العاملات المنزليات.. قلق من الديسك والتهاب الأعصاب وقانون ضعيف الحماية
سناك سوري-لينا ديوب
أكثر ما يقلق “أم مالك” ذات الـ38 عاما من عملها في خدمة البيوت، هو اعتلال عمودها الفقري، وإصابة يديها بالتهاب الأعصاب، وكل ما تتمناه من القانون أن يؤمن تأمين صحي لعملها كما تقول.
“أم مالك” كغيرها من نساء كثيرات، اضطررن إلى العمل في خدمة البيوت مع نهاية سنة 2012، بعد أن أُجبر زوجها على ترك العمل في مدينة “دوما”، ولم يكن أمامها سوى البحث لتأمين لقمة عيش أبنائها الثلاثة.
تخرج من بيتها في إحدى ضواحي “دمشق” الشمالية في يوم العمل من الساعة السابعة صباحا لتعود في الرابعة بأجر ثلاثة آلاف ليرة تشتري بهم بطريق عودتها طبخة لنفس اليوم، وفطور لصباح التالي، وما تبقى (خرجية لأطفالها).
تتمسك “أم مالك” بعملها لأن فرصة العمل التي حصلت عليها في إحدى المؤسسات الحكومية لا يتجاوز راتبها الـ17000 ليرة شهريا، دون تثبيت أو تسجيل بالتأمينات، وتحتاج يوميا لأربعمائة ليرة مواصلات، وكذلك الحال بالنسبة للمعامل والمشاغل القريبة من منطقة سكنها، فالعمل يبدأ هناك بالسابعة صباحا ولا ينتهي إلا الرابعة والنصف عصرا براتب 45 ألف ليرة ودون تسجيل بالتأمينات.
تُجبر “أم مالك” في مرات كثيرة للخروج إلى عملها رغم المرض، لأن زوجها طيلة سنوات الحرب لم يحظَ بفرصة عمل ملائمة، فقد عمل في إحدى السنوات في قلب “دمشق” عندما كانت المعارك والقنص شغالة على طريق عودته للبيت، مما يضطره للنوم في المشغل الذي يعمل به وصاحب المشغل يقفل عليه مع نهاية الدوام ويمضي، واليوم بعد أن تجاوز الخامسة والأربعين من عمره لا يقبل أحد تشغيله.
اقرأ أيضاً: “سمية” حين تصوم الأم 16 ساعة من العمل!
لعنة الوسيط
تمتنع الكثيرات عن الإفصاح عن أي معلومة عن المكتب أو الوسيط الذي يؤمن لهن فرصة العمل، سواء تنظيف بيوت أو مكاتب تجارية، خوفا من تهديداته، لأنهن لا يعرفن أن هناك قانون يرخص عمل المكاتب، تقول “حياة” التي فقدت زوجها بإحدى التفجيرات، أنها تخرج وشقيقتيها صباحا من قريتهن جنوب شرق دمشق إلى مناطق مختلفة منها أقربها جرمانا، وأبعدها مشروع دمر، وفي مرات كثيرة يأخذ قريبنا جزء من أجرنا لأنه هو من يؤمن لنا البيوت التي تحتاج خدماتنا، وشقيقة حياة الصغيرة مقيمة عند إحدى السيدات المسنات في مدينة جرمانا دون تأمين وبأجر شهري لا يصل إلى الخمسون ألف مع عطلة أسبوعية ليست دائمة، لأن أولاد السيدة أحيانا لا يأتون للنوم عند والدتهم.
القانون
في ورشات عمل سابقة لوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، ولم يكن حينها عدد العاملات المنزليات كبيراً كما هو اليوم، كانت الوزارة التي أصدرت قانونا ينظم استقدام العاملات الأجنبيات، تؤكد على عدم تشجيع السوريات على هذا النوع من العمل، وبالتالي لاتهتم لقوننته، لكن بعد الحرب صدر القانون رقم “10 لعام 2014” الخاص بتشغيل العاملات المنزليات السوريات وتعليماته التنفيذية التي تُنظّم في بنوده الإجراءات الإدارية للمكاتب.
القانون ركّز على مُستحقات الحكومة من المكاتب كالبدل النقدي الواقع على كنف طالب الترخيص والبالغ 150،000 ليرة سورية في المرة الأولى و50،000 ليرة سورية لتجديد الترخيص السنوي أو افتتاح فرع جديد، وكفالة نقدية أو مصرفية مشروطة غير قابلة للإلغاء مقدارها 5،000،000 ليرة سورية تُقتطع بحكم قضائي.
أما فيما يخص حقوق العاملات أو العمال المنزليين فقد ألزمت المادة الـ9 منه تسجيل العامل المنزلي في صندوق إصابات العمل لدى فروع المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية في المحافظة التي يقيم فيها وذلك خلال فترة عمله. لكن لم يُرخص حتى تاريخ كتابة هذه المادة سوى مكتب واحد وهو حديث العهد ولم يبدأ بالعمل لنحكم على كيفية التطبيق.
والقانون الذي يضم مواد تعاقب من يخالف شروطه في التنفيذ، لا يضم بالمقابل مواد تحمي العاملات، وبالتالي مع الخوف من فقدان فرصة العمل لدى السيدات المحتاجات، تبقى الحماية القانونية ضعيفة إن لم نقل معدومة، والقانون بحاجة لتعديل جديد ضامن لحقوقهن.
اقرأ أيضاً: هل لدينا إجراءات رادعة لوقف العنف ضد النساء؟ – لينا ديوب