ذكورية السياسة… انتخابات الحزب تُقصي النساء بأصوات الديمقراطية!
تواطؤ سياسي اجتماعي ديني يضع تمثيل النساء في أدنى مستوياته
ربما لن تستطيع التقارير الحكومية بعد اليوم التباهي بأن “سوريا” أول دولة عربية تمنح حق التصويت للمرأة عام 1949، وقبل دول أوروبية تتمتع فيها المرأة حالياً بحقوق كاملة.
سناك سوري _ لينا ديوب
فالنسب المتدنية للمشاركة السياسية للنساء السوريات تزداد مع كل فرصة جديدة للمشاركة. سواء في مجلس الشعب أم الإدارة المحلية.
أما على مستوى حصة النساء في القيادة المركزية لحزب البعث الحاكم فتقتصر على امرأة واحدة. هي “هدى الحمصي” التي شغلت سابقاً منصب سفيرة “سوريا” في “اليونان” بين 2009 و2012. وعملت بعدها في وزارة الخارجية كما كانت عضواً في مجلس الشعب السوري.
بينما تضم الحكومة الحالية 4 وزيرات من 29 وزارة بنسبة تمثيل نحو 13.7٪. حتى في اجتماعات اللجنة الدستورية التي ترعاها الأمم المتحدة، كانت نسبة تمثيل المرأة متدنية جداً، حيث بلغت في وفد الحكومة للجنة المصغرة أربع نساء من بين 15 عضواً. أما المعارضة فمثلتها امرأتان من بين 15 عضوًا.
في الأثناء يجري حزب البعث انتخابات تشمل كافة فروعه لاختيار ممثلين عن كل فرع منها في اللجنة المركزية الموسعة للحزب. والتي ستنتخب لجنة مركزية وقيادة قطرية جديدة للحزب.
ولا يبدو من الصعب على متابع نتائج هذه الانتخابات أن يلحظ تدني حصة النساء في حزب البعث بين الناجحين. فعلى سبيل المثال انتخبت كتلة البعث في مجلس الشعب ممثليها إلى اللجنة فكان هناك امرأة واحدة من أصل 27 فائزاً ولا يختلف الأمر كثيراً في بقية الفروع والشعب.
من جانب آخر. أظهرت نتائج آخر انتخابات للإدارة المحلية في سوريا عام 2022 أن نسبة النساء الناجحات لم تتعدَّ 12٪.
أما على صعيد المكاتب التنفيذية فيغيب الحضور النسائي كلياً عن المكتب التنفيذي لمجلس مدينة اللاذقية مثلاً. ويقتصر في “حمص” على نسبة 10٪.
مشاركة السوريات لم تتراجع اليوم
لا يمكننا القول أن هناك تراجع في المشاركة السياسية للنساء السوريات. بل هذا التدني كان قائماً مسبقاً وله جذوره وأسبابه التي تتعلق بالإرادة السياسية لتشجيع ودعم مشاركتهن من جهة. وبتحقيق تراكم نضال نسوي حقق تقدماً ولو طفيفاً.
على امتداد 13 سنة، ارتفعت فعالية النساء السوريات في مختلف مناحي الحياة بعد ما عصف بالبلاد. سواء بالمشاركة بالاحتجاجات، أو الخروج المفاجئ والاضطراري إلى سوق العمل، أم بنشاط المجتمع المدني والذي شكل جزء منه دعم مشاركتها السياسية.
ولكن حتى اليوم لم تتقدم مشاركة النساء الفعلية في صنع القرار وتطوير السياسات على كافة مستويات الحكم، تجعلهن على دراية كاملة بالمسائل التي تواجه النساء في مجتمعاتهن كما تمتلكن بصورة أفضل القدرة على معالجة تلك المسائل والمشاركة الفعلية في مرحلة التعافي.
ليست لعنة الحرب وحدها، من تسببت في تراجع مشاركة النساء، بل التواطؤ غير المعلن بين الأطراف كافة سياسية واجتماعية ودينية، فمرة يبرز استخدام الاستقطاب السياسي ضدهن، وأخرى الدين والأعراف، ومرة الاتهامات بالعمالة.
ذكورية المجتمع تنتقل إلى الحرب، والتحدي يزداد للتمسك بالاستمرار على العمل على كافة المستويات، للمضي نحو نتائج في الوعي وتخفيف المعاناة، وتشجيع المشاركة.
كل ذلك يبدو مرتبطاً بانطلاق عملية سياسية، تحرك هذا الركود البشع.