خايفة ياماما مين بدو يحرقنا؟.. ناجية تروي تفاصيل ليلة الحريق
في كل المجازر هناك ناج وحيد.. ربما لن يخرج بكامل وعيه في بلادنا الغارقة بالمصائب والويلات
سناك سوري-خاص
لن تحتاج إلى أرقام إحصائية لتدرك حجم الكارثة، نظرة واحدة تكفي لتدرك حجم ذلك، على سبيل المثال، أشجار الزيتون المحترقة في قرية “سربيون” بريف “جبلة”، تخبرك كم تود لو أنها قطفت قبل أن تتغلغل النار فيها حتى الجذور، ومثلها أشجار الزيتون في قرى “سطامو”، “قويقة”، “قمين” بريف “اللاذقية” وغيرها.
أنت هنا شاهد عيان على حجم الخراب، تقول إحدى الناجيات مفضلة عدم الكشف عن اسمها، كونها لا تريد عطفاً أو مساعدة، هي فقط تريد إنصافاً من دولتها لا أكثر لتعويض الأضرار المادية الكبيرة التي تعرضت لها عائلتها، إن الخوف قصم ظهرها، «اليوم عرفت شو يعني وقت ينقصم ظهرك من الخوف، وجربتو».
تقول إنها شاهدت النيران تقترب من منزلها في “سربيون”، ولم تكد تدخل إلى المنزل حتى كانت النيران خلفها تماماً، «لم أعد أرى شيئاً من النوافذ سوى ألسنة اللهب، باب منزلي حديدي لم أعد أستطيع إمساكه لفتحه والهرب، طفلتي الصغيرة بدأت بالبكاء، ياماما مين بدو يحرقنا أنا خايفة».
وسط هذا المشهد هوّت “ليلى”، تلقفتها الأرض وعلّا صراخ طفلتها ذات الـ6 أعوام أكثر فأكثر، وحين استفاقت وجدت نفسها في أحد منازل القرية الآمنة، بعد أن تم إنقاذها، إلا أنها ماتزال تعاني من آلام شديدة في الظهر، تقول إنها من الخوف فقط.
الدجاجات لقينّ حتفهنّ، لم ينجدهنّ أحد، كان الجميع مشغول بإخماد النيران قبل أن تبتلع المزيد من المنازل، كما تعرض المنزل لخسائر كبيرة تقدر قيمتها بـ4 مليون ليرة، وفق “ليلى”، مضيفة أن منزل أقاربها المجاور تعرض لأضرار أخرى لا تقل فداحة.
اقرأ أيضاً: ليلة الحريق…. زينب فخور تروي حكايتها: احتضنت أطفالي وهربت
“عروة” لجأ إلى حفر خندق حول أرضه وقص الصف الأول من أشجار الزيتون المواجه لاتجاه النيران، وكانت خطة ناجحة أنقذ فيها أشجاره، الكثير من قصص البطولة يتداولها الأهالي فيما بينهم، خصوصاً بعد قدوم مؤازرة من عمال مشتل “حيدر الزراعي” على طريق القرية، وبدء العمال إطفاء النيران في أراضي ليست لهم، بما ملكوا من أغصان الشجر والحجارة وغيرها، قبل أن يبرز اسم “عبود” “عبد الله فياض”، كأحد الأبطال وتجتاح صورته مواقع التواصل الاجتماعي.
وثقّ شباب القرية الذي تجمعوا لإخماد النيران المشتعلة بأكثر من منطقة فيها، لحظات المقاومة الكبيرة التي أبداها أهلها في مواجهة النيران بالعديد من الصور، التي استخدموا فيها الحجارة وأغصان الأشجار الخضراء لإطفاء النيران بعد أن تأخرت سيارات الإطفاء المشغولة بإخماد نيران أخرى اندلعت في مناطق أخرى من محافظة “اللاذقية” يومي الجمعة والسبت الفائتين.
استمر الأهالي بمحاولة إخماد النيران منذ اندلاعها في القرية صباح الجمعة وحتى الـ2 من ليل السبت، وخلال هذه الفترة حضرت سيارتا إطفاء شاركتا بإخماد النيران.
صباح السبت كان كل شيء مختلفاً، خرج الأهالي لتفقد حجم الكارثة، الخسائر لا تقدر بثمن، إنها أشجار الزيتون التي زرعها الآباء وحرصوا عليها حرصهم على أولادهم، هي مواسمهم التي كانت تعينهم على مشقة الحياة وصعوبتها، تعبهم، جهدهم، وقطرات عرقهم، كلها ذهبت بشعلة نار لم تفرق بين شجرة زيتون وشجرة سرو!.
يقول برومو مسلسل “ضيعة ضايعة” الشهير، إنه في كل المجازر هناك ناجٍ وحيد، لكن مع حرائقنا وحربنا ومصاعب حياتنا، يبدو أنه حتى الناجي الوحيد لن يخرج بوعيه الكامل ليستطيع رواية ما جرى حقاً في هذه البلاد.
اقرأ أيضاً: عبود أطفأ نار جيرانه بيديه العاريتين وأغصان الشجر