صفوف بلا مقاعد تهدد مستقبل التعليم .. وأولويات الوزارة لفصل الجنسين وتغيير أسماء المدارس
من إدلب إلى الغوطة ودير الزور .. مدارس بدون تجهيزات وطلاب يفترشون الأرض لمتابعة دراستهم

كشفت صور تداولها ناشطون عن تهالك البنية التحتية للعديد من المدارس في مختلف المحافظات السورية حيث يداوم الطلاب فيها رغم عدم وجود مقاعد في معظمها وبقاء صفوف بعضها بلا أبواب أو نوافذ.
سناك سوري _ دمشق
العام الدراسي الذي بدأ رسمياً في 21 أيلول الماضي، شهد عودة أكثر من 4 ملايين طالب وطالبة إلى مقاعد الدراسة، وتوزعوا على نحو 12 ألف مدرسة تم وضعها في الخدمة في مختلف المحافظات بحسب وكالة سانا الرسمية.
وقال المكتب الإعلامي لوزارة التربية حينها أن مديريات التربية والتعليم في المحافظات أنهت استعداداتها لاستقبال الطلاب، من خلال إنجاز أعمال الصيانة العامة في المدارس، وشملت المقاعد الصفية، ومناهل الشرب، والمرافق الصحية، إضافة إلى تنفيذ حملات تعقيم شاملة لضمان بيئة مدرسية صحية وآمنة.
وعلى عكس الصورة المثالية التي أظهرتها الوكالة الرسمية في بداية العام الدراسي لعودة الطلاب إلى مدارسهم، فقد أظهرت الصور المتداولة بعد مضي نحو أسبوعين على بدء الدوام، وجود العديد من المدارس في مختلف المحافظات لا تحقق الشروط الإنسانية لاحتضان الطلاب والعملية التعليمية.
مدارس بلا مقاعد ونوافذ وأبواب
رصد سناك سوري صوراً لمدارس بلا مقاعد كلياً أو بدون مقاعد كافية للطلاب في عدة محافظات، ففي ريف “إدلب” توزعت المدارس الخالية من التجهيزات على قرى “الهبيط” و”أبو مكي” ومدرسة “الحمزة” في “كفر سجنة”، ومدرسة بلدة “حيش” ومدرسة “شهداء مرديخ”.

وفي “ريف دمشق” تعاني مدرسة “عبد الحكيم القصير” في “دوما” ومدرسة “بالا” في “النشابية” من نقص التجهيزات والمقاعد، الأمر الذي ينطبق أيضاً على مدارس ريف “حلب” مثل مدرسة قرية “بسرطون” في منطقة “جبل سمعان” ومدرسة بلدة “العيس” في الريف الجنوبي، إضافة إلى مدارس محافظة “دير الزور” مثل مدرسة “حسن مطر الحمادي” في “الميادين”، ومدرسة “قرية الزر” شرق المحافظة، ومدرسة “موحسن الشرقية”، كما تغيب الأبواب والمقاعد أيضاً عن مدارس مدينة “القصير” بريف “حمص”.
وذكرت مصادر محلية أن وزارة التربية استجابت لطلب مدرسة “بالا” وقامت بتأمين مقاعد للطلاب ووعدت بتقديم المزيد في الأيام القادمة.
وتكشف الصور والمعلومات أن المدارس المتهالكة ونقص التجهيزات والمقاعد والأبواب أصبح ظاهرة تشمل معظم المحافظات السورية، فيما بدا مستغرباً أن تطلق وزارة التربية العملية التعليمية في هذه المدارس دون توفير الحد الأدنى من التجهيزات المطلوبة لخلق بيئة مناسبة للطلاب لمتابعة دراستهم، لا سيما المقاعد والنوافذ والأبواب ووسائل التدفئة، وترك الطلاب يفترشون الأرض لمواصلة مسيرتهم التعليمية.
ترميم 531 مدرسة من أصل 7000 مدرسة مدمرة
قال مدير الأبنية الدراسية في وزارة التربية “محمد الحنون” أن أكثر من 7000 مدرسة لا تزال بحاجة إلى تدخل عاجل وخاصة في “إدلب” وريفها وريف “حماة” و”درعا” و”دير الزور” وريف “حلب” الجنوبي و”حمص”.
وأضاف “الحنون” في حديثه لوكالة سانا الرسمية أن نحو 60% من المدارس القائمة تحتاج لإعادة تأهيل بسبب الأضرار أو التقادم فيما لا تزال العديد من المدن والقرى تفتقر إلى وجود مدارس نتيجة التدمير الذي طال البنية التحتية خلال عهد النظام السابق.
مدير تربية درعا يشيد بقوة الطلاب الذين يجلسون على الأرض في المدارس!
واعتبر “الحنون” أن مسؤولية إعادة تأهيل المدارس لا تقع على وزارة التربية وحدها بل يجب أن تكون جهداً وطنياً مشتركاً يضم الوزارات المعنية والجهات الحكومية والمنظمات الدولية والمحلية والمجتمع المحلي وفق حديثه.
وأعلنت الوزارة أنها أنجزت أعمال ترميم شاملة لـ 531 مدرسة في مختلف المحافظات، وتمت إعادتها إلى الخدمة التعليمية بحلّة جديدة، فيما تتواصل عمليات ترميم 676 مدرسة إضافية، مع التركيز على المناطق الريفية المتضررة التي عاد إليها الطلاب بعد سنوات من النزوح أو اللجوء.
من جانب آخر، فقد تساءل ناشطون في عدة محافظات عن مصير الأموال التي تم جمعها خلال حملات التبرع التي جرت خلال الفترة الماضية، وسبب عدم استثمارها في عمليات ترميم المدارس وتجهيزها بالمستلزمات المطلوبة.
أولويات وزارية .. تغيير أسماء المدارس وفصل الذكور عن الإناث
وقبيل بدء العام الدراسي الجديد، ركّزت وزارة التربية جهودها على تعديل المناهج الدراسية وحذف ما يتعلّق بتمجيد النظام السابق، إضافة إلى مواصلة تغيير أسماء المدارس بهدف إزالة الأسماء المرتبطة بالنظام السابق، واختيار أسماء جديدة، وقد أثار هذا الملف جدلاً في أكثر من مناسبة مع حذف أسماء أدباء ورموز تاريخية لا ترتبط بالنظام.
إضافة إلى الانشغال بملف نقل مدرّسين ومدرّسات إلى أماكن عمل أخرى، والتعقيدات التي رافقت ملف دمج معلّمي الشمال السوري ضمن ملاك الوزارة، فضلاً عن تعديل جدول الحصص المخصصة للمواد الدراسية، مثل تخفيض عدد الحصص الأسبوعية لمادة اللغة الفرنسية، والاعتراضات التي خرجت في “إدلب” و”حماة” بسبب تخصيص حصص للرياضة والموسيقا بدلاً من حصص “التربية الدينية”، إضافة إلى قرارات في بعض مديريات التربية تقضي بفصل الذكور عن الإناث في المدارس الابتدائية.
وأمام هذه الملفات والتحديات، تراجعت أهمية الأولوية الأكبر المتمثّلة في ترميم المدارس وتأمين مقاعد ونوافذ وأبواب وألواح للصفوف الدراسية بما يكفي توفير بيئة تعليمية آمنة ومناسبة لطلاب المدارس السورية.