إزالة الحواجز في سوريا… هي الجملة التي تطالعنا في كل مكان على السوشل ميديا حتى صفحة دكان حينا للمنتجات الغذائية نشرتها.
سناك سوري – دمشق
وربما نشرها من قبل دكان الحي عائد لتحول مختلف الصفحات في هذه البلاد لمنصات إعلامية وربما لتغيب الإعلام عن نشر الخبر. وربما لأنه مؤثر في دكان جارنا وأسعار المواد فيه على اعتبار أن الحواجز تزيد من تكلفة النقل. وبالتالي تساهم في رفع تكلفة البضائع ومنها إلى زيادة الأسعار.
الخبر الكبير جاء من صفحة رئيس تحرير جريدة الوطن شبه الحكومية ومنه انتسخ إلى عشرات آلاف النُسَخ على مختلف الصفحات في البلاد. وكان لافتاً أن الصحيفة التي يرأس تحريرها “عبد ربه” لم تنشر الخبر نهائياً في عددها الصادر اليوم. والرجل لم يتراجع عن خبره وهو المقرب من مراكز صنع القرار ومضطلع على تفاصيله مايحسم الأمر بوجود هكذا قرار. لكنه لم يتبعه بأي توضيحات حول التفاصيل.
الخبر بصياغته التي قدمها عبد ربه:«قرار بإزالة كل الحواجز على الطرق الرئيسية في مختلف أرجاء سوريا». وهذا السطر يفتح عشرات الأسئلة نظراً لحجم النقص فيه. فأول ما يُفترض أن يتبادر للذهن وقبل نسخه هو سؤال “متى سينفذ القرار”. فهذا موضوع جوهري ومحوري فوجود القرار لا يعني تطبيقه. فهناك مثلاً قرار ومعه مرسوم بمنع التدخين بالأماكن العامة لكن هل يطبق؟. هذا مثال بسيط لمئات القرارت الموجودة وغير المطبقة بعد.
السؤال الآخر الذي يُطرح على الطاولة فوراً هل قَصد الحواجز كلها حقاً؟. أم حواجز الترفيق والأتاوات الموجودة على مختلف الطرق الرئيسة في مختلف مناطق البلاد؟. وبالمناسبة هذه الحواجز تتقاضى أموال جراء مرور أي شاحنة أو سيارة محملة بضائع عبرها. وهي تمنح السيارة ورقة مكتوبة بخط اليد تمثل إيصال دفع. وبعضها يتقاضى أموال من دون إيصالات. ويتم تقدير المبلغ حسب حجم السيارة ونوع البضائع التي تمر. ولهذا السبب ترافق حديث إزالة الحواجز مع توقعات بانخفاض الأسعار.
إزالة الحواجز في سوريا معلومات ناقصة
بالحقيقة هناك الكثير من المعلومات الناقصة في الخبر. هل سيطبق على الحواجز الأمنية؟. هل ستزال حواجز طريق دير الزور الذي يشهد اعتداءات أمنية متكررة؟. هل يشمل الحواجز بين حلب والحسكة؟. هل يشمل الحواجز بين إدلب وحماة؟.
الإجابات على هذه الأسئلة تحدد سياق الخبر هل هو اقتصادي هل هو أمني هل هو سياسي هل هو انفتاح على مختلف المناطق؟. فالمعلومة الكاملة هي التي تحدد كيف يمكن تحليل الخبر أمام الخبر بشكله الحالي هو معلومة ناقصة من المستغرب كيف استطاع بعض “الناشطين/ات الصحفيين/ات المحللين/ات” تحليلها.
كما أن التحليل الاقتصادي للتأثير يتطلب معرفة هل سَتُزال الحواجز أمام المدن الصناعية؟. على أبواب المرافئ؟. بعد عبور الحدود البرية واجتياز الجمارك؟…إلخ من أسئلة.
بالنظر إلى الوقائع في 31 آب 2023 بعد يوم من الخبر فإن الحواجز في كل البلاد ماتزال على حالها ولم يتم تسجيل إزالة أي حاجز في سوريا.
إلا أن إزالة الحواجز التي تفرض رسوم وأتاوات على الترفيق هي الأكثر إثارة للجدل والتي ارتفعت المطالب بإزالتها مؤخراً. حيث شهدت الجلسة الاستثنائية لمجلس الشعب هذا الشهر مطالب واضحة وعلنية من النواب بإزالتها نظراً لدورها على صعيد الاقتصاد.
وهو طلب مكرر منذ سنوات سبق أن أطلقه صناعيون وتجار دعوا لإلغاء الحواجز بما فيها تلك الموضوعة عند مدخل ومخرج المرفأ والمدن الصناعية وبين المناطق الرئيسية. بسبب تأثيرها على زيادة الأسعار من خلال الأتاوات التي تتقاضاها.
لكن من اللافت جداً أن قراراً بهذا الحجم وهذه الأهمية يمر من دون أن يتم نشره بالإعلام الحكومي. أو حتى الإعلام شبه الحكومي بما فيه الصحيفة التي نشر رئيس تحريرها الخبر على صفحته. بداية الإصلاح تكون من الإعلان عن هكذا قرارات وتبني أهميتها وتوضيحاتها رسمياً وحتى شرح كل تفاصيلها. والاعتراف بخلل وجودها وعملها.