دخول الشباب إلى المجال الأدبي.. الدعوات والجوائز للأكبر سنّاً
شباب وشابات يحاولون فرض موهبتهم وصقلها في المجال الثقافي
يحاول العديد من الشباب والشابّات فرض وجودهم بالمجال الأدبي السوري، وسط العديد من التحديات. أبرزها عدم الحصول على الدعم الكافي والتركيز على جيل الكتّاب الأكبر سنّاً. كذلك الصورة النمطية السائدة والتي تقول إن جيل الشباب قليل الثقافة ويتجه للموبايل.
سناك سوري _ تيماء يوسف
حال دخول “علي حاتم سلمون” 31 عاماً، للكلية الجوية دون استمرار نشاطاته الأدبية التي بدأها منذ طفولته. لكن بمجرد تسريحه من العسكرية، عاد بشغف واندفاع ليكمل ما يحب ويكتب الشعر والقصص بطريقة تشبهه، كما يقول لـ”سناك سوري”.
“سلمون” الذي التقاه سناك سوري على هامش ظهرية شعرية في المركز الثقافي بطرطوس مؤخراً. قال إنهم كشعراء شباب يعانون من ضيق الوقت نتيجة الانشغال بالأمور المعيشية وقلّة الفرص المتاحة. كذلك بما وصفه بهيمنة بعض الشعراء من الجيل السابق على معظم الاماكن الأدبية.
ضرب الشاب مثالاً عن مقصده، حين شارك في مسابقة القصة القصيرة التي أقامها اتحاد الكتّاب العرب في سوريا آذار الماضي. وبينما كان ينتظر النتيجة تفاجأ مع باقي المشاركين من الشباب والشابات، بفوز ثلاثة أعضاء من اتحاد الكتاب العرب بالمراكز الثلاثة الأولى.
وأضاف أنهم لم يذكروا معايير التقييم وطريقة انتقاء القصص، كما أن القصص الفائزة لم تُعرض ليستطيعوا المقارنة بينها وبين قصصهم التي لم تفُز وعلى الرغم من محاولات “سلمون” المتكررة التواصل مع بعض أعضاء الاتحاد لكنه لم يتلقّ استجابة، على حد تعبيره.
لكن ذلك لم يوقفه فشارك في شهر نيسان الماضي بمسابقة مجلة الآداب والفنون العراقية بالتعاون مع ملتقى عشتار الثقافي. وفاز بالمركز الثاني، وهنا الفرق كان واضحاً بين المسابقين، فهذه المسابقة نشرت القصص التي فازت في كتاب للاطلاع عليها من قبل الجميع، كما يقول.
وعلى الرغم من محاولات الشاب طبع روايته باسمه، إلا أنه لم ينجح لارتفاع سعر الطباعة. وهو اليوم اختار التوجه إلى جمهوره من خلال نشر ما يكتبه عبر صفحته الشخصية بالفيسبوك إضافة إلى لينكد إن، وعدة مجلات أدبية. وكل هذا لا يلهيه عن المشاركة في نشاطات المركز الثقافي بمدينته طرطوس.
حكم خاطئ على الشباب
بدأت طالبة الصيدلة “رنيم معروف” 19 عاماً، بكتابة القصص والخواطر من عمر الخامسة حين اكتشفت موهبتها. فشاركت بالعديد من النشاطات واختارت المضي قدماً في الاتجاه الثقافي الذي يُتهم الشباب بالابتعاد عنه لصالح منصات التواصل الاجتماعي والانترنت.
تواجه الشابة صعوبة متمثلة بالحكم الخاطئ على أدباء جيل الشباب. حيث يتم النظر إليهم على أنهم غير قادرين على تقديم محتوى أدبي جميل، ويطالبونهم بإنهاء الدراسة أولاً، ثم التوجه للمجال الثقافي، ومع ذلك تصرّ الشابة على المضي قدماً، فهي ترى بالكتابة دافعاً للدراسة والحياة.
ومثل زميلها “سلمون” تواجه “رنيم” مشاكل متعلقة بأجور الطباعة الكبيرة. كذلك تجد صعوبة باستخدام اللابتوب للكتابة عليه نتيجة التقنين الكهربائي الطويل.
لم تكن تجربة النشر على السوشيل ميديا جيدة، حيث عانت “رنيم” من سرقة كتاباتها ما دفعها لإلغاء صفحتها. ورغم أهمية السوشيل ميديا لتحقيق الشهرة وتعريف الناس بالكتّاب، إلا أنها لا تحميهم من السرقة بخلاف نشر الكتب حيث يمتلك الكاتب حقوق نشر خاصة به. كما أن أجور الطباعة المرتفعة تحول بينها وبين التفكير بطبع كتاب خاص بها.
صعوبه الموازنة بين الدراسة والعمل وكتابة الشعر
دفع حب الشعر “محمد رسول دواليبي” 21 عاماً، للبدء بكتابة الشعر والخاطرة منذ سنة ونصف. حيث فَضَّل قضاء وقت طويل بالقراءة لامتلاك الأدوات المناسبة وزيادة خبرته ومن ثم الدخول في المجال. وقدّم العديد من الأمسيات والظهريات الشعرية في المركز الثقافي بطرطوس. كما يقول لـ”سناك سوري”.
يواجه الشاب صعوبة في تحقيق التوازن بين عمله كمصور فوتوغراف، وبين دراسته في المعهد التقاني للطاقة الشمسية وبين كتابة الشعر. الذي يتطلّب وقتاً وصفاء ذهن لا يستطيع امتلاكهما سوى يوم العطلة.
الشاب الذي يحرص على المشاركة بنشاطات ثقافيي طرطوس، قال إن الشعراء الأكبر سناً يلقون اهتماماً أكبر ودعوات أكثر للندوات والنشاطات الشعرية. فاليوم أي مكان يقيم نشاطاً شعرياً لن يختار ظهور شاب لم يُسمع صوته من قبل، على حد تعبيره.
ويرى “دواليبي” أنه أمر غير عادل بالنسبة للشباب الموهوب الذي يحتاج أذناً تصغي لإيصال شعره وكتاباته. وأوضح أنه تلقى دعم ومساندة من بعض الأساتذة والشعراء ما دفعه للاستمرار وتطوير مهاراته.
ينشر “دواليبي”كتاباته على منصات التواصل الاجتماعي الخاصة به بشكل مكتوب أو يلقي الشعر بصوته و ينشره بشكل فيديو.
“علي” و”رنيم” و”محمد” نماذج قليلة من بين شباب كُثر يولون أهمية كبرى لمواهبهم الأدبية والثقافية. ما يفرض على المجتمع الاهتمام بتلك المواهب ودعمها، كذلك جيل الشعراء الأكبر سناً. الذي يجب علية أن يدعم تلك المواهب الشابة ويفسح لها المجال لزيادة الخبرة وصقلها.