حسين ورور الخياط الذي فاز بجائزة دمشق للرواية العربية
الحب جعل منه كاتباً والخياطة ساعدته على شراء الكتب
سناك سوري – رهان حبيب
خلال سنوات مراهقته أحبّ “حسين ورور” من أهالي مدينة “السويداء”، فتاة بحذر وصمت، فهو لم يكن قادراً على قول كلمة “مرحبا” لها، لتدفعه مشاعر الحب الصامت، لكتابة نص تغزل فيه بها على الرغم من عدم معرفته أوزان الشعر وعروضه وأرسل النص إلى مجلة الموعد اللبنانية وفوجئ بنشره بها.
يعمل الرجل الثمانيني خياطاً، لكن اهتمامه بالكتابة أثمر روايات عدة منها رواية عنوانها “قابيل السوري” التي فازت بجائزة دمشق للرواية العربية ويوضح في حديثه مع سناك سوري أن أحد أقاربه، قرأ نص الغزل الذي كتبه لحبيبته، وأنه طلب منه كتاباً يحوي على عروض الشعر ومنه تعلم البحور وأصبح يكتب بموجبها.
منحت مهنة الخياطة التي انطلق منها “ورور” إلى عالم الإبداع الأدبيّ الاستقرار الماديّ الذي مكنه من شراء الكتب، وقراءتها، ووفرت له المال الذي سمح له بارتياد السينما والمسرح كما علمته الصبر وعرفته على الشرائح الاجتماعية وأوضاعها النفسية والمعيشية، مشيراً إلى أن ورشته للخياطة تستقطب أدباء، وفنّانين من مختلف أشكال الفنون، وتكون ملتقى مهمّاً له ولهم.
اقرأ أيضاً: عبد الحميد الحسين.. من مستخدم في المدرسة إلى أستاذ لتلاميذها
يعتبر “ورور” النبيّ “إدريس” مثله الأعلى كأوّل خيّاط عرفه التاريخ البشريّ، ولا ينسى معلمه الخيّاط الأرمني الذي يقوله عنه: «يليق به أن يكون مربيّاً مهنيّاً، ومربيّاً أخلاقيّاً، وحكيماً، كذلك لا أنسى الخيّاط الشاميّ العريق ومنه تعلمت الصبر والمحبّة»، وهو ما انعكس عليه لاحقاً بطريقة إيجابية فتابع تعليمه، بعد أن هجر المدرسة باكراً منذ الصف الخامس وذهب يتعلم الخياطة، لكنه عاد ليدرس مرة أخرى ويتابع تعليمه ككاتب وخياط حتى هذه اللحظات، كما يقول.
صاحب “باب العبيد” و”رومانسيات مارثيا” و”عبور السديم” وقصص ومسرحيات ومقالات نال عليها جوائز عدة، يجد أن أي كاتب يتمنّى أن يتفرّغ للكتابة، ولكنّ الظروف صعبة، فقد حاول مراراً أن يتفرّغ وحالت الظروف دون ذلك، فمهنة الخياطة (سترته) وأمنت له مورد رزقه، يقول ويضيف: «لا تزال بلدنا تفتقر لإدارات تعطي الفرص للمبدعين الحقيقيّين، ويقتصر عملها على التشجيع بالنشر في الصحف والمجلاّت، وتقديم النصوص الإذاعيّة، والتلفزيونيّة، ولا يخفى الأمر أن الشلليّة تحتكر ميزانيّة الإبداع القليلة أساساً، ولهذا تشبّثت بمهنتي، ولا أزال متشبّثاً بها، وسأظلّ هكذا حتّى السرير الأخير».
أبطال القصص التي كتبها افتراضيون و متخيلون بالاستناد إلى الواقع المعاش، ويحاول من خلالهم نفض الغبار عن أبطال الحياة الحقيقيين، مشيراً إلى أن لديه مخطوطات لعدّة روايات تستثمر التاريخ ــ ليس هرباً إليه ــ بل ليشير فيها أنّ «فيه من البؤس ما جعلنا نتخلّف، ونتوه عن طريقنا الحضاريّ».
يذكر أن “ورور”، ولد في “أشرفية صحنايا” عام ١٩٤٠ لديه رصيد صحفي كبير في جريدة نضال الفلاحين، وعدة جرائد محلية، ظلّ الكتاب رفيقه وأنيس أيامه، واليوم يعد لرواية جديدة، يفرد لها كل ما يتبقى له من يومه بعد انتهاء العمل بورشته للخياطة.
اقرأ أيضاً: كيف تحول أسامة الأحمد من عامل النظافة إلى أستاذ جامعي