الرئيسيةتقاريرشباب ومجتمع

سوريا: قصص نساء تعرضنَ للتحرش وانتصر لهنّ القضاء

سيدة تقدمت بدعوى ضد متحرش في تركيا وانتزعت حقها بعد التواصل مع الأنتربول

لا يوجد نسب رسمية حول مدى انتشار ظاهرة التحرش بالنساء في سوريا. لكن تروي العديد من السيدات تعرضهنّ للتحرش، بينما نجحت أخريات بانتزاع حقوقهنّ بعد التقدم بشكوى رسمية.

سناك سوري-ريم بدره

كانت الشابة العشرينية “زينب” في طريق عودتها من منزل صديقتها في حي “النقعة” بمدينة جبلة. حين تعرضت للتحرش المباشر من قبل شابين على دراجة نارية لا تحوي “نمرة”. حيث أمسكها أحدهما من خصرها، ثم فرّا مبتعدين ضاحكين على صوت صراخها وشتائمها بحقهما، كما تقول.

لم تكن الساعة قد تجاوزت الـ8 ونصف خلال شهر آب 2023، كما أن المارّة كانوا متواجدين على بعد أمتار قليلة من الشابة. مضيفة لـ”سناك سوري” أن الإنارة كانت متوسطة ونجحت بالتعرّف إلى ملامح الشابين أحدهما يبدو كبيراً قليلاً بالعمر. والآخر ربما لم يصل لسن الـ18 وفق “زينب”.

تقول الشابة إنها كانت لتقدم شكوى رسمية لو أن للدراجة النارية لوحة أرقام. وتضيف أنها سمعت بقصص تحرش مشابهة وغالباً ما كان مرتكبو الفعل على دراجات نارية غير منمّرة. مطالبة بفرض رقابة على الموضوع.

الشكوى انتهت بعبارة “مرقيلنا ياها”

كانت “مايا” 26 عاماً موظفة بأحد مراكز حماية النساء من العنف في العاصمة دمشق. متوجهة إلى مدينتها من كراج العباسيين. وكان الكراج مزدحماً جداً و”تدفيش”، حين شعرت بيد على كتفها من رجل يبدو كبيراً في السن. تقول الشابة لـ”سناك سوري”، إنها سألته “ليش عم تعمل هيك”. وأخبرها أنه فقط يحاول إبعادها ليصعد إلى الباص.

لكنّ الشابة لم تقتنع وتوجهت إلى شرطة الكراج تشتكي عليه. حيث كان الخوف والارتباك واضحان عليه وهو يصرّ أنه لم يقصد ما فعله. ووصفها بأنها مثل “بناته”، لترد عليه “ما بعرفك لكون متل بناتك”. ثم تدخل الشرطي وقال لها “مرقيلنا ياها هالمرة”. وبالفعل مرّقت.

التحرش بالنساء في سوريا نتيجة الظلام

“مايا” سبق أن كانت شاهداً على قصة تحرش جرت أمامها في أزقة “الدويلعة” حيث الظلام الدامس مساءً يعتبر بيئة خصبة للمتحرشين، الذين يستغلون الظلام بلمسات سريعة وخاطفة لأجساد النساء.

الظلام في أزقة الدويلعة

 

تقول الشابة، إن شاباً كان يدور على دراجته الهوائية بحركات عشوائية ثم اقترب من فتاة تمشي أمامه وضربها على مؤخرتها. ثم لاذ بالفرار، ليبدو الارتباك على الشابة ما شجع المتحرش على العودة والمحاولة مجدداً. لكن تصادف مروره من أمام “مايا” التي قامت بسحبه عن الدراجة والصراخ بوجهه ما أدى لتجمهر الناس. فأخبرتهم بما فعله ليتعرض المتحرش للضرب عوضاً عن تسليمه للشرطة.

الظلام في شوارع الدويلعة

وتفرض بعض المجتمعات المحافظة على الفتيات والنساء عدم الإفصاح عن أي محاولة تحرش يتعرضن لها في أي مكان وزمان. سواء أكان التحرش لفظياً أو جسدياً من شخص قريب أو غريب. واضعين المرآة تحت عباءة الخوف من الفضيحة التي تمس جزءا من شرف العائلة.

لكنّ “مايا” تمكنت من كسر تلك الصورة النمطية والتمرّد عليها من خلال مواجهة المتحرش مرتين. الأولى حين تعرضت للموقف والثانية حين رأت فتاة تتعرض للموقف أمامها. وهو ما يمكن أن يشجع النساء على المواجهة عوضاً عن الاكتفاء بالهروب.

حوادث تحرش انتصر لها القضاء السوري

شارك المحامي والمستشار القانوني، “رامي هاني الخير”، مع سناك سوري بعض قضايا التحرش التي وصلت إلى المحكمة. وقال إنه وُكِّل في إحدى دعاوى التحرش بعد أن أبلغت إحدى الفتيات إدارة مدرستها عن تحرش والدها بها.

لتقوم المدرسة بإبلاغ المحامي كما قال، وأضاف أنهم تقدموا بالشكوى المناسبة عن طريق تنظيم معروض للنيابة العامة. التي بدورها حولت الدعوى لإدارة الأمن الجنائي ليُلقى القبض عليه ضمن الأطر القانونية والتحقيق معه. وإحالة الدعوى إلى قاضي تحقيق وقاضي الإحالة ومحكمة الجنايات، كون الفتاة تحت السن القانوني، واندرج جرم والدها ضمن إجراء أفعال منافية للحشمة، وعوقب بالسجن نحو ثمانية سنوات.

وفي حالة أخرى أفاد “الخيّر” بأن في أواخر العام 2023 فُقِد زوج إحدى السيدات دون معرفة ظروف اختفائه. بعدها تعرفت السيدة إلى شخص أوهمها أنه بإمكانه إيجاد زوجها، فتطورت العلاقة بينهما لتصل إلى الاستغلال والابتزاز الجنسي.

وبدأ الشخص بمطاردة السيدة في كل مكان محولاً حياتها إلى جحيم، لتقرر رفع دعوى ضده توكل فيها “الخير”. الذي قال إنه نظم معروضاً وجّه إلى النيابة العامة في دمشق ومن بعدها لإدارة الأمن الجنائي لاستكمال التحقيقات وفق نص القانون. وتطبيق الأساليب الرادعة لإنهاء عملية الابتزاز والاستغلال.

ومن إحدى الحالات التي أخبر المحامي بها “سناك سوري” فتاة مقيمة بدمشق تعرّفت على شاب مقيم في تركيا. حصل الشاب بعد علاقة حب ربطته بالفتاة على صور خاصة بها، وبدأ بابتزازها. يضيف المحامي: «اضطررنا نتيجة ذلك لتحريك معروضنا وادعائنا في سوريا وتركيا عن طريق الانتربول الدولي. والسلطات التركية وتمكنا من ردع الشخص وانهاء ملف الابتزاز».

أنواع التحرش

المحامي “رامي الخيّر” بيّن لسناك أن حالات التحرش بالنساء في سوريا التي تحدث في الشارع تنقسم لنوعين (جسدي، معنوي). وفي حال تعرّضت أي فتاة للتحرش من شخص مجهول هناك صعوبة من ناحية عدم وجود عناصر قوى أمن داخلي. فيكون الاعتماد على وعي المجتمع، ويضيف المحامي أن على الفتاة الإعلان عن الأمر بالصراخ وإخبا من حولها بأن أحد ما تعرّض لها. ما يتيح إمكانية أن يتم إمساك المتحرش وتقديمه للشرطة.

المحامي قال إن المتحرش بهذه الحالة يأخذ توصيف إما جرم أفعال منافية للحشمة أو المنافية للحياء والعقوبة تصل لثلاث سنوات حبس. أما في حال كان التحرش معنوي (التلطيش) تصل العقوبة لمدة 10 أيام ويسمى بالحبس التكديري.

في الختام تمنى المحامي والمستشار القانوني “رامي الخيّر” من المشرّع السوري سن قوانين رادعة أكثر لحماية النساء.

يذكر أنه لا يوجد قانون للتحرش في سوريا وإنما هناك مواد في قانون العقوبات السوري تتناول هذا الموضوع علماً أنه قانون موضوع منذ العام 1949. ولم تشمل مواده المتعلقة بالتحرش أي تعديل منذ ذلك الحين.

ويذكر موضوع التحرش ضمن قانون العقوبات السوري في كل من مواده  505 و506 و507 التي يرى حقوقيون أنها فشلت في إيجاد نص قانوني يضمن حقوق المرأة في حال تعرضت للتحرش.

زر الذهاب إلى الأعلى