دير الزور.. ياريت شرار النار يلفح طفلي ولا تفتك به قذيفة أو جوع
سناك سوري-دير الزور
أطفال دير الزور الواقعين تحت الحصار اليوم لن يعرفوا مافاتهم من تفاصيل جميلة أرهقتها الحرب حتى قتلتها، فالطفل الديري الذي كان ينام سابقاً على أنغام صوت أمه وهي تغني “نام ياطفلي نام تانذبحلك طوير الحمام،وطوير الحمام مانصخي نذبحو نضحك عطفلي تاينام”، ينام اليوم على وقع القذائف والمدافع وصواريخ الطائرات الحربية ولا يلوح له في الأفق سوى سيف “داعش” و”بسكوتة” كحلم في السماء أفقده الحصار إياها، هو لا ينام ينتظر انتهاء الحرب ليحيا فقط.
الأم الديرية كانت تغني أيضاً “طفلي ينام بحضين الحمام، وعدوو ينام بقبير الظلام”، أما الأم الديرية اليوم طفلها ينام بحضن الحرب والعدو هاهنا على بعد أمتار فقط يتربص بكل ما يمت للحياة بصله، ولسان حالها يقول: “آه ياحرب”.
الأم ذاتها التي غنت يوماً ما في غابر الزمن القريب جداً قبل الحرب “هلابو هلابو يالجاي من كتابو شايل القلم بيدو والحبر مالي ثيابو”، تغني ذات الأغنية اليوم مستبدلة كلمة “الحبر” بالدم، ولم لا فالدم بات حبر الحرب.
أي قهر يتملك الأم الديرية اليوم وهي تستبدل مفردات أغانيها القديمة بأخرى تغرس في القلب فتوقفه، “أمي الديرية” غنت لي ذات يوم: “يا ويلاد الحارة ،لاتشعلون النارا خاف طفلي معاكم وطير عليي شرارة”، وأنا اليوم أشتاق لتلك الشرارات الطيبة عساها تلفح طفلي فأضمد له جرحه، أوليست أفضل ألف مرة من قذيفة تأخد روحه، أو جوع يفتك بجسده، أوليس حنيننا إلى أذىً أقل وطأة من الأذى الذي نعيشه في الدير أكبر الجرائم وأشد القهر؟.