الرئيسيةسناك ساخن

رحيل “محمد شحرور” كيف تحوّل المهندس إلى باحث ديني مثير للجدل؟

انقسام قديم حول “شحرور” بسبب قراءته “المعاصرة” للقرآن

سناك سوري _ محمد العمر

أعادت وفاة المهندس السوري “محمد شحرور” يوم السبت الماضي، الجدل حول نصوص مؤلفاته المتعلقة بالقرآن والدين الإسلامي.

حيث اجتاح خبر وفاة “شحرور” وسائل التواصل الاجتماعي وإن كان بصياغات متناقضة تماماً، بين من وصف رحيله بخسارة مفكّر وباحث، وبين من وصفها بـ”موت ملحد”، حتى أن كثيرين ممّن لم يكونوا قد عرفوا “شحرور” أو قرؤوا له شاركوا في نشر الخبر ونقل الآراء حوله.

ونشرت الصفحة الرسمية لـ”شحرور” على تويتر نبأ رحيله في “أبو ظبي” ووصيته بنقل جثمانه إلى “دمشق” لدفنه في مقبرة العائلة، ولم يمضِ كثير من الوقت حتى أعاد آلاف المستخدمين نشر مقاطع مصوّرة لمقابلات “شحرور” ومحاضراته بين مؤيّد لما ورد فيها ومعارضٍ له.

الرجل المولود في “دمشق” عام 1938 سافر إلى “الاتحاد السوفييتي” أواخر الخمسينيات لدراسة الهندسة المدنية، حيث تخرّج من جامعة “موسكو” عام 1964 بدرجة دبلوم، ثم حاز على الماجستير والدكتوراه في الهندسة المدنية من جامعة “دبلن” الإيرلندية مطلع السبعينيات وعاد إلى جامعة “دمشق” مدرّساً في كلية الهندسة المدنية.

حتى ذلك الحين كانت مسيرة “شحرور” عادية ولا تثير أي لغط، إلا أن رحلته إلى بلاد السوفييت، ستشكّل لاحقاً ذريعة لمنتقديه لاتهامه باعتناق الماركسية ووسمه بالإلحاد، حيث بدأ “شحرور” أثناء وجوده في “إيرلندا” عام 1970 دراسة “التنزيل الحكيم” وفق ما جاء في موقعه الرسمي، واستمر في تلك الدراسة حتى العام 1990 الذي شكّل لحظة فارقة في حياته إذ نشر خلاله كتابه الشهير “الكتاب والقرآن – قراءة معاصرة”.

أثار الكتاب جدلاً واسعاً لا زالت أصداؤه مستمرة، وقد أعاد رحيل كاتبه نبش النقاشات القديمة حوله، حيث حاول “شحرور” في الكتاب أن يقدّم رؤيته حول الفرق بين “القرآن” و “الكتاب” وتقديم قراءة يصفها بـ”المعاصرة” لتفسير النص القرآني بعيداً عن رؤية المفسّرين الأوائل في القرون الأولى لظهور الإسلام.

اقرأ أيضاً: الله يرحمه/ها … جريمة الحرب – بلال سليطين

انقسم الناس حول مؤلّف “شحرور” بين من رآه خرقاً لثوابت الدين لاسيما رجال الدين، وبين قرّاء اعتبروه إنجازاً فكرياً مهماً ومحاولة لتجديد الخطاب الديني، وانسحب ذلك لاحقاً على بقية مؤلفات “شحرور” حول الدين والتي تتابعت إصداراتها حتى العام 2015 مع كتاب “أم الكتاب وتفصيلها: قراءة معاصرة في الحاكمية الإنسانية – تهافت الفقهاء والمعصومين”.

إضافة إلى ما شكّلته آراء “شحرور” التي طرحها في محاضراته وإطلالاته الإعلامية من مثار جدل خاصة رؤيته المتعلقة بميراث المرأة ولباسها ومفهوم السنة النبوية وتفسيرات السلفيين، فبينما وصفه بعض المتابعين بالقامة الفكرية مستعيدين تأثرهم بقراءة طروحاته، فإن آخرين في المقابل استشهدوا بمقطع صوتي للشيخ “الألباني” قال خلاله أنه التقى بـ”شحرور” و لمس أنه ملحد.

لا يمكن الحكم على الراحل ومؤلفاته بالصواب المطلق أو الخطأ المطلق كما يحدث على وسائل التواصل الاجتماعي وهو ما ليس مطلوباً أصلاً بقدر ما هو مفيد أن يشكّل رحيل “شحرور” دافعاً لاستعادة مؤلفاته وقراءتها سواءً اختلف القارئ معها أو اتفق.

بينما من المؤكد أن جميع المفكرين المجددين الذين يقدمون طروحات فكرية جديدة خاصة في المواضيع الدينية واجهوا مثل هذه الهجمات والانتقادات بموازاة أنهم أثروا إيجاباً في آخرين، وبالتأكيد فإن رحيل “شحرور” خسارة لكاتب سوري صاحب فكرٍ واسع بعيداً عن المنقسمين حوله.

اقرأ أيضاً: “تيزيني”.. رحل وهو مؤمن أن التقسيم هراء وأن قيمتنا نأخذها من الآخر الذي يخالفنا!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى