رواتب أقل وفواتير عالية.. كيف انعكس سعر الصرف وبالاً على الشباب؟
المضاربة تتسبب بخسائر كبيرة للشباب السوري العامل عن بعد برواتب دولارية
![](https://snacksyrian.com/wp-content/uploads/2025/02/Messenger_creation_0659C51A-37F8-426E-9080-88417D0B3370.jpg)
انعكس انخفاض سعر الدولار في السوق السوداء، وبالاً على كثير من الشابات والشباب السوري الذين يعملون مع شركات خارجية بنظام العمل عن بعد وبمدخول يتم تحديده بالدولار، وهذه الشريحة لم تسلم لا من ارتفاع الدولار ومارافقه من تضييق أمني على تسلّم حوالاتهم بالدولار زمن النظام السابق، ولا من انخفاضه اليوم حيث باتوا يتقاضون رواتب أقل من السابق مع بقاء فواتير الاتصالات على حالها.
سناك سوري-داليا عبد الكريم
“جيهان” شابة عشرينية من “درعا” جنوب البلاد، تعمل في مجال كتابة المحتوى مع عدد من مدونات التنمية البشرية والأعمال في الإمارات، قالت لـ”سناك سوري”، إنها تستلم قيمة حوالتها بالدولار، حيث يصل الراتب ليد شقيقها في الإمارات، الذي بدوره يرسله لها عبر مكاتب الحوالات غير الرسمية، والتي تقوم بتسليمها الحوالة باليد.
تضيف “جيهان” أنها باتت اليوم تحصل على قيمة حوالتها بالدولار وليس بالليرة السورية كالسابق، مشيرة أن آخر حواله استلمتها كانت منتصف كانون الثاني الماضي، وحين ذهبت لتصريف الدولار لم تدفع شركات الصرافة أكثر من 9500 ليرة للدولار الواحد، على الرغم من أنه كان حينها بالمركزي بسعر 13 ألف ليرة وعلى صفحات الفيسبوك 12 ألف ليرة.
وعلى الرغم من انخفاض سعر صرف الدولار في السوق السوداء من 15 ألف ليرة قبل سقوط النظام إلى نحو 9000 ليرة اليوم، إلا أن نشرة أسعار العملات الخاصة بالمصرف المركزي لم تخفضه أبداً عن 13 ألف ليرة، الأمر الذي اعتبره خبراء اقتصاد مؤشراً على أن السعر الرائج اليوم وهمي والحقيقي لدى المركزي، لكن شركات الحوالات والصرافين لا يلتزمون ولا يجدون من يحاسبهم.
لحسن حظ “جيهان” فإن فواتير الاتصالات ليست بالكبيرة، كونها مشتركة بشبكات خاصة تابعة للأردن، عبر وسيط سوري، بسعر لا يتجاوز الـ105 آلاف ليرة لكل 75 غيغابايت.
نشرة أسعار العملات الخاصة بالمصرف المركزي لم تخفضه أبداً عن 13 ألف ليرة، الأمر الذي اعتبره خبراء اقتصاد مؤشراً على أن السعر الرائج اليوم وهمي
للأسف حظ “نبوغ” التي تعيش في اللاذقية ليس مشابهاً، فمهندسة الحواسيب العشرينية تدفع شهرياً 750 ألف ليرة ثمن باقتي إنترنت، لإتمام عملها كمنسقة ومدققة في مدونة أعمال مقرها الإمارات العربية المتحدة.
تقول “نبوغ” لـ”سناك سوري”، إن آخر راتب حصلت عليه كان يوم 3 شباط الجاري، كحوالة وصلتها عبر شركة الفؤاد، التي احتسبت الدولار بسعر 8500 ليرة، ما أفقد الشابة نحو 50% من قيمة راتبها، وفي الوقت ذاته فإن قيمة الباقة الشهرية لم تتغير.
في السابق كانت “نبوغ” تحصل على حوالتها باليد بسعر 14500 ألف ليرة للدولار، وإن اضطرت لاستلامها عبر الشركات المرخصة أصولاً مثل الفؤاد أو الهرم، فقد كانت تلك الشركات تحسب الدولار حينها وفق نشرة المركزي، أما اليوم تقول الشابة إنه لا يوجد أي ضوابط على عملها الأمر الذي يتسبب بخسائر كبيرة للشباب العاملين عن بعد برواتب محددة بالدولار، وهي غالباً ليست كبيرة ولا تتجاوز الـ300 دولار بأحسن الأحوال.
تطالب “نبوغ” أن يُفرض على الشركات تسليم الحوالات بقيمة دولار المركزي، وتتساءل إن كانت تلك الشركات ستبقى تعتمد السوق السوداء بحال ارتفع سعر الدولار فيها مجدداً؟
وكان مدير فرع شركة الهرم في طرطوس، “عدنان طيارة”، أكد لـ”سناك سوري” مطلع كانون الثاني الفائت، أن قيمة الحوالات تسلم وفق مايعادلها بالليرة السورية حسب نشرة البنك المركزي لا زيادة ولا نقصان، ومع ذلك سأل سناك سوري 7 أشخاص تلقوا حوالات مؤخراً من الهرم في دمشق وبانياس واللاذقية وأكدوا أن التسليم يكون وفق سعر السوق السوداء.
تسليم الحوالة بالدولار
في “حلب” حصل “أحمد” صحفي يبلغ من العمر 32 عاماً، على مستحقاته بتاريخ 25 كانون الثاني الفائت، عبر شركة حوالات غير رسمية، خيّرته بين أن يستلم حوالته بالدولار أو بالليرة السورية، واختار أن يحصل على جزء منها بالدولار والباقي بالليرة السورية واحتسبت الشركة له سعر الدولار الواحد حينها بـ11500 ليرة سورية.
يقول “أحمد” لـ”سناك سوري”، إن الأسعار لم تنخفض قياساً بانخفاض الدولار، الأمر الذي تسبب له بخسارة نحو ثلث مستحقاته، يضاف إلى ذلك أن أجور المواصلات التي يحتاج استخدامها لتجهيز مواده وتصويرها بات أعلى بعدة أضعاف، وأضاف: «الأسعار نزلت قليلاً، لكن ارتفعت أجور المواصلات، واليوم بات تصوير المادة يكلفني بمقدار 3 أضعاف عن كلفة تجهيزها سابقاً مع انخفاض قيمة الراتب نتيجة انخفاض سعر صرف الدولار».
نبوغ شابة تعمل بنظام العمل عن بعد، خسرت نحو نصف راتبها بسبب سعر الصرف، ومازالت تدفع ثمن الباقات نفسه شهرياً 750 ألف ليرة.
السعر وهمي!
وكان وزير الاقتصاد في حكومة تسيير الأعمال، “باسل عبد الحنان”، قال في تصريحات نقلتها الوطن المحلية، إن التذبذب في سعر الصرف سببه مضاربات التجار، مؤكداً أن السعر وهمي، وأضاف أن مصرف سوريا المركزي والجهات المعنية سوف تتدخل لتثبيت سعر الصرف.
وحتى تتدخل الحكومة لتثبيت سعر الصرف وفرض السعر الحقيقي على شركات الصرافة، فإن الشباب الذين يكافحون للحصول على مصدر رزق من عملهم الأونلاين، سيتعرضون للمزيد من الخسائر وسط أزمة معيشية خانقة، تجعل كثير من الشباب يعملون لإعالة أسرهم وعائلاتهم عوضاً من الادخار لمستقبلهم أو تنمية قدراتهم ومواهبهم.