سناك سوري _ زياد محسن
لم يكن حجم التغيير الخجول في التشكيلة الحكومية الجديدة والذي اقتصر على 5 وزراء اثنان منهم بلا حقيبة، أول المؤشرات على استمرار الوضع على ما هو عليه في البلاد.
فمنذ بداية الحرب أو الأزمة لم يخرج عن “دمشق” بوادر تغيير في طريقة التعامل مع الأحداث الملتهبة باستثناء خطوة واحدة ربما لم يقدّرها البعض في حينها ولم يحسن الكثيرون استثمارها تمثّلت في تغيير الدستور الذي عاش أكثر من 3 عقود وإقرار دستور جديد عام 2012 أسقط سلطة “البعث” عن كاهل الدولة والمجتمع ولو نظرياً، وحدّد مدة البقاء في الرئاسة بولايتين مدة كل منهما 7 سنوات، الأمر الذي شكّل خطوة متقدمة جداً مقارنة بالدستور السابق.
باستثناء ذلك، واصلت “دمشق” تقديم سرديتها للأحداث كما فعلت منذ لحظة 15 آذار 2011، وبنت استراتيجية عملها وفق تلك السردية القائمة على وجود مؤامرة خارجية تستهدف البلاد وعملاء في الداخل ينفذون تلك المؤامرة، وتم تدريجياً نسيان من كان يصفهم مسؤولو السلطة بـ”أصحاب المطالب المحقة”.
مع توهج الحرب والمعارك طويت صفحة المطالب وفتحت صفحة المواجهة الدموية على مبدأ إما الحياة أو الموت، فيما بدت سردية “دمشق” أكثر إقناعاً مع تصدّر المتشددين الإسلاميين واجهة العمل المسلح ضد السلطة، وإعلان كيانات المعارضة “السياسية” الولاء المطلق لـ”أنقرة” ما بدا إثباتاً لما كانت تتهمهم به السلطة.
منذ العام 2015 لم تنتصر الفصائل المسلحة أمام الجيش السوري إلا باستثناءات قليلة سرعان ما ردّت بهزيمة، وانحسر تواجد الفصائل تدريجياً ليقتصر على “إدلب” ومناطق ريف “حلب” الشمالي وبعض المناطق في الجزيرة السورية والتي تمت السيطرة عليها فعلياً بقوة التدخل التركي المباشر وليس بقوة الفصائل، لتظهر تحولات خارطة السيطرة الميدانية أن “دمشق” هي الطرف الأكثر انتصاراً على الصعيد العسكري.
لكن السياسة في المقابل لم تكن رياحها تجري كما جرت رياح الميدان لصالح “دمشق”، فأظهرت العقوبات الاقتصادية الأوروبية والأمريكية أثرها الواضح على الداخل لناحية قرب الاقتصاد من الانهيار كما لم يحدث في أوج الحرب، في ظل معاناة المدنيين من تلك الآثار التي ضربت صميم حياتهم اليومية وجعلت أبسط مقومات العيش حلماً.
مواجهة أزمة العقوبات كانت بالنسبة لـ”دمشق” شبيهة بمواجهة أزمة 2011، استمرار في الحديث عن مؤامرة وعن خبث الغرب وشرّه دون الإقدام على خطوات محلية ملموسة تواجه الحصار بفاعلية ودون اتخاذ خطوة على مستوى الحل السياسي أملاً في إنهاء تلك المعضلة.
ومع الاستمرار في العقلية ذاتها والسردية ذاتها ورمي أعباء الأزمات على شمّاعة الخارج المتآمر يبدو الشارع السوري أقل أملاً أكثر من أي وقت مضى، ولعل حديث شبان وشابات “سوريا” عن أحلامهم بالهجرة أكثر الأدلة عن مدى خطورة الوضع القائم، في بلادٍ باتت أحلام أهلها مغادرتها ولن يثنيهم عن ذلك سوى كلمة سر واحدة تدعى “التغيير” أقلها في العقلية.
اقرأ أيضاً:حكومة عرنوس: وزير في سابع حكومة واستعانة باثنين من حكومات سابقة