سوريون: بطاقة التأمين الصحي لا تغني ولا تسمن من جوع
التأمين الصحي وتعقيداته.. ابن يبيع منزله لعلاج والده المؤمَن
سناك سوري – لينا ديوب – رهان حبيب
دخل “رائد الباسط” الموظف من قرية “بكا” في السويداء 52 عاما، أحد مشافي المدينة الخاصة، وأجريت له عملية بعد كسر خطير تعرض له، فكانت كلفتها مليون ومائتي ليرة، ما دفع ابنه لبيع منزله الريفي لسداد تكاليف عملية والده الجراحية لأن التأمين لم يتحمل هذه التكاليف، حسب ماقال في حديثه مع سناك سوري.
“الباسط” سقط عن سطح منزله وأسعف منتصف العام الحالي، ما اضطره للعمل الجراحي بمشفى خاص، مشكلته تتكرر مع عمال كثر خاصة أن شركات التأمين تفرض شروط معقدة لتحمل العملية، ونسبة كبيرة من العمال لايعرفونها والمشافي لا تنبههم لها في الغالب.
أطباء لايتعاملون بالبطاقة وأطباء يتقاضون مبلغ من المؤمن عليه
المعاينة والحصول على الدواء ليست بأقل خطورة من العمليات، حيث يواجَه المؤمَنون، بحجج كثيرة يوردها الأطباء لعدم التعامل مع بطاقة التأمين، كما قال المهندس “عدنان” 44 عاما الموظف في قطاع الصحة لسناك سوري، بعد أن راجع طبيب بولية متعاقد مع التأمين :«قدمت البطاقة ورفض الطبيب العمل بها بحجة أنه غير متعاقد مما تطلب مني دفع معاينة 3 آلاف ليرة، وعشرة آلاف ليرة ثمن الدواء».
خدمات التأمين الصحي للعاملين مع العلم أنها لم تكن مرضية منذ البداية تضاءلت وفق “أكثم الوقية” رئيس نقابة عمال الطباعة والإعلام في “السويداء” حيث يُسجل في النقابة شكاوى تزيد عن العشرة شهرياً، منها عدم تجاوب الأطباء مع المواطنين كون نسبة كبيرة منهم يرفضون التعامل بالبطاقة تحت ذرائع مختلفة أبرزها ضعف الانترنت، وعدم توفر الوقت لإدخال البطاقة، وغيرها من الحجج التي أفقدت المؤمَنين “على الأقل في قطاعه”، خدمات مثل المعاينة ومايتبعها من تحاليل طبية، ووصفة الدواء وأجور العمليات كما في حالة “رائد الباسط” الذي راجع النقابة والتي بدورها تابعت طلبه دون جدوى، حسب “الوقيه”، الذي أوضح :«حاولنا مع ممثلي شركات التأمين ولم نصل لحلول مرضية لواقع التعامل مع العمال، حيث يُشترط القيام بعدة إجراءات قبل العملية، وفي الغالب المريض يدخل بحالة إسعافية وبعض المشافي الخاصة تتجاهل البطاقة، وهنا يضطر المريض لدفع الأجور مع العلم أن الاقتطاع الشهري من الراتب رفع من 250 إلى 500 ليرة».
اقرأ أيضاً: التأمين… حق العمال الذي يصادره “المُشغّل” فهل تعيده الحكومة؟
حال عمال الطباعة لايختلف عن باقي القطاعات فلا إلزام للأطباء، ونسبة ليست قليلة منهم تتقاضى مبلغ يحدده الطبيب حتى بعد إدخال البطاقة يبدأ من ألف ليرة فأكثر، كما بين “عدنان “العامل في قطاع الصحة كونه راجع طبيب القلبية وطلب منه مبلغ إضافي بحجة أنه أجرى تخطيط قلب أو إيكو مع أن هذه الخدمات مغطاة.
الأدوية والتصوير والتحاليل عملية معقدة
تقول “صالحة” 55 عاماً موظفة في مديرية المصالح العقارية أن ثلاثة من الأدوية العصبية، رفضت الصيدلية صرفها لها عبر بطاقة التأمين، وبقيت الإجابة عن السبب غير واضحة أو مفهومة النسبة لها، مرة تكون أن التشخيص غير صحيح، وفي مرة أخرى الحالة غير مغطاة، تقول:«هي ذات الدوامة التي ندخلها عند صرف الوصفة التي ندفعها بالكامل لأن المريض يمل الأخذ والرد دون فائدة و كذلك في التحاليل والصور الشعاعية».
اقرأ أيضاً: الحكومة ستدعم الفلاح لكن قوانينها لا تسمح.. أطباء يستغلون بطاقات الضمان (عناوين الصباح)
في المقابل تبدي السيدة “تغريد مصطفى” الموظفة في وزارة الصناعة رضى عن الخدمات التي تحصل عليها من بطاقة التأمين الصحي، تقول لسناك سوري: «أحتاج لمراجعة طبيب الغدة أكثر من مرة خلال العام مع إجراء التحاليل اللازمة وجميعها مغطاة بالنسبة الأكبر، بعض الأطباء المتعاقدين لا يأخذون كشفية أبداً والبعض يأخذ نسبة مقبولة، وهذا قبل موجة الغلاء الأخيرة».
بينما تشتكي السيدة “نجوى” الموظفة في جريدة الثورة أنها رغم استخدامها القليل لبطاقة التأمين، فهي عند مراجعة إحدى الطبيبات المتعاقدات دفعت ألف ليرة كشفية، ولم توافق الشركة على صرف الأدوية التي طلبتها لها الطبيبة.
من جانبه يقبل الطبيب “أحمد عباس” جميع المرضى المؤمَنين مكتفياً بالتعويض الذي يحصل عليه من شركة التأمين وهو حسب تسعيرة نقابة الأطباء الرسمية، حسب قوله ويوضح لسناك سوري: «التسعيرة قليلة جداً وهي غير متوافقة مع موجات الغلاء المتتالية، لكن غالبية المرضى موظفون ولا يملكون القدرة على دفع المزيد».
وعن الأجر الذي يتقاضه الطبيب المعاقد مع التأمين يقول الطبيب المخبري “باسل خيربك” (متعاقد مع التأمين)، «المؤسسات العامة حددت سعر الوحدة الطبية 300 ليرة، بينما الشركات الخاصة 600 ليرة، ومع الغلاء المستمر لم تعد هذه التسعيرات مناسبة، وهناك شركات تغطي كامل التحاليل لموظفيها مثلا: تمت الموافقة لمريضة على تحاليل بقيمة 70200 ليرة».
اقرأ أيضاً: نقيب الأطباء: أطباء سوريون سافروا إلى الصومال لأن الراتب أفضل
عقد وتسعيرة
«عقدنا مع شركة التأمين منذ بداية العام، أي قبل الغلاء» تقول “زينب” من دائرة التأمين الصحي في مؤسسة الوحدة وتضيف بما يخص الدفع للأطباء وتغطية التحاليل: «لكل موظف حصة هي خمسة آلاف للأمراض والتحاليل و350 ألف للعمليات الجراحية»، أما الطبيب “خالد حنيدي” مدير التسويق في شركة غلوب ميد فيقول لسناك سوري: «التعرفة التي يتقاضها الطبيب بشكل خاص قد تصل إلى 10000 ليرة، وربما أكثر عند بعض الأطباء والأسماء المعروفة والمشهورة، ونحن كشركات إدارة نفقات طبية اعتمدنا تعرفة قد تكون مرضية لغالبية الأطباء وتبلغ 3000 ليرة وفي بعض الأحيان يفرض علينا أن نتعاقد مع أطباء من ذوي الخبرة ومنهم من هو مطلوب أن يكون ضمن الشبكة الطبية وهؤلاء يتقاضون مبالغ إضافية لأنهم يرون أن المبلغ الذي يدفعه التأمين مجحف بحقهم ومنهم من يرفع التعرفة نتيجة الظروف الاقتصادية دون الرجوع إلينا ويقوم باقتطاع الفرق من المريض وعندما تصلنا شكوى من هذا النوع نقوم بحلها بأن نوقف العقد مع هذا الطبيب حتى يتم التوصل لصيغة اتفاق ترضي جميع الأطراف».
فيما يخص الموافقة الطبية من قبل شركة إدارة النفقات الطبية، يقول “حنيدي”: «تقسم الوثائق التأمينية إلى عدة أقسام هي: وثيقة الأفراد والتي تعتمد الموافقة فيها على الشروط الاكتتابية بشكل كبير، حيث أن جميع شركات إدارة النفقات الطبية هي شركات تنفيذية تنفذ بنود العقد، ووثيقة المجموعات تكون فيها الشروط أقل من المتعلقة بالأفراد عامة، لكن هناك شروط أخرى، فبعض الشركات تغطي الأدوية الوطنية فقط ولا تغطي الأدوية المستوردة، والبعض الآخر يحدد الموافقات بحد مالي محدد لا يجوز للمريض تجاوزه و عليه فإن قسم الموافقات في شركة إدارة النفقات عليه أن يطبق الشروط المنصوص عليها من الناحية الاكتتابية والمادية، و لا ننسى القرار الطبي الذي يحتاج أحيانا لإستكمال الملف الطبي من ناحية الفحوصات و الإستقصاءات ليصار إلى إعطاء الموافقة الطبية بالشكل الأمثل و الذي يخدم مصلحة المؤمن».
نسبة من العاملين باتوا يتناسون التأمين كونه خذلهم ويتحملون خسارة حقوقهم خاصة في الظروف المعاشية الحالية بعد أن ارتفعت تكلفة المعاينة والدواء عدة أضعاف، وكنا تابعنا مطالبة نقيب الأطباء برفع التعرفة للمعاينة لعدة أضعاف بما يتناسب مع دخل الموظف في الهنولولو!
اقرأ أيضاً: مطالب نقابية باعتبار وفيات كورونا من الأطباء والصيادلة شهداء