أخر الأخبارالرئيسيةتقارير

سوريا تدخل أزمة إنسانية معقدة بظل انحسار التمويل والاهتمام الدولي

وسط الظروف الحالية في سوريا.. هل تراجع المنظمات الأممية حساباتها؟

دخلت سوريا أزمة إنسانية معقدة من مساء الخميس 28 تشرين الأول عقب سيطرة جبهة النصرة على حلب ونزوح مئات الآلاف وتعطل الحياة التجارية والاقتصادية وغياب المسلتزمات الضرورية للسكان.

سناك سوري _ حلب

توقفت أعمال مئات آلاف السوريين في محافظة حلب التي تعد من المدن التي يعتمد سكانها على أعمال المياومة والدخل اليومي غالباً. وأغلقت معظم المحال التجارية في المدينة وافتقدت الأسواق للاحتياجات الضروية للسكان.

بينما خرجت عشرات المصانع والمعامل وغادر أصحابها المدينة ما قد يؤدي لفقدان عشرات الآلاف وظائفهم ومصادر دخلهم.

من جانب آخر عجز آلاف الموظفين الحكوميين وفي القطاع الخاص عن قبض رواتبهم بوقت كانوا بأمس الحاجة نظراً لنهاية الشهر وصرفهم رواتب الشهر السابق أصلا. علماً أن الرواتب أصلاً زهيدة ولاتلبي احتياجات السوريين.

مقالات ذات صلة

بالمقابل نزح قرابة 500 ألف مواطن سوري من حلب باتجاه مناطق أخرى من سوريا في سلمية وحماة وحمص ودمشق والحسكة واللاذقية وطرطوس. بعضهم أقام في مراكز ايواء وبعضهم في مناطق لأقربائهم. بينما لم يتم بعد إحصاء عدد الجرحى والمصابين نتيجة المعارك والاشتباكات والذين يحتاج بعضهم رعاية طبية دائمة.

هذا الواقع يجعل السوريين في حلب والنازحين منها ومن مناطق أخرى بحاجة لمساعدات إنسانية متنوعة أغذية وخبز للعائلات. حفوضات وحليب للأطفال، خيام وأغطية وفرش. مواد صحية ومستلزمات نظافة امتداداً لإيجارات المنازل وتكاليف التعليم ..إلخ. من تدخلات إنسانية أساسية وضرورية ويومية.

حلب تشهد أكبر عملية نزوح في تاريخها هرباً من تقدم النصرة في أحياء المدينة – فيسبوك

أزمة إنسانية وشح بالتمويل الدولي

تأتي الأزمة الإنسانية في سوريا في نهاية السنة المالية لمعظم المنظمات الإنسانية والتي عادة ما تبدأ دورتها المالية ومشاريعها في كانون الثاني من كل عام. بالإضافة لتراجع التمويل الدولي المخصص لسوريا وتدني اهتمام المانحين بتقديم المساعدات إلى سوريا.

حيث أعربت الدول المانحة للمنظمات خلال الأشهر الماضية عن عدم اهتمامها بزيادة الدعم المالي للاستجابة لاحتياجات السوريين النازحين من لبنان خلال الحرب هناك. وقالت مسؤولة في مكتب الأمم المتحدة في دمشق لـ سناك سوري أن معظم الدول المانحة أخبرتهم بعدم قدرتها على زيادة التمويل. بينما بعض الدول قدمت دعماً إضافياً في شهر تشرين الأول قدر بحوالي 10% من الاحتياجات.

المشهد ذاته يتكرر اليوم بحسب ما يؤكد المصدر ذاته لـ سناك سوري مشيراً إلى أنهم يعانون نقصاً حاداً بالتمويل وعدم قدرة على تلبية الاحتياجات. وأشار إلى أن المشكلة تواجه المكتب في دمشق وكذلك في غازي عنتاب. مشيراً إلى استحالة تلبية احتياجات السكان في حلب والنازحين منها إذا لم تقدم الدول المانحة أموالاً إضافية واستثنائية استجابة للوضع الراهن.

مصدر في مجموعة العمل الإنسانية الخاصة بسورية في الأمم المتحدة أكد أن الاجتماع الأخير الذي عقد في بروكسل لمجموعة المانحين الأساسية لسوريا كان مخيباً للآمال بالنسبة للأمم المتحدة. ودعا الدول المانحة إلى إعادة النظر بالتمويل الخاص بسوريا منبهاً إلى مخاطر انقطاع المساعدات عن السكان بهذا الشكل وخروج الوضع في سوريا عن السيطرة. مؤكداً أنهم خاطبوا الدول المانحة حول الاحتياجات الطارئة في سوريا نتيجة أحداث حلب ويأملون الاستجابة.

وكانت “نجاة رشدي” نائبة المبعوث الأممي الخاص لسوريا قد دعت المانحين لزيادة دعم المساعدات الإنسانية والعمل على مشاريع التعافي المستدامة. وقالت في تغريدات لها على تويتر  أن كل المؤشرات في سوريا تسير في الاتجاه الخاطئ: تدهور أمني، وانهيار اقتصادي، وأزمات إنسانية. لقد فرّ أكثر من 550 ألف شخص من القصف في لبنان إلى سوريا، 75% منهم من النساء والأطفال، حيث تواجه المجتمعات المضيفة أصلاً من نقص حاد في الموارد. ورغم أهمية المساعدات الإنسانية العاجلة، فإننا بحاجة ماسة إلى تعزيز جهود التعافي المستدامة.

برنامج الغذاء العالمي يشتكي نقص التمويل ويعدل خططه في سوريا

أعلنت الأمم المتحدة بداية العام 2024 أن عدد السوريين الذين يحتاجون للمساعدة ارتفع إلى أكثر من 15 مليون شخص. وسط تراجع هائل في تمويل برامج المساعدات الإنسانية المخصصة للسوريين. ومضي قرابة 13 عاماً دون التوصل لحل للأزمة السورية.

ومع موجة النزوح من حلب أعلن البرنامج عن جملة من الاحتياجات والفجوات التي يواجهها وقال إنها:

• المواد غير الغذائية: الملابس، والمراتب، والبطانيات، والمصابيح الشمسية، وعلب المياه، وأدوات المطبخ.

• المساعدات الغذائية: وجبات ساخنة وحصص غذائية جاهزة للأكل.

• المساعدة الطبية والإمدادات الطارئة.

• معدات النظافة/الكرامة ومواد تنظيف المأوى.

دخول جبهة النصرة حلب
مسلحون من جبهة النصرة أمام مشفى في حلب – فيسبوك

استجابة الحكومة السورية للنازحين

خصصت معظم المحافظات السورية أرقام استجابة خاصة بالنازحين من مدينة حلب هرباً من منازلهم عقب سيطرة النصرة على المدينة الجمعة الفائت. في وقت تعاني سوريا من صعوبات عديدة تشكل تحديات حقيقية أمام الاستجابة من بينها تراجع حجم تمويل الأمم المتحدة للاستجابة الإنسانية في سوريا.

وفي الوقت الذي أعلنت الحكومة أنها بحالة انعقاد اجتماع دائم لمحاولة مساعدة أهالي حلب سواء داخلها أو خارجها. قالت وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل إنهم مستمرون بصرف المعاشات التقاعدية لضمان وصول الدعم المالي لمستحقيه. بما في ذلك المتقاعدين الذين اضطروا لمغادرة منازلهم في حلب.

بالتزامن مع حركة النزوح الكبيرة والتي قدرت بأكثر من 500 ألف نازح، أعلنت الحكومة عن عدة مراكز إيواء مثل معسكر الطلائع في طرطوس. والحرجلة بريف دمشق إضافة إلى مراكز إيواء أخرى في اللاذقية وحماة ودمشق لاستيعاب النازحين الذين خرجوا من منازلهم بثيابهم. ما يزيد من حجم احتياجاتهم للملابس والطعام. بالتزامن مع ذلك بدأت الاستجابة المجتمعية لتقديم المساعدة ما أمكن.

وقالت عضو المكتب التنفيذي في محافظة ريف دمشق، “آلاء الشيخ”، إنهم وحتى تاريخ الثاني من كانون الأول الجاري استقبلوا 53 عائلة في مركز إيواء “الحرجلة”، مع توفير جميع المستلزمات الأساسية من غذاء ودواء. حسب مانقلته عنها صحيفة “الثورة”.

وأضافت “الشيخ” إن عوائل أخرى تقيم لدى أقاربها في منطقة السيدة. إضافة إلى عوائل أخرى في مركز الدوير والتنمية الريفية في يبرود. مشيرة أن كل المراكز مجهزة بالكامل وتم تقديم كافة الخدمات للنازحين.

بدورها أعلنت محافظة اللاذقية، استنفار كافة المؤسسات والتعاون مع المنظمات غير الحكومية وكافة الأطراف الأخرى، لتقديم الدعم وتأمين متطلبات النازحين من حلب، الذين يقيمون في مراكز إيواء مجهزة مثل مركز الباسل، وذكرت المحافظة أنها جهزت العديد من مراكز الإيواء الأخرى، مثل شاطئ النخيل وشاليهات نادي الضباط واتحاد العمال والمدينة الرياضية.

وفي دمشق أعلنت المحافظة تجهيز مراكز إيواء بالتعاون مع المؤسسات الحكومية لاستقبال النازحين من حلب. كذلك الحال في حماة وطرطوس التي استقبلت النازحين في مركز إيواء الطلائع.

تأتي الأزمة الإنسانية في حلب الآن بظل وضع سوري معقد وتدهور في الوضع المعيشي وحاجة السوريين الماسة للمساعدة الإنسانية. فهل يغير الواقع في حلب من مواقف الدول المانحة ويحفزهم لتقديم المساعدات الإنسانية وتخفيف معاناة السوريين.

زر الذهاب إلى الأعلى