
يبدو أن قدوم الكهرباء لم يعد مدعاة فرح، بل تحوّل إلى ما يشبه إعلان حالة طوارئ منزلية، ومن يراقب منشورات السوريين منذ ليل أمس الجمعة، يخيّل إليه أن أفراد العائلة يتسابقون لإطفاء الأجهزة الكهربائية، فالخوف لم يعد من العتمة إنما من الضوء وتوابعه المالية، (هلا بلش الجد).
سناك سوري-منورة بأهلها
السوريون الذين اختبروا “الرفع بالتقسيط” طيلة السنوات الماضية، كانوا على موعد يوم الخميس الفائت برفع من نوع جديد (كبير لمرة واحدة)، أتاح لهم اختبار قدرتهم على الكوميديا السوداء مجدداً، وانطلقوا بمنشوراتهم والمفاجأة أن أشد مطبلي الحكومة لم يخرجوا ليبرروا القرار أو يشيدوا فيه هذه المرة.
وبدأت منشورات التوعية، فقالت “رزان”: «لك إجت الكهربا، قوموا طفوا كل شي»، متبعة منشورها بإيموجي يدمع من كثرة الضحك، سرعان ما ستتحول تلك الدمعة إلى دمعة حزن عند الفاتورة بحال لم يأخذ أصدقاؤها بنصيحتها.
لم تكن نصيحة “معتز” مختلفة إنما فصّلها بشكل أوسع، حرصاً على زيادة مقدار التوعية، فقال: «طفوا اللمبات والتلفزيون وافصلوا البراد ونزلو السخان وغسلو التياب عأيدكن»، مقدماً شكراً خاصاً للحكومة. (والمعنى بقلب الشاعر).
صفحة “قناة جيرود” تحدثت عن أفول حقبة “اجت الكهربا قوموا نلحقها”، وقالت: «وقت تجي الكهربا قبل وبعد، قبل: شغلوا الغسالة المكواية سخان المي صوبية الكهربا، بعد: طفوا السخان الغسالة الغرفة يلي مافيها حدا لا تشغلوا الضو فيها»، واعتبرت أن من يدفع ثمن الخدمة سيحافظ عليها، (طب ويلي ما معو ثمن الخدمة؟).
لم يكن منشور “بثينة” مختلفاً، حيث تحدثت عن حجم التغيير وقالت: «رح نقول اجت الكهربا قوموا طفوا كل شي .. بعد ما كنا نقول اجت الكهربا قوموا نشعل كل شي انعمى على قلبنا وناس تسفق وناس تزلغط وياحرام المضحك المبكي منتمنى ينلغى القرار بقرار يريح المواطن الفقير الغلبان».
وتوقعت أن عصر الشمعة وضوء الكاز سيبزغ قريباً، (رومنسية وأساساً السوريين متعودين عالرومنسية).
“سامر” بدأ منشوره بالترهيب والأخير أمر اعتاده السوريين دائماً، وقال: «اعذر من انذر أجت الكهرباء على السريع قوموا طفوا البراد والسخان والانارة بس تطفي الكهرباء رجعوا وصلوهم لا تقولوا ما حزرتكم بس تطلع الفاتورة».
أما “حسان” وكما كثير من السوريين تحول إلى منبه بقدوم الكهرباء، ونصح بإطفاء كل شيء «قبل ما نتبهدل ونبيع البيت لندفع الفاتورة».
وأعلنت وزارة الطاقة رفع أسعار الكهرباء يوم الخميس، وبات سعر الكيلو واط الساعي للشريحة الأولى 300 كيلو، 600 ليرة لكل كيلو، وللشريحة الثانية فوق الـ300 كيلو بات سعره 1400 ليرة، الأمر الذي يعني فاتورة شهرية بعشرات ألوف الليرات، أي 180 ألف ليرة للشريحة الأولى بنسبة نحو 18% من قيمة الراتب الذي يبلغ متوسطه مليون ليرة.
وقال مدير الاتصال بوزارة الطاقة “أحمد السليمان” في لقاء مع الإخبارية السورية، إنهم بدأوا منظومة إصلاح كاملة متكاملة، بدأت برفع السعر وإصدار تعرفة مناسبة لجذب المستثمرون بالكهرباء، وأضاف: «عندما يدخل المستثمر ويرى أن سعر الكيلو 10 ليرات، فإن هذا يعني عدم وجود مردود كاف لرأس ماله».
وقال رداً على سؤال إن كانت الكهرباء ذاهبة باتجاه الخصخصة: «ليس خصخصة تماماً، هناك استثمار بقطاع الكهرباء، حيث تأتي شركات لتستثمر بالبنية التحتية وتغييرها بالكامل».
وأكد أن الكهرباء لن ترتفع أكثر من ذلك، والسعر اليوم أصبح مناسباً.







