الرئيسيةحرية التعتيرشباب ومجتمع

لن أغادر منزلي سأفتح له الباب حين يعود.. عن المفقودين في سوريا

مفقودو سوريا... جرح مفتوح على مر السنين ينتظر كشف المصير

مضت 8 سنوات، دون أن تملّ جارتي من مشاركة صورة زوجها في كل مناسبة، عيد ميلاده، الأعياد والمناسبات المختلفة، وحتى نجاح الأبناء في مدارسهم. لتزيلها بعبارات الشوق وتنهيها بعبارة: “ياريتك كنت معنا”.

سناك سوري-وفاء محمد

زوجها الأشقر صاحب العينين الخضراوين كما تحب أن تصفه، انقطعت أخباره منذ هاجم “داعش” مطار “الطبقة” في “الرقة” عام 2014. ترفض الزوجة التسليم بفكرة موته، وماتزال تنتظره مع ولديها بشوق كبير وتشاركه تفاصيل الحياة في غيابه من خلال “صفحة فيسبوك”.

جارتها الأخرى ماتزال تحتضن صورة زوجها الذي فقد في “درعا” قبل نحو 9 أعوام. ترفض التسليم بموته وتنتظر.. تخبره كيف تخرّج طفليهما من الروضة وكيف يمضيان قدماً في حياتهم التي “لا تسير، متوقفة منذ غاب”. الزمن لن يعود تدرك الزوجة ذلك، لكنها تدرك أيضاً أنه لن يمضي بسهولة.

أخبرتني صديقة تعرفت عليها مصادفة عبر السوشيل ميديا، ثم توطدت العلاقة فيما بيننا لاحقاً. أنها رفضت السفر مع أهلها إلى “تركيا”، لم تشأ ترك المنزل علّ شقيقها الذي فقد قبل 10 أعوام في مكان لم تذكره يعود، وقالت لي: “من سيفتح له الباب حين يعود. أخاف ألا يجد أحداً أريد أن أفتح الباب له”. في الحقيقة لم أكترث لسماع في أي جهة هو، يكفي أني رأيت دموع وحزن إنسانة لم أصادفها ولو مرة واحدة سوى من خلف شاشة.

اقرأ أيضاً: “أم أيمن” تنتظر ابنها المختطف منذ 4 سنوات.. أحلم به كل يوم

على المقلب الآخر انتظرت “مطيعة” مع آلاف من البشر تحت جسر الرئيس في “دمشق” شهر أيار الفائت، قدوم ولدها فلذة كبدها لكنه لم يحضر. تفشل بالتوصل لقناعة أنه توفي، هي ماتزال تحلم بأن يكون معتقلاً فالاعتقال أفضل من الموت.

مقالات ذات صلة

مات والد “إياس” نهاية العام الفائت، ومع لفظ أنفاسه الأخيرة أخبر ولده بأن أشد ما يؤلمه فراق الحياة من غير رؤيته، “إياس” كان قد اختفى بينما كان في طريقه للسفر إلى “الأردن” داخل الأراضي السورية قبل نحو 7 أعوام.

الكثير من القصص المؤلمة يحتضنها هذا البلد الملكوم، أينما اتجهت هناك حكاية حفرتها الحرب، على الجدران وفي القلوب، على أسطح المنازل وفي جنبات الشوارع. لم يسلم أحد، الجميع ضحايا بطريقة أو بأخرى.

في اليوم العالمي للمفقودين الذي يصادف اليوم الثلاثاء 30 آب، مايزال ملف المفقودين من أكثر الملفات ألماً في “سوريا”، التي لا تكاد تخلو عائلة فيها من وجود مفقود. المفقودون في كل مكان في ريف اللاذقية في عدرا العمالية في إدلب وريف حلب في الرقة ودير الزور، مفقودون مختطفون، وآخرون معتقلون، وآخرون لا أحد يدري كيف اختفوا.. بينما تعيش عوائلهم هول الفقد وحاجة كشف المصير كل يوم. فتنام الأمهات محتضنة صور أبنائها ويصحوا الآباء على أصواتهم في المنام… بينما تعيش الزوجات في الانتظار والأخوة والحنين والأسرة كلها ملكومة.

يذكر أن رئيس لجنة الأمم المتحدة للتحقيق بشأن سوريا، “باولو بينيرو”، سبق له أن قدر أعداد المفقودين والمختفين قسرياً بأكثر من 100 ألف شخص منذ عام 2011 وحتى بداية عام 2022.

اقرأ أيضاً: مشهد جسر الرئيس يفتح جراح السوريين على الماضي والحاضر

زر الذهاب إلى الأعلى