“سوريا”.. “الجريمة الإلكترونية” تهدد الأطفال طويلي اللسان!
سناك سوري-رحاب تامر
«يلعن هالكهربا»، تقولها طفلتي ذات الـ4 سنوات والنصف وسط دهشتي، بعد انقطاع الأخيرة في غمرة متابعة ابنتي لبرنامجها المفضل “ماشا والدب”!.
سرعان ما أمتص حالة الغضب، وأدخل معها بجدلية الشتائم وكم من العيب على صبية حلوة مثلها أن تقولها، لا يبدو أن ابنتي تكترث لكل كلامي، تنتظر انتهاء محاضرتي لتقول لي بينما تعلو وجهها نظرة ساخرة: «ليش الكهربا عالم حتى عيب نسبها»!.
أحاول مجدداً إفهامها أن المشكلة بإطلاق الشتائم وليس في الأشياء المستهدفة منها، بينما يبدو أن الأمر لم يقنعها لتنتهي الجدلية بعبارة: «أعطيني المبايل احضر يوتيوب»، يخيل إلي أنها ربما أكملت العبارة بقلبها «وخلصينا»!، وأنا مطيعة جداً أنصاع لأوامرها هروباً من أسئلة أكبر من أن أمتلك إجاباتها!.
معاناة صديقتي تبدو أكبر قليلاً من معاناتي، حيث لا يتوقف ابنها الصغير عن ترديد عبارة «يلعن أخت هالحالة»، عند كل طلب ترفضه والدته، تقول صديقتي: «في كل مرة يقول ولدي الصغير عبارة ما أحمد الله ألف مرة أن مراقبي الجريمة الإلكترونية بعيدون عن حياتنا الواقعية، اللهم أبعدهم أكثر كما أبعدت المسؤولين عن قضايانا المعيشية!».
ابنة جارتي هي الأخرى، تشاركنا بأحاديثنا السياسية البسيطة جداً، تردد مفردات مثل، “الإرهابيين الكلبين”، “المسلحين البشعين”، وتتجرأ أكثر لتتحدث عن “الفساد الحقير”!.
شقيقها الصغير قال لي في جلسة قهوة مع والدته: «بابا كمان السنة مارح يجبلي تياب العيد لأنو يلي بيعطوه راتبو بخيلين مابيعطوه كتير، مع انو رفيقي حسان اشترى تياب حلوين لأن أبوه بيروح يومين وبيرجع بكيس مصاري هو هيك بيقلي، ياريت بابا يعمل متلو»، تقاطعه جارتي بالكثير من الصراخ وتقول لي إن امتعاض زوجها من الأوضاع المعيشية الصعبة سيخرب بيتها.
يبدو أن صعوبة حياتنا نحن الكبار تنعكس على الصغار، فلا نحن بقادرين على كبت قهرنا (جراء الحرب والله)، ولا هم قادرون على إلغاء ظاهرة “الببغاء” التي يمتازون بها (شي بيشبه النسخ لصق يلي منشوفو بالصحافة)، والأهم من هذا كله فإن رواد الحياة الواقعية البعيدون عن الفيسبوك يشكرون الله على نعمة “الجريمة الإلكترونية”.
اقرأ أيضاً: “سوريا”.. قريباً كتاب علاج العجيان من دعايات رمضان!