داريا: عندما تصبح مدينتك عبارة عن صور وفيديوهات على الفيسبوك
كيف استطاعت صفحة تابعة لدائرة حكومية أن تحيي ذكريات داريا وعلاقة أهلها ببعضهم البعض؟
سناك سوري – نجيب الشوفي
يبحث أهالي مدينة “داريا” الواقعة بريف دمشق عن استذكار ما بقي من صور وقصص وذكريات عن هذه المدينة قاصدين مواقع التواصل الاجتماعي، آملين الوصول لأي خبر أو صورة تنقل لهم أوضاع المدينة وأحوال بيوتهم وأراضيهم الزراعية التي هجروها بفعل الحرب التي عصفت بالمدينة إبان عام 2011.
وقد تفاعل الكثير من الأهالي مع صفحة “المكتب الفني في مدينة داريا” والتي عملت على نقل أخبار عملية إعادة الإعمار التي من المتوقع أن تشهدها المدينة، بنشرها مقاطع فيديو وصور من شوارع المدينة وأخبار ترحيل الأنقاض وسلامة بعض المباني والأزقة.
ويتناقل الأهالي مشاعرهم وحنينهم إلى الشوارع والبيوت عبر تعليقاتهم على الفيديوهات والصور التي تنشرها الصفحة عن الوضع الحالي للمدينة وتملأ تعليقاتهم الحسرة والحنين إلى حارة قديمة أو أمنيات العودة إلى بيت مهدم واعدين بإعادة بناءه واستعادة أيام جميلة كانت تعيشها المدينة.
حيث يختلف “فهد” مع جاره القديم “طارق” على موقع بيوتهم التي صعب عليهم التعرف عليها بسبب تهدم جزء كبير منها، فيما توجه “يمار” دعواتها بحزن متمنية عودة قريبة إلى المدينة، وتطلب “إيناس” من الصفحة التصوير عند محل غاز رجب والمشفى الوطني وتستفسر “هبة” عن وضع المنطقة المحيطة بكنيسة “بولس الرسول”.
اقرأ أيضاً: حديقة حيوانات ومدينة رياضية.. إعادة إعمار داريا قريباً
ويستمرون بتناقل همومهم وأمنياتهم سويةً وكأنهم لا يزالون يعيشون في ذات الشوارع والبيوت فيتسائل بعضهم عن موعد عودة الأهالي إلى المدينة والسماح لهم بإصلاح المنازل وترميمها، ويشكو البعض الآخر غلاء الآجارات للبيوت المؤقتة التي يقيمون فيها، فيما يتسائلون جميعاً عن أحوال بعضهم ويلتقي البعض الآخر بجيرانه الذين فقدهم منذ أعوام الحرب الأولى غابت عنهم أي معلومة، وراح من يقطن في أحياء مجاورة يتحدث إلى جاره الذي بات في دول الاغتراب واللجوء عن مدينتهم عبر صفحة فيسبوكية بعد أن كانوا يتبادلون السهرات في منازلهم ومحالهم ويمشون في شوارعها.
كما تقوم صفحة “اللجنة الفنية في مدينة داريا” على الفيسبوك بنشر صور وفيديوهات عن أعمال الترحيل والتنظيف التي تقوم بها ورشات تابعة لمحافظة ريف دمشق وذلك في إطار إعادة المدينة إلى الحياة من جديد.
ويتوقع أن يسمح لأهالي المدينة الموجودين في مناطق مجاورة بالعودة إليها خلال الشهر المقبل وذلك بعد انتهاء الصراع المسلح فيها قبل قرابة عام.
حيث تتم أعمال الصيانة حالياً للبنى التحتية من مؤسسات المياه والصرف الصحي والكهرباء والهاتف بالإضافة لمخفر الشرطة والسجل المدني وبعض المدارس، ويبلغ عدد المهجرين من المدينة قرابة 100 ألف مدني يقبع بعضهم في مناطق مجاورة والبعض الآخر في دول الجوار وبعض الدول الأوروبية.
تجسد “داريا” حال الكثير من المدن السورية التي فقدت أهلها وقاطنيها وتحولت لصفحة على موقع فيسبوك يعيشون فيها ذكرياتهم ويتبادلون الأحاديث حول سقوط الثلج قبل 11 عاماً في ذلك الشارع أو عن افتتاح محل الشاورما المعروف قبل عشرين عاماً وربما عن ذكريات شباب خرجوا من المدينة أطفالاً يلعبون بالكرة في أحد الساحات الترابية التي ملأها الأتربة والدمار ولكنهم كبروا بعد 7 أعوام من الرحيل.
اقرأ أيضاً: الشهر القادم موعد دخول الأهالي إلى داريا التي خرجت من دائرة الصراع