الرئيسيةرأي وتحليل

شريكات لا قديسات – لينا ديوب

الأم التي يخصص لها يوم في السنة ليست محمية من العنف المنزلي

قبل سنوات طلبت من مديري أن يخصص نشاط للنساء العاملات في المؤسسة في اليوم العالمي للمرأة، رحبّ بالفكرة شرط أن تكون في اليوم المخصص لعيد الأم، عدت وطلبت منه أن يربط النشاط بيوم المرأة وبأدوارها خارج البيت، بعيدا” عن القيم والمعاني المرتبطة بمكانة الأم بالمجتمع القريبة نظريا من التقديس والتي تكرسها الثقافة السائدة في مجتمعنا.

سناك سوري-لينا ديوب

أقيم النشاط في عيد الأم وتم تكريم مجموعة من الأمهات المتقاعدات من عملهن بالدرجة الأولى كأمهات، أي اعتمادا على دورهن الانجابي، دون الاهتمام لتقديرها كعاملة ومشاركة بالاقتصاد والشأن العام.

ما قام به المدير يعكس موقف المجتمع ونظرته من النساء، أي أنهن بالدرجة الأولى أمهات، ترتبط بهن قيم البذل والعطاء والتفاني والتضحية بالوقت والصحة والمال من أجل البيت والأبناء، وهو أمر لا يمكن التقليل من أهميته، لكنه يفتح المجال واسعا” للسؤال عما بعد المكانة العاطفية للأم، ألا يتطلب تقديس الأم أن تعيش محمية داخل بيتها ومجتمعها؟ أن تدخل إلى حياة الأمومة بعمر مناسب وتمكين حقيقي يمنحها فرصة أن تختار لتصبح أما”؟.

لو عدنا إلى القوانين التي تحكم حياة الأمهات لوجدنا أنها تمييزية ولا تحمي حقوقهن بدءا من عمر الزواج، فالقانون يبيح زواجها في عمر مبكر قبل أن تنهي دراستها، كما أنه لا يحميها لجهة النفقة والحضانة وبيت الحاضنة في حالة الطلاق، والأم التي تقوم بكل الأعباء المنزلية طيلة حياتها إن لم تكن عاملة خارج البيت، قد يجعلها الطلاق بإرادة منفردة وحيدة دون معيل بعد أن يتقدم بها العمر.

اقرأ أيضا: آذار شهر المرأة – لينا ديوب

الأم التي نخصص لها يوما في السنة لنتذكر ما تقدمه من عطاء في الحمل والولادة ورعاية الأبناء، لم ننجح حتى اليوم بحمايتها من العنف الأسري والعنف الاقتصادي والعنف في مكان العمل.

المكانة التي يعطيها الدين والمجتمع للأم لا تكتمل وتتحقق إلا بمراعاة احتياجاتها، كانسان من لحم ودم تستيقظ في الصباح لتقوم بأدوارها، وليس كقديسة نتغنى فقط بعطائها وصبرها واحتمالها.

الأم إن لم تكن مهيأة للأمومة من الناحية العاطفية والجسدية والنفسية لن تستطيع أن تهتم بأطفالها وأسرتها بشكل سليم ومفيد، ولم تقدم للمجتمع أبناء أصحاء يساهمون ببنائه.

ليكن هذا اليوم للأمهات المتمكنات اللواتي اخترن الأمومة القادرة على المشاركة في حياة الأسرة وقراراتها، يتبادلن الحب والعطاء مع الأب والأبناء كشريكات لا كقديسات.

اقرأ أيضاً: العنف ضد النساء محمي بالعادات والتقاليد وقصور القانون – لينا ديوب

زر الذهاب إلى الأعلى