حلب.. حرمان 590 ألف طالب وطالبة من مدارسهم في حلب
قرابة 100 ألف جامعي تعطلت دراستهم منذ سيطرة النصرة على حلب
حُرم 590 ألف طالب وطالبة من الذهاب إلى مدارسهم في حلب منذ بداية الأسبوع الجاري وذلك بعد إغلاق المدارس نتيجة اقتحام جبهة النصرة المفاجئ للمدينة. بينما تعطلت دراسة قرابة 100 ألف طالب جامعي أيضاً وما يزال المستقبل والمصير مجهولاً.
سناك سوري-رحاب تامر
وتقدر الأمم المتحدة عدد الطلاب المتسربين والمحرومين من التعليم قبل المعارك الأخيرة في سوريا بحوالي 2.5 مليون طالب أعمارهم بين 5 و17 عاماً. وبإضافة طلاب حلب يصل العدد إلى قرابة 3 ملايين طالب وطالبة في كل سوريا.
حرمان طلاب حلب مرتين من التعليم
وهذه ليست المرة الأولى التي يحرم فيها طلاب حلب من التعليم فقد سبق أن كانت المدينة ساحة حرب بين 2012 و2016 ما أدى لتسرب مئات آلاف الطلاب.
“هلا” عمرها 17 عاماً من أحياء شرق حلب كانت قد نزحت من مدينتها إلى اللاذقية عام 2014 وبقيت فيها حتى عام 2018. حصلت “هلا” هذا العام على الشهادة الإعدادية بعد جهود جبارة بذلتها وأهلها لتعويض الفاقد التعليمي متأخرة عامين عن أقرانها.
تقول “هلا” أنها درست بشغف لتحقيق حلمها بدخول كليّة الإرشاد النفسي أو معلم صف. لكن ظروف القدر جرّت بما لا تشتهي سفن الشابة، ها هي تتوقف عن الدراسة مرة أخرى، كما قالت لـ”سناك سوري”. معبرةً عن خشيتها من أن تعود الأمور إلى ماكانت عليه قبل 8 سنوات.
قصة “هلا” ليست سوى واحدة من قصص طلاب وطالبات كثر توقف تعليمهم بين ليلة وضحاها. ناموا الخميس على أمل إنهاء واجباتهم المدرسية استعداداً لدوام المدارس يوم الأحد. واستفاقوا الجمعة على وقع انقلاب المشهد في حلب التي اقتحمها عناصر جبهة النصرة وانسحبت منها الحكومة السورية. الأمر الذي أدى لتعطل التعليم في الجامعات والمدارس.
وتغيب الإحصائيات حول أعداد الطلاب في الجامعات الخاصة بمحافظة حلب، التي تضم وفق وزارة التعليم العالي 4 جامعات خاصة هي الشهباء وإيبلا والاتحاد وقرطبة.
أهالي حلب الذين يعيشون تحت رهبة المتغيرات وسيطرة النصرة والخوف من الغارات الجوية. إضافة إلى مخاوف فقدان الغذاء وعدم توفره. قد لا يشغل بالهم كثيراً موضوع التعليم على الأقل حالياً. إلا أن تأثير النزاع على التعليم يمكن أن يمتد لأجيال قادمة في ظل ضبابية المشهد وسوداوية التجارب السابقة.
محاولات الأهالي يقابلها تحديات المنهاج
فرضت “عائشة” 34 عاماً المقيمة في حي “الكلاسة” نظاماً صارماً على أطفالها، وأخبرتهم أن عدم الذهاب إلى المدرسة لا يعني عدم محاولة متابعة الدروس واعدة إياهم بمساعدتهم.
تقول “عائشة” لـ”سناك سوري”، إن المنهاج ضخم وصعب، وبالنسبة لها هي التي لم تتابع تعليمها وخرجت من المدرسة قبل النجاح بالمرحلة الإعدادية. يزداد صعوبة خصوصاً في الرياضيات وقواعد اللغة العربية، أما بالنسبة للغة الإنكليزية فإنها لا تعلم حتى كيف تكتب الأحرف وأطفالها كانوا بالصف الرابع والخامس والثالث الإعدادي.
تحاول “عائشة” الاستعانة ببعض أبناء جاراتها اللواتي كنّ يدرسن في الثانوية أو الجامعة. ومع ذلك لا يكون الوصول إليهنّ سهلاً دائماً بسبب تحديات الخروج من المنزل والخوف الذي يرافق الجميع حالياً. كما أن الأوضاع النفسية وأجواء التوتر تجعل من متابعة التحصيل العلمي بشكل فردي أمراً شبه مستحيل.
تحاول السيدة التأقلم مع فكرة أن الوضع الحالي مؤقت. وترفض الانسياق وراء مخاوفها أن يكون طويلاً ومعقداً أكثر.
وأجمع عدد من المعلمين على صعوبة المناهج الدراسية إبان صدورها عام 2017. وقالت حينها المعلمة “ياسمين شدود” لـ “سناك سوري”، إن معظم الطلبة لا يمتلكون القدرة الذاتية على حل التمارين في منهاج الحلقة الأولى.
وأضافت أن الأساليب والطرائق المراد استخدامها في شرح المناهج تضفي ثقلاً على كاهل التلميذ وتتطلب منه جهداً إضافياً للوصول إلى المعلومة.
الطلاب النازحون أفضل حالاً بقليل
إزاء هذا الواقع، قد يكون الطلاب النازحون مع عوائل من حلب أفضل بقليل (قدر عدد النازحين بأكثر من 500 ألف نازح منذ سيطرة النصرة). حيث أعلنت وزارة التعليم العالي قبولهم في الجامعات المتواجدة بمناطق نزوحهم. في خطوة أعلنتها كذلك وزارة التربية والتعليم بالنسبة لطلاب الإبتدائية والإعدادية والثانوية.
ومع ذلك تبرز العديد من الصعوبات لديهم، وإن تجاهلنا التوتر والضغط النفسي وصعوبة الاندماج السريع بعيداً عن منازلهم وحياتهم التي تغيّرت بلمح البصر. لا أحد يستطيع تجاهل مشاكل اكتظاظ الطلاب في معظم المدارس وقلة عدد الكوادر التدريسية في مختلف المدارس السورية.
وكانت مديرة التنمية الإدارية في وزارة التربية، “ناديا الجغصي”، قالت بتصريحات نقلتها البعث المحلية مطلع كانون الأول الجاري. إن عدد الموظفين المتسربين من القطاع التربوي بلغ 90 ألف موظفاً وموظفة منذ عام 2020 وحتى اليوم. مشيرة إلى الأسباب المتعلقة بالرواتب القليلة، وحصول المعلمين المتسربين على فرص عمل أفضل مادياً. كذلك بعد منازلهم عن مكان التعيين.
وتأثر التعليم سواء في حلب أو عموم سوريا بالنزاع المستمر منذ عام 2011 وأدى إلى زيادة نسبة تسرب الطلاب من المدارس. لأسباب كثيرة من بينها تدمير البنى التحتية، والنزوح القسري المتكرر. إضافة إلى خروج بعض المدارس عن الخدمة وأسباب اقتصادية تدفع ببعض الأطفال للعمل، كما قال معاون وزير التربية “رامي الظللي” مطلع العام الجاري.
“الظللي” أضاف حينها في تصريحات نقلتها الوطن المحلية. أنه وبحسب آخر إحصائية للوزارة بلغت نسبة التسرب للعام الدراسي 2022-2023، 4.28 بالمئة. مقارنة بالعام 2021-2022 والتي كانت 3.98 بالمئة، بينما تراوحت خلال سنوات الحرب بعد العام 2014 بين 6.17 بالمئة وصولاً إلى 17.46 بالمئة.
يذكر أن المادة 26 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، تضمن حق التعليم وجاء فيها: «لكل إنسان حق غير قابل للنقض ومضمون في أن يكتسب، دون عقبات ، المعارف والمهارات اللازمة لضمان حياة كريمة ومستقلة».