مجموعة ضباط ذهبوا إلى عبد الناصر وبايعوه زعيماً على سوريا دون علم رئيس الجمهورية والبرلمان السوري حينها
سناك سوري _ دمشق
“دولة عظمى قامت في المشرق” هكذا عنونت صحيفة “الأهرام” المصرية إعلان الوحدة السورية المصرية والذي تم التوقيع عليه في 1 شباط 1958.
يومها جلس الرئيسان السوري “شكري القوتلي” والمصري “جمال عبد الناصر” لتوقيع وثائق تأسيس دولة الوحدة بين “سوريا” و “مصر” والتي سميت “الجمهورية العربية المتحدة”، في التجربة الأولى والوحيدة حتى اليوم للوحدة بين بلدين عربيين.
إعلانٌ كهذا كان يثير خيال الجماهير الحالمة بوطن عربي موحّد يواجه أعداءه لاسيما كيان الاحتلال الإسرائيلي، إلا أن العاطفة الشعبية تجاه الوحدة لم تكن كافية لإنجاح التجربة دون الأخذ بعين الاعتبار إجراءات حماية الوحدة من مخاطر الانهيار سريعاً.
إلا أن ظروف نشأة الجمهورية المتحدة بشكل درامي متعجّل أوحت منذ البداية أن ما نشأ على عجل سينتهي على عجل، فعلى الرغم من البداية الرومانسية للوحدة، ابتداءً من طلب مجموعة من الضباط السوريين من “عبد الناصر” أن يسارع إلى إقامة الوحدة مع “سوريا” وصولاً إلى الشروط التي وضعها “عبد الناصر” للاستجابة وعلى رأسها حلّ الأحزاب السياسية كلها كانت عوامل لانهيار الوحدة من داخلها عدا عن الفوارق في طبيعة المجتمعين السوري والمصري وما يُحكى عن تعالي الضباط المصريين على نظرائهم في “سوريا” باعتبارهم أبناء الإقليم الأكبر والأقوى من الجمهورية المتحدة.
اقرأ أيضاً:“أمين الحافظ” الرئيس الذي قاد المواجهات ضد الإخوان في حماة ورُبِطَ اسمه بالجاسوس “كوهين”
يرى الصحفي البريطاني “باتريك سيل” في كتابه “الصراع على سوريا” أن “عبد الناصر” ومنذ العام 1955 كان يهدف إلى السيطرة على السياسة الخارجية السورية، دون أن يتحمل مسؤولية حكمها وكان هدفه المعلن هو التضامن العربي أكثر من الاتحاد السياسي.
الوحدة كانت أمام خيارين “اتحادية” أو “اندماجية” والسياسة السورية حينها كانت تميل للاتحادية، بينما العسكر كانوا يميلون للاندماجية التي انتصرت في نهاية الأمر.
في المقابل نقل “سيل” عن الزعيم السياسي “فارس الخوري” عام 1960 قوله أن الوحدة تمّت في لحظة طيش، ويبدي “الخوري” ندمه على عدم معارضته علناً للمشروع معلّلاً ذلك بقوله أنه ظن في ذلك الوقت أنها الطريقة الوحيدة لصد الشيوعية عن البلاد.
رسمياً أعلنت الوحدة يوم 22 شباط 1958 برئاسة “جمال عبد الناصر” وألغيت الجنسيتين السورية والمصرية لتحل محلهما جنسية “الجمهورية العربية المتحدة” بإقليميها الشمالي “سوريا” والجنوبي “مصر”.
حملت تجربة الوحدة كمّاً هائلاً من التناقضات، ورغم انهيارها عام 1961 إلا أنها بقيت بعد قرابة ستين سنة على انقضائها مثار جدل ومحط اختلاف بين مؤيد ومعارض، حيث يحمل كل طرف حججه وأسبابه لاتخاذ موقفه من تجربة الوحدة وما خلّفته في “سوريا” وغيّرته في تاريخها، والسؤال الذي بقي بلا جواب حاسم هل كان من الأفضل للسوريين قيام الوحدة وبقاءها أم أنهم كانوا بغنىً عنها؟
يذكر أن مجموعة ضباط سوريين ذهبوا إلى مصر من بينهم “أمين الحافظ” من دون علم الرئيس السوري ومجلس النواب حينها وبايعوا “جمال عبد الناصر” زعيماً على سوريا، ومن ثم عادوا إلى دمشق وأعلموا الرئيس والبرلمان بهذه الخطوة التي لم تلق ممانعة من قبلهم، وينقسم المحللون على هذه الخطوة فهناك من يقول أنه لم يكن أمامهم أي خيار سوى الموافقة على إرادة العسكر، وهناك من يقول إنهم كانوا موافقين رغم أنها جاءت بخطوة عسكرية خارج إطار الدولة ومؤسساتها.
اقرأ أيضاً:تعرفوا على أول رئيس لسوريا بعد الثامن من آذار 1963