سوريات يرسمن حكايا عن التحرش والاغتصاب والتعصب بالخيط والابرة
السويداء: 35 امرأة وثقن معاناتهن بالأعمال اليدوية
سناك سوري – رهان حبيب
على ناصية الحكايا وقفت ٣٥ امرأة سورية اجتمعن في مشغل “فجة خرق” للبسط التراثية وسردن في قصصهن وجع نساء عانين من تعصب تحرش أو اقتربن من قصص تعرضهن لأنواع من الظلم وقسوة الحياة حكوا وصاغوا الحكايا ونقلوها لوحة فنية بالخيط والقماش.
“خلود هنيدي” مديرة المشغل تحدث لـ سناك سوري عن فكرة المعرض الذي بدأ من جلسات اتفقت بها النساء على كسر حاجز الصمت والحديث عمّا يؤرق النفس وعن تجارب حقيقية صيغت بطريقة أدبية لتكون موضوع لوحة فنية.
تقول “هنيدي” عن بداية الفكرة: «النساء في المشغل يتبادلن القصص بشكل عفوي خاصة أن كل منهن قادمة من مكان وكانت فكرة ابنتي أننا يمكن أن نحول هذه القصص لأعمال فنية، وكانت البداية بالتدريب على القص الأدبي والإنشاء ومن بعدها التدريب على الرسم أو التطريز إضافة لما تعرفه السيدات عن النول والكروشيه».
انضم للعاملات سيدات رغبن بالمشاركة وسردن قصصاً جديدة بعمل استمر عدة أشهر و جمعن رصيداً كبىراً من القصص لنساء كسرن حاجز الصمت وتكلمن ورسمن حكاياهن بجرأة ووضوح، وجاءت على شكل لوحات كولاج وتطريز وكروشيه وركايات والتي كانت وسيلة النساء لمناصرة القصص النسوية وتوثيقها كبداية لسرد حقيقي وحشد يشجع النساء على التحرر.
اقرأ أيضاً: “التحرش الجنسي” يجمع “البنات والشباب” على “فنجان قهوة”
“عبير بلان” خريجة تربية وعلم نفس تقول:« تعلمنا كيف نحكي القصة لإخراجها من الذاكرة وعندما بدأنا بالتطبيق على القماش كانت حالة توثيق لكل منا لما أردنا أن نوصله للعيان وكان للحديث والرسم والتطبيق، أثر في تخفيف العبء النفسي الكبير الذي تحمله النساء وتجد صعوبات كبيرة بالتعبير عنه بفعل عدم تقبل المجتمع وكان السرد مزيج دموع وتنهيدات لكنه حالة تحرر من ألم لنشجع النساء على التعبير والابتعاد عن خنق الحكايا في داخلنا».
كان السرد مزيج دموع وتنهيدات لكنه حالة تحرر من ألم عبير بلان
تتحدث إحدى المشاركات التي رسمت قصة سيدة تحكي عن حالة اغتصاب تعرضت لها طفلة حاولت تركها دفينة في نفسها حتى جاءت الظروف لتعيد على مسامعنا ذكرى يعتبر سردها من المحرمات وتخبرنا عن معاناة نساء وشابات عايشن التجربة لأن الصمت عنها لايعني أنها لاتحدث.
“هدى ه” المدرسة المتقاعدة نقلت في لوحتها “اغتصاب” قصة من عشرات القصص مستثمرة ألوان الأحمر والأسود بعدة أساليب تداخل فيها الرسم والكتابة والكولاج والتطريز ليحمل رسالتها مع العلم أنها ليست فنانة وتقول:«تدريب مشترك خضناه في محاولة للبحث عن طريقة صادقة لمناصرة قضايا النساء في هذه البقعة التي التقت فيها بفعل الحرب نساء من كل أنحاء سوريا».
لكن “ناديا”من “حمص” رسمت من مأساة زواج القاصرات قصة قريبتها وما تعرضت له من ضغوط حتى نجت بعد قصة زواج مبكر وإنجاب ومعاناة توثيق الزواج وضغوط الأهل وهفوات القانون.
الأعمال التي ‘عرضت في قاعة “زوم” بمدينة “السويداء” بحضور جمهور كبير من الرجال والنساء ألصق على زاويتها ملخص للقصة يحكي بعض تفاصيلها واسم صاحبتها كنوع من تأكيد خطوة التحرر من قيود الصمت لإرضاء المجتمع.
كما تحدثت الشاعرة “مها هنيدي” المدرسة المتقاعدة التي قامت بصياغة نصوص القصص و نقلت الحكايا إلى ملخصات تحاكي ماجاء في الأعمال من أفكار رغبت لو أنهم أجروا التجربة وسردوا القصص باللغة المحكية لتكون أقرب لنفوس القراء وهي التي شاركت بصناعة كلوب عرضت فيه قصة طفل عانى من حالة تقزم ومراحل نموه مع مواهبه وفق ما عاشت كأم وبعيون كل السيدات لتجارب الأبناء التي لايمكن للكلام أن يصفها ولعل العمل اليدوي يكون أكثر قدرة على الإفصاح.
“نسرين الحسين” وأخواتها ناقشن هموم العمر التي تحاصر الشابات والنساء وتقف حجر عثرة في طريقهم لتحقيق الأحلام لتجسد “نسرين” بالكولاج ابنتها راقصة الباليه وهموم التجربة لفتاة اعترضت طريقها صعوبات لكنها أصرت على الوصول ونجحت.
الأعمال التي حاكت واقع النساء وصفها “نبيل رشيد” أستاذ اللغة الانكليزية الذي حضر المعرض بالقول:« لم تكن القصص فقط منحازة للنساء لأن النساء والرجال يكملان الحكايا معاً وإن سردت النساء قصصهن فإن الوجع مشترك في عدة تفاصيل».
المترجم “عدنان عزام” يرى أن «المعرض بداية لحالة مناصرة فعند المرأة خزان القصص ومن وجهة نظري ليست الأعمال قطع فنية فقط هي قضايا وعمل مجدي لتصدير القصص وتوثيقها فقد تكون ملهمة لمشاريع قادمة فنية».
اقرأ أيضاً: “فجة خرق”.. نساء تلاقين في مهنة أبعدتهن عن آلام الحرب والنزوح