داعش في سوريا خطرٌ مُستمر

سناك سوري
أعلن التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية عام 2019 الانتصار على تنظيم داعش في سوريا، وتصدر الخبر شاشات وسائل الإعلام العالمية والعربية، وكذلك أعلنت قوات سوريا الديمقراطية أيضاً التي تدعمها واشنطن القضاء على التنظيم وذلك بعد مواجهات برية معه بدعم أميركي.
خلال الحرب على داعش استخدم التحالف الدولي القوة المفرطة في المعارك التي اقتصرت بالنسبة له على شرق نهر الفرات، إلا أنها مع الأسف تسببت بإزهاق أرواح آلاف المدنيين في مدينة الرقة وحدها، حتى أن التحالف نفسه اعترف بقتل 318 مدنياَ في الرقة عن طريق الخطأ، ناهيك عن الخسائر المادية والأضرار التي لحقت بالبنية التحتية، والتي جعلت سكان المدينة يصفوها (بالمدينة المنكوبة).
الانتصار الأميركي ومع مرور الأيام بدا حبراً على ورق، ومجرد سيرة على جغرافيا واسعة دون القضاء على التنظيم الذي حافظ على استمراريته على شكل خلايا مترابطة فيما بينها تعمل بمرونة وشبه استقلالية ضمن راية واحدة وأهداف واحدة، ومنذ إعلان الانتصار حتى الآن لا يمر يوم دون حادثة اغتيال في شرق الفرات أو خطف أو تفجير عبوة ناسفة أو حتى اعتقال منتمين لداعش أو خلايا تابعة له خصوصاً في ريف دير الزور، وبعض الأحداث تستهدف قوات سوريا الديمقراطية وبعضها يستهدف المدنيين وبعضه يستهدف المتعاملين مع التحالف إلخ من استهدافات تؤكد أن داعش مازال موجودة في دير الزور والرقة وأنه فقط ضعف ولم يعد يسيطر على مساحات جغرافية واسعة.
على الضفة الأخرى من النهر كان الجيش السوري أيضاً يخوض معارك واسعة في وجه التنظيم المتطرف الذي ارتكب أفظع الجرائم في تدمر وحمص ودير الزور التي حاصرها لسنوات ومنع عن سكانها الماء والكلأ، إلا أن الجيش السوري لم يعلن إطلاقاً الانتصار على داعش وإنما اقتصرت إعلاناته على انتصارات في مواجهات ومعارك كان أبرزها معركة دير الزور.
في منطقة غرب الفرات كانت المعارك أيضاً تشهد مشاركة روسية في مواجهة التنظيم، وبحسب تقارير لوسائل إعلام روسية فإن المشاركة الروسية كانت عبر القوات العسكرية الروسية مباشرة أو عبر شركات يعتمد عليها مثل فاغنر حيث شاركوا في معارك القريتين في نيسان أبريل 2016، وفك حصار مدينة دير الزور في خريف 2017، وفي تحرير مدينة السخنة في آب أغسطس من العام نفسه.
قوة داعش في غربي الفرات تراجعت بشكل كبير خصوصاً في ريف الرقة الغربي الذي لم يعد يسجل فيها أي حضور لعصاباته التي كانت منتشرة هناك، بينما بقيت له خلايا في البادية السورية تنفذ عمليات خاطفة مستغلة المساحات الواسعة وصعوبة تمشيطها وضبطها من قبل الجيش السوري، وكان أشهر الحوادث استهداف حافلة النقل في منطقة كباجب والذي خلف عشرات الضحايا إضافة للاشتباك الذي وقع في بادية الرصافة بين عناصر التنظيم وقوة من الجيش السوري والذي خلف ضحايا أيضاً.
خطر داعش لا يقتصر على نشاطاته العسكرية الإرهابية، فهناك خطر آخر متمثل بالنشاطات الفكرية الإرهابية التي يبثها، والتي بثها خلال تواجده في المنطقة والتي تحتاج إلى عمل جاد وتخطيط لعلاج آثار هذا الفكر المتطرف خصوصاً عن الأطفال الذين تعرضوا لاستهداف أيديولوجي تفكيري يخالف عادات وتقاليد وقيم مجتمعاتهم ويتنافى مع المعايير والقيم المدنية ويقوم على العنف والقتل والإجرام والتكفير مايشكل خطراً عليهم وعلى مجتمعاتهم.
إلى جانب ذلك فإن القضاء على داعش عسكريا بشكل كامل يحتاج أيضاً إلى تكنولوجيا متطورة وموارد مادية وبشرية تستطيع التعامل مع مناطق انتشاره صعبة الوصول، إضافة لتجفيف موارده وتقييد قدرته على الوصول إلى التكنولوجيا لاستخدامها في تنفيذ عملياته الإرهابية ونشر أفكاره والتخويف.
محتوى مُترجم