رفع الدعم بسبب غياب الزوج.. أعباء جديدة للأم المعيلة
قصص نساء خسرنّ الدعم بسبب أزواج لا يهتمون بعوائلهم
تحملت السيدة “رحاب” وحيدة مسؤولية تربية طفليها بعد سفر زوجها خارج القطر، وهي تحمل شهادة الهندسة في إحدى الاختصاصات المفيدة، تعمل بمرتبة وظيفية متقدمة، تدرجت في مواجهة تحديات الحياة مع طفلين من العيش في بيت جمعية غير مكتمل الإكساء، إلى أن حولتها إلى شقة قابلة للسكن، ومن صغيرين بعمر الحضانة، إلى طبيب يكمل اختصاصه، ومهندس في سنته الجامعية الأخيرة.
سناك سوري – لينا ديوب
الزوج أو رب الأسرة المسافر الذي كان سفره أحد أسباب رفع الدعم، لم يرسل أي مبلغ بعد حجر كورونا أي من نهاية 2019، وما كان يرسله من قبل مبالغ لا تسد احتياجات البيت والأولاد من تعليم ولباس وطبابة، ومع ذلك لم تطلب “رحاب” الطلاق خوفاً على ولديها من نظرة المجتمع والأقرباء، بقي اسم الأب فقط على الأوراق الرسمية.
حال السيدة “هالة” ليس بأفضل، زوجها المسافر إلى إحدى دول الخليج، لم يكن يرسل المال إلا بفترات متقطعة ومتباعدة حتى بعد دخول ولديه إلى الجامعة، كما لم يعمل على انتقالهم للعيش معه، بسبب سفره تحرم أسرته التي لا يهتم لأمرها من الدعم.
ضعف التمكين
قد لا يكون معيار السفر وحده غير العادل في استبعاد الناس من الدعم، لكنه المعيار الكاشف لموقف القوانين من النساء، ولتأثير الثقافة والعادات والتقاليد على حياتهن حتى لو كن متعلمات وعاملات، وكاشف أيضاً لضعف تمكينهن، ففي حالة “رحاب” لم تطلب الطلاق لتجنب نفسها وولديها تبعات الطلاق في مجتمعنا.
اقرأ أيضاً: المرأة صاحبة المهمة الكبرى بحماية نفسها
الحكومة التي تخصص برامج للحديث عن تمكين النساء، تعود لتضعفهن، فالتمكين يتعلق أولاً بتغيير علاقات القوة، أي السيطرة على الموارد (المادية والبشرية والفكرية والمالية والذات)، والسيطرة على الأيديولوجيا (المعتقدات والقيم والمواقف). إذا كانت القوة تعني السيطرة، فإن التمكين إذاً هو عملية اكتساب السيطرة والتحكم بالموارد، والحديث عن تمكين النساء يعني جعلهن مسيطرات وأي خلل في قدرة النساء على السيطرة يشكّل عائقاً حقيقياً أمام تمكينهن الحقيقي.
إدارة الحياة دون تأثير الثقافة السائدة
لا يكفي أن تكون المرأة متعلمة وعاملة، بل يجب أن تكون قادرة على السيطرة على حياتها الخاصة دون التأثر بالثقافة السائدة، وإلا يبقى تمكينها ناقصاً كما في حالة “رحاب” الأم المعيلة.
يكمل هذا النقص وضع المرأة في العمل، تقول المحامية “حنان نجمة” في يحث أعدته لهيئة الأسرة عن حقوق المرأة في تشريعات العمل: «عمل المرأة يتأثر بصورة مباشرة أو مداورة بأحكام التشريعات الأخرى الخاصة والعامة، بخاصة تشريعات الأسرة، كما يتأثر بكثير من الأمور الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وغيرها».
وهذا يؤكد أنه لا يكفي التعليم والعمل ليتحقق تمكين المرأة، فالتمكين ليس شيئاً يمكن أن تمنحه الحكومة عبر برامج أو دورات للجميع وليس النساء فقط، بل هو مجموعة عمليات تقود الناس إلى إدراك أنفسهم على أنهم قادرين، ولديهم الحق في العمل ولديهم مساحة للتأثير عبر صنع القرار، وهذا غير محقق.
لذلك فإن رفع الدعم بسبب غياب الزوج، هو تحميل أعباء جديدة للنساء المعيلات، وإخراجهن من دائرة التمكين الاقتصادي غير المكتمل.
اقرأ أيضاً: تمكين المرأة السورية مصفوفة متكاملة أم استعراض للعضلات الذكورية