رويترز: السجون السورية تكتظ بمعتقلين بلا تهمة .. السلطة ترِث معتقلات الأسد وانتهاكاته
مئات المعتقلين لأسباب أمنية .. وتوثيق 11 حالة وفاة خلال الاحتجاز
كشف تحقيق أجرته وكالة “رويترز” عن اعتقال أكثر من 829 شخصاً لأسباب أمنية منذ سقوط نظام بشار الأسد في 8 كانون الأول 2024، وأن السجون تكتظ اليوم بسوريين اعتقلتهم القوات الحكومية دون توجيه اتهامات رسمية لهم.
سناك سوري _ متابعات
وأوضحت الوكالة أن مقابلاتها مع ذوي المعتقلين وأشخاص احتجزوا سابقاً، ومراجعتها لقوائم المحتجزين في 7 مراكز احتجاز وعدة تقارير عن الاكتظاظ في السجون أظهرت أن عدد المعتقلين الأمنيين أعلى بكثير من الرقم الذي تمكّنت من تحديد.
وتابعت أن ما لا يقل عن 28 سجناً ومركز احتجاز من عهد “الأسد” عادت للعمل مجدداً خلال العام الجاري، إضافة إلى إرسال معتقلين لأسباب أمنية إلى سجون كانت تديرها “هيئة تحرير الشام” في “إدلب”.
فرع الخطيب يحتفظ بتقاليد التعذيب رغم سقوط النظام .. إجبار شاب مسيحي على اعتناق الإسلام
الوكالة قالت أنها وثّقت ما لا يقل عن 11 حالة وفاة خلال الاحتجاز، بما فيها 3 حالات قالت عائلاتها إنها لم تعلم بوفاة أبنائها إلا بعد دفن جثامينهم.
المتحدث باسم مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان “ثمين الخيطان” قال بأن اللجنة غير قادرة على إعداد سجل للاحتجازات الأمنية، ولا يزال من الصعب تحديد عدد الأفراد الذين ما زالوا محتجزين وعدد المفرج عنهم، وعدد الحالات المصنّفة كإخفاء قسري، مشيراً إلى أن بعض العائلات قد تتردد في الإدلاء بمعلومات خوفاً من العواقب.
اعتقالات العسكريين
يشير التقرير إلى حملات الاعتقال التي طالت عسكريين من الجيش في عهد الأسد كان كثير منهم مجندين قسراً وكان بعضهم ضباطاً، وتم احتجازهم في مواقع شهدت انتهاكات سابقة ولا توجد قوائم بأسمائهم كما لم تفصح السلطات عن أماكن احتجازهم.
لكن بعض هؤلاء حصلوا على العفو بعد وساطات غير رسمية من قياديين مجتمعيين وناشطين ورجال دين، أو تدخل مباشر من اللجنة العليا للسلم الأهلي.
احتجاجات في حلب بعد وفاة شاب تحت التعذيب .. والأمن الداخلي يعلن تحمّل مسؤولياته
أما الموجة الثانية من الاعتقالات الواسعة فكانت في آذار 2024 بالتزامن مع “مجازر الساحل” حيث انتشرت تهمة الانتماء لـ”فلول النظام” واستهدفت “العلويين” بشكل رئيسي، وتلتها حملة اعتقال جماعية أخرى بالتزامن مع أحداث “السويداء” في تموز والتي شهدت أيضاً مجازر طائفية، فيما يشير التقرير إلى أن عمليات الاعتقال طالت كثيرين من أبناء الطائفة السنية بتهمة ارتباطهم بالنظام السابق، وناشطين حقوقيين، ومواطنين مسيحيين قالوا أنهم تعرضوا للابتزاز للحصول على معلومات أو أموال، ومواطنين من الطائفة الشيعة تم اتهامهم بالارتباط بـ”إيران” و”حزب الله”.
ظروف غير إنسانية في المعتقلات
تنقل الوكالة عن سجين سابق في سجن عدرا بدمشق، أن السجناء كانوا يضطرون للنوم على جوانبهم بسبب الاكتظاظ الشديد في الزنازين، ولم يكن هناك أدوية أو مياه ساخنة للاستحمام، فيما كان الغذاء اليومي يقتصر على بضع حبات من الزيتون والتمر وقطعة خبز واحدة.
الأمر ذاته ينطبق على المراكز الأمنية في “كفرسوسة” و”المزة” والتي كانت فروعاً أمنية في عهد النظام السابق.
طلب فدية من عائلات المعتقلين
قالت 14 عائلة و4 محامين لوكالة “رويترز” أنهم تلقوا طلبات مالية مقابل إطلاق سراح معتقل، ولم يكن معظمهم متأكداً من هوية المتصل، فيما يطلب من العائلات مبالغ عشوائية تتراوح بين 500 إلى 15000 دولار، مقابل الإفراج عن المعتقل العادي إذا كان “فلاحاً أو عاملاً أو مجنداً”، أما عائلات الضباط وأصحاب النفوذ في عهد النظام السابق فتلقوا مطالب تصل إلى مليار ليرة سورية تعادل نحو 90 ألف دولار.
حادثة جديدة .. أنباء عن وفاة شاب تحت التعذيب بمخفر شرطة في حلب
بينما يوثّق التقرير شهادات لأشخاص تعرّضوا للاعتقال على يد قوات الأمن الداخلي وتنقّلوا في عدة مراكز احتجاز، قالوا أنهم تعرّضوا لشتائم طائفية وتعذيب جسدي شديد بطرق كانت تستخدم لدى أجهزة الأمن في عهد الأسد مثل “الدولاب” و”الشبح” و”حفلات الاستقبال”، وعرض التقرير بعضاً من الصور التي توثّق إصابات لمعتقلين قالوا أنها حدثت لهم بسبب التعذيب.
كيف ردت الحكومة السورية؟
يذكّر التقرير في بدايته بتعهدات الرئيس الانتقالي “أحمد الشرع” بإغلاق السجون التي كانت تغصّ بالمعتقلين ومثّلت رمزاً للتعذيب والقتل والانتهاكات في عهد الأسد.
وردّت وزارة الإعلام على التقرير بالقول أن الحاجة لتقديم المتورطين بانتهاكات نظام الأسد إلى العدالة، تفسّر العديد من الاعتقالات وإعادة فتح بعض مراكز الاعتقال، مشيرة إلى أن عدد المتورطين في الجرائم والانتهاكات في ظل النظام السابق كبير جداً، مضيفة أن هناك جرائم سابقة وتورط في انتهاكات جديدة وتهديدات للأمن والاستقرار من قبل المرتبطين بالنظام، إضافةً لجرائم أخرى.
وفاة يوسف اللباد خلال احتجازه تثير تساؤلات حول أداء الأجهزة الأمنية
وقالت الحكومة السورية أن من الضروري إعادة بناء المؤسسات القانونية والقضائية والأمنية بعد سقوط نظام الأسد، مضيفة أن هذا الواقع الصعب يفضي إلى فراغات تؤدي لعواقب وخيمة تخالف السياسات في بعض الحالات، كما أعلنت عن محاسبة 84 عنصراً من قوات الأمن بسبب عمليات ابتزاز للمحتجزين، و75 عنصراً آخرين ارتكبوا أعمال عنف.
يذكر أن وزارة الداخلية السورية أصدرت الشهر الماضي مدونة سلوك للعاملين في صفوفها، نصّت على وجوب حماية حقوق الإنسان وتعزيزها بما يشمل صون كرامة الإنسان وحقوقه وحرياته والامتناع عن أي شكل من أشكال التعذيب أو المعاملة القاسية والمهينة أو الإساءة اللفظية أو السلوكية، وحسن التعامل مع المتهمين أو المشتبه بهم واحترام حقوقهم خلال التحقيق.







