سرق مقالات “كاتب مأجور” وخرج إلى الفضائيات كـ”دكتور وكاتب ومدرب دولي”!
السوري.. الظروف أحياناً تضطرك إلى بيع مقالاتك لتصبح مقالات شخص آخر مقابل "2000" ليرة لتشتري خبزاً لأطفالك الصغار!
(قاتل مأجور أو كاتب مأجور) لا فرق . فكلاهما واحد. لكن في الأولى قد ترتكب جناية بحق أحدهم. قد يكونوا إثنين الوجع أو ثلاثة أو حتى عشرة. لكن في الثانية فجنايتك كبيرة. إذ المجني عليه أمة كاملة إن أخطأتْ تصويب قلمك.
سناك سوري – شاهر جوهر
لهذا أريد أن أكتب اليوم لعلنا نستطيع أن نصوّب سلاحنا بالاتجاه الصحيح. لأنه من المهم أن أروي قصة كيف لأحدهم أن يستأجر كاتباً ليصل إلى ما وصل إليه. فهي قصة عن الطامحين في هذا البلد.
بدأت الحكاية قبل سنتين. وقتها كان أستاذ اللغة الثلاثيني قد أنهى ثلاث سنوات في السجن وقد خرج منه مجرداً من حقوقه المدنية والسياسية بتهم قال له محاميه أنها “واهية”. فتزوير العملة في القانون لا يعتبر مساس بهيبة الدولة.
في تلك الأثناء التفت حوله فوجد أن مستقبله لم يعد ممكناً في السلك الحكومي. لهذا عمل مدرساً في معهد خاص في العاصمة. من ثم وببصيرة ثاقبة يبدو أن أفكار ”فرنان فانديريم“ قد أعجبته. وعلى رأسها تلك التي تقول أن «الأخلاق ككل أنواع الحمية تحظر كل ما هو لذيذ» . لهذا انخرط بشهوة في صفوف إحدى أحزاب معارضة الداخل (تلك المرضي عنها). وسرعان ما ارتدى ربطة عنق ببيون سوداء. فوق بدلة أنيقة. وأعاد تصفيف شعره الخشن للوراء ما جعله جذاباً للجنس الناعم. تماما كما يحبذ أن يظهر نجوم هولييود على السجادة الحمراء . لانها أيضاً من مسلمات أي راغب بالتطور.
كان طَموحاً ولا أجد ما يشبهه أكثر من ”جيك جلينهال“ بالتحديد في فيلمه “NIGHTCRAWLER” . أقول ذلك لأنه مثل بطل الفيلم الصحافي (ليو بلوم) طَموح ويحقق النتائج. لكن بأسلوب ملتوي قليلاً. (للأمانة باسلوب ملتوي بالقدر الذي يخطط فيه أي عربي يرغب بأن يكون رجل سياسة).
اقرأ أيضاً:
لهذا رغب لأن يكون نافذاً في الحزب فكانت بوابته لذلك مجلة الحزب الداخلية. فالكتابة الجيدة تحفظ سمعة صاحبها كما يحفظ الملح اللحم. لكنها ليست بالنسبة له أكثر من كونها إحدى أنواع الوجاهة أو إحدى شعائر الشعوذة الحزبية. لهذا استغل سحره. فاستأجر كاتباً مغموراً في منطقة خرجت عن سيطرة الحكومة باكراً ليكون الكاتب المأجور الخاص به. ليس بكرة زجاجية تحقق ما يرميه في المستقبل يسبقها بكلمتي (آبرا كادابرا). إنما بمبلغ قليل من المال كان كافياً ليشتري به أحدهم ربطة خبز لأبنائه. يتبعها وبكل أريحية كلمة (يسلمو).
أعرف ذاك الكاتب جيداً فما أعرفه عن هذا الشاب أنك من النادر أن تجد مثله يكتب بذاك الحذر. لكن العوز والحاجة كانا سبباً ليقبل أن يعمل لديه وفق شروطه. أي تعهد بكتابة ما يطلبه منه مقابل أن يذيّل المقال باسمه هو. لا إسم صاحب كاتب المقال. مقابل أجر يقدر بألفي ليرة على كل مقال.
كتب له مقالات عديدة. في السياسة وفي الاقتصاد. في الاجتماع وحتى في الدين. ولربما في الطبخ. وفي لقائه قبل الاخير على قناة محلية. استوت مذيعتان شقراوتان في جلستهما لتعرّف إحداهن المشاهدين على ضيف حلقتها الجديدة :
(نرحب بضيف حلقتنا الدكتور فلان. دكتوراه في اللغة. كاتب سوري و مدرب دولي في البرمجة اللغوية العصبية. وعنوان حلقتنا “تقنيات إدارة الوقت”).
وطوال ساعة كاملة وهي مدة الحلقة. وأنا أفكر كيف لتقنيات إدارة الوقت أن تجعلك خلال سنتين أستاذاً جامعياً. وكاتباً سورياً. و مدرب دولي في البرمجة اللغوية العصبية وأنت مجرّد من حقوقك المدنية والسياسية بتهمة تزوير العملة. أقصد بتهم “واهية”.
اقرأ أيضاً : ليس في حديثي سياسة بل “زكزكة”