزاف موارد.. ماذا لو دعمتها الحكومة؟
هل تقتنع الحكومة أن دعم السياحة خيار خاطئ في بلد يعاني؟
ماذا لو تفاجأت الحكومة بأن خيار دعم القطاع السياحي في سوريا الذي تمسكت به وجعلته أولوية لسنوات كان خاطئاً؟. ولو زادت مفاجأتها بأن أقصر طرق النهوض تمر عبر دعم الفن والإبداع.
سناك سوري _ هادي مياسة
بعد 10 سنوات من المحاولات الحكومية إرسال الرسائل للخارج بأن كل شيء بخير. بدليل انتعاش القطاع السياحي عبر افتتاح المزيد من فنادق الخمسة نجوم. لا يبدو أن الحل الذي كلّف المليارات ناجحاً في بلد يعاني أزمة معيشية واقتصادية وعقوبات خارجية. ويحتاج إلى حلول سريعة وفعالة تنقذه مما هو فيه.
في المقابل دعت كثير من الأصوات إلى الالتفات لدعم الصناعة من أجل النهوض بالاقتصاد عبر توفير فرص العمل. واجتذاب القطع الأجنبي من خلال التصدير أو توفير بدائل محلية للبضائع المستوردة توقف نزيف العملة الصعبة.
ولكن أي صناعة نريد في ظل شح الموارد وصعوبة تأمين وسائل الإنتاج؟. نحتاج صناعة لا تحتاج لاستيراد الخامات والمعدات، ولا لتجيير الموارد المحلية إليها بدلاً من القطاعات الضرورية الأخرى.
أحجية.. دعم الفن والابداع
قد يبدو الأمر كأحجية مستحيلة، ولكن الإجابة شديدة البساطة، ألا وهي صناعة الفن. فهي صناعة لا تحتاج لا للاستيراد ولا للموارد المحلية. وإن احتاجت فسيكون احتياجاً بالحدود الدنيا غير المؤثرة. وعلاوةً على ذلك فإنها تتميز بأن معظم ميزانية مشاريعها عبارة عن أجور، أي دخل للعاملين وسيولة للأسواق. كما أنها قادرة على تأمين القطع الأجنبي وخلق الكثير من فرص العمل، وهما أهم حاجتين للاقتصاد.
وبذلك يكون دعم الإبداع وتنميته هو الحل السحري لبدء التعافي والتأقلم. ونحن هنا لا نتكلم في الخيال بل هناك اقتصادات فنية ضخمة في عالمنا. والأمر لا يحتاج إلا لخلق بيئة لحماية الإبداع وتنميته.
ولا يخفى على أحد أن الحروب التي تتخذ سمة الدمار والأذى، تقابل كل تلك السلبية بناحية إيجابية أنها تخلق وتفجر الإبداع أيضاً. فلماذا لا نستثمر بما أذانا؟ ولماذا لا نحول أداة مأساتنا إلى أداة الانبعاث الجديد؟.
كيف ندعم الفن والابداع
إذا ما اتخذنا قرار تبنّي الإبداع وتنميته كمورد اقتصادي جديد، فإن ذلك يجب أن يشمل ناحيتين، أولاهما صناعة الفن وتصديره، عبر خلق تسهيلات استثمارية لشركات الإنتاج الفني والأدبي. وثانيهما تصدير الخامات الفنية كالنصوص الفنية الأصلية، وهنا يجب إنشاء وكالات فنية وأدبية تستكشف المواهب وتنمّيها وتسوقها. ويجب أن يتم كل ذلك بأمانة وحياد عبر اعتماد معيار ثابت ووحيد وهو الموهبة والإبداع بعيداً عن الأدلجة والشللية والواسطات وإلا فإننا لن نحقق أي تغيير ولن ننهض قيد أنملة.
والأهم مما سبق هو البيئة التشريعية، فلا يمكن الحديث عن نهضة إبداعية في ظل قوانين تحاسب على الكلمة إلى حدٍّ أوصلنا لمرحلة لا نجرؤ فيها على مواجهة بوّاب مؤسسة حكومية يمنعنا من حق الدخول. فما بالك بمن هو أعلى مرتبة وظيفية من البوّاب، أو بحقٍّ أكبر من حق دخول مؤسسة حكومية؟ ما يعني في نهاية المطاف أن مفتاح الدخول إلى عالم دعم الإبداع والفنون يكمن في البرلمان حيث يمكن لأعضائه اقتراح القوانين المناسبة لخلق البيئة المناسبة لإحداث نهضة فنية قد تحمل أملاً لنهوض اقتصاد البلاد.