سوريا: نساء أجبرنّ على الاختيار بين ترك الدراسة أو الطلاق
ميساء و نور.. شابات وجدن في التعليم قيمة رغم استهجان المحيط
تتعرض بعض السيدات لتجارب، تجبرهن على الزواج قبل إتمام تعلميهن على الرغم من تفوقهن ورغبتهم بذلك، ومنهن من ترضخ للزواج على أمل أن تكمل الدراسة بعده لكن كثيرات يصطدمن بالمفاهيم والعادات والتقاليد وتسلط الأزواج، والأمر الأسوأ أنهن في حال الإصرار على متابعة تعليمهن يكون خيارهن إما الطلاق أو الدراسة.
سناك سوري – رهان حبيب
توضح “نور” التي تركت المدرسة في صفها الثامن الاعدادي، لتتزوج تحت ضغط والديها من شاب يعمل الخليج، أنها لم تكن على اتفاق معه لكنها اضطرت للاستمرار بالحياة الزوجية مدة 11 عاماً إلى أن انتهى الأمر بها بالطلاق، وأنجبت منه طفلين لكنها عانت كثيراً حتى تتمكن من التسجيل في معهد خاص لتحصل على شهادة الثانوية العامة بسبب معارضة زوجها وأهله حتى أنها تعرضت للضرب، إضافة للانتقادات التي وجهتها لها والدة زوجها السابق، بأن زوجها يؤمن لها كل شيء فماحاجتها للدراسة كما أن زوجها كان دائماً يستخف بما تقوم به.
خلال فترة زواجها عاشت “نور” وحيدة مع أهل زوجها في “السويداء”، بينما كان هو بالخليج “يزورها كل عامين مرة واحدة وقد فرض عليها ضغطاً كبيراً حتى أنها حرمت مرات كثيرة من الخروج من المنزل لوحدها، لكنها قاومت إلى أن حصلت على شهادتها الثانوية وسجلت بعدها بالجامعة الافتراضية قسم الهندسة المعلوماتية.
وتضيف لـ”سناك سوري”: «حاولت إقناع زوجي لننتقل للعيش معه، ولجأت للدراسة لأشغل وقتي وأحصل على ما يقوي شخصيتي ويساعدني على التأسيس لحياة مستقرة مع أولادي، فالشهادة بالنسبة لي حماية لأنني لم أثق بزوجي وأنه قادر على حمايتي وولداي من تدخل أهله، وكان أن استغلوا فرصة غيابه وطردوني من منزلي، اليوم أنا لوحدي ألتقي بأولادي ساعات قصيرة حصلت على عمل بسيط في محل بدخل لا يتجاوز 75 ألف وتم الانفصال وأجبرت على التنازل عن حقوقي، وسأتابع امتحان الفصل القادم لأعيد أولادي إليّ فالتعليم وبقاؤهم بجاني حلمي الكبير لعل الأيام تساعدني على تحقيقه».
اقرأ أيضاً: بتهمة الطلاق وعدم الإنجاب.. حبس فتاة 5 سنوات
بدورها “ميساء الزغير” 30 عاماً خاضت معركة الزواج وكانت روحها الناجية الوحيدة من ضغط وتشتت، لم تشأ أن يدمر مستقبلها لتتابع دراستها الجامعية في كلية الفنون الجميلة وهي أم لطفل عمره ثلاث سنوات، رغم استهجان المجتمع والصورة النمطية التي اقترنت بأن المرأة المطلقة لن يكون أمامها فرص كثيرة وفق تعبيرها.
تقول “الزغير” في حديثها مع سناك سوري:« من حسن حظي أن أبي وأمي وأخي احتضنوني لكنني أيضاً لم أكن بسلام كان المجتمع يفرض تدخله، وكان التعبير عن الاستهجان والاستخفاف حتى عن رغبتي بمتابعة التعليم والسفر وطبعاً خلال الزواج كنت أسمع تعليقات من المحيط كان من الممكن أن تضعف همتي»، مشيرة إلى أنها وجدت في كرم الأب ومساعدة الأم التي اعتنت بطفلها بشكل كامل عونا لكنها أيضاً لم تكن قريبة من زوار الأهل واختارت الانعزال في غرفة صغيرة أسمتها “سقيفة” وضعت بها ألوانها وأدواتها الفنية وابتعدت عن الحياة الاجتماعية لتحصن نفسها من سؤال سخيف أو تأنيب أو انتقاد.
وتضيف:« لا يعرف أحد حجم المسؤولية التي تتحملها الأم عند الانفصال وتحمل مسؤولية طفل وما يرتب عليها ذلك كنت معلمة فنون وعندي راتب لا يكفي بعض الطلبات لابني، ولولا والدي قد أعجز عن توفير حياة بسيطة له خلال أربع سنوات أحضر بها مشاريعي وأدرس حتى بعد التخرج، والتخطيط للسفر واجهت اعتراضاً كبيراً من المحيط لكنني سافرت».
اليوم “ميساء” تمارس عملها الفني في الإمارات، وانتقلت مع ابنها ووالدتها بمساعدة الأخ لتؤسس لحياة جديدة، وتقول أنها لم تحقق إلا جزءاً من الطموح وتعرف أنها ستتابع حتى تستقر هي وابنها بمكان يكفل الراحة والهدوء والحياة التي تحلم بها.
اقرأ أيضاً: غياب بعض القوانين وحيادية بعضها الآخر لا يحقق حماية النساء من العنف