الرئيسيةيوميات مواطن

سقط النظام فارتفع قلمي.. حرية الصحافة

سقط النظام ومعه مخاوف "بيت خالتي"

سقط النظام! بدا الخبر كما لو أني أشاهد فيلماً سينمائياً من عالم الخيال. لكن الخيال السوري بإسقاط الأبد البعثي لم يعد خيالاً ولا حلماً. قد أصبح حقيقة واقعة فجر الثامن من ديسمبر 2024.

سناك سوري _ هبة الكل

كنتُ أجلس في منزلي بريف دمشق مع تهافت الأخبار، يغلبني النعاس تارة ليصحو بي تقدّم الفصائل ذلك اليوم، حيث أبواب دمشق بعد أن أغلقها ” الأسد” وأغلق علينا كلّ حلم جميل في هذه البلاد.

سقط الأسد وهرب في ليلة من ليالي الأنس السّورية، وأنا أسمع صوت إطلاق الرصاص وتكبيرات الناس وهتافاتهم فرحاً برحيله، وكنتُ أتساءل:

 ما الذي سقط مني بسقوطه؟

رغم سياسة التهميش والحرمان وتكميم الأفواه، لم أتوقع في يوم من الأيام تلك اللحظة التي سنردد فيها نحن صحفيو وصحفيات سوريا عبارة:

” وأخيرا.. صار عنا صحافة الحرة”

صور عن الحرية , صور رائعه عن الحرية - قصة شوق

كنتُ أتابع منشورات زملائي وزميلاتي وتحرّرهم من أسمائهم المستعارة، وأشعر وكأنها أحباش يختفون وراءها خوفاً من ملاحقة أمنية أو بطش النظام البائد.

أمّا اليوم فأقولها وعلى الملأ:

نعم سقط مني كل الخوف والرهبة تجاه إعجاب بمنشور لا يرضي ذوق الحكم، أو مشاركة مقال لمعارض لهم أو حتى متابعته. واليوم بتُّ أتابعهم دون أن اضطرّ لأمحو قائمة البحث عنهم خشية أن يقع جوالي في يد التفييش.

سقطت مني كافة الحسابات الصحفية، فلم يعد هناك مادة محظورة عن الدراسة والاستقصاء، ولم أعد أرفض أية دعوات للمشاركة بإطلالات إعلامية على قنوات كانت تحسب على المعارضة.

فاليوم كل فكرة عندي قابلة لأن تكون مادة صحفية أو مشاركة إعلامية دون رقيب ولا تحذير من أن يُقال لي “بدك ياخدوكي على بيت خالتك“.

بسقوط النظام سقط مني هاجسٌ كان يؤرقني مع كل عملية فحص وتمحيص في كلّ كلمة كنت أكتبها في موادي الصحفية أو منشورات أنشرها على مواقع التواصل الاجتماعي، على أن تفهمها حكومة النظام كما تريد، ووفق سياستها التي لا يمكن أن تخضع لنقد أحد، وتضعها في خانة “النيل من هيبة الدولة”.

أنا هبة بسقوط النظام سقط مني كل من يظن أنه فوق القانون أو العدالة الإلهية.

سقطت مني كلّ حكومة تجد نفسها فوق التناول الصحفي، ليرتفع قلمي.

 

زر الذهاب إلى الأعلى