الرئيسيةرأي وتحليل

حروب عائلية.. حكاية سياسية بلون القهر الأسود – أيهم محمود

حان الوقت لكل محبٍ لهذه العائلة المنكوبة أن يقول لا لاستمرار الصراع

سناك سوري-أيهم محمود

“ظِفركِ برقبته”، “ألف سيدةٍ تحلم بالزواج بكَ”، “أنتِ صابرة، بل شهيدة حية لأنك احتملت العيش معه”… الخ، هذا ليس مديحاً لأحد طرفي صراعٍ زوجي، بل قتلٌ عمدٌ لتاريخ عائلة، قتلٌ للأطفال الذين يحصدون نتيجة هذا الكلام، قتلٌ لاحتمال بقاء أي احترام بينهما، الصادقون في محبة طرفي صراع العائلي يتكلمون معهما بهدوء على قاعدة الصلح بينهما، فإن استحال الصلح فالتفريق مع بقاء الاحترام بينهما، ومع بقاء التزامهما الذي لا لبس فيه بثمرة زواجهما ممن لا ذنب لهم بما يحدث حولهم.

احترام الإنسان لنفسه ولوعيه ولكيانه ولاستقلاليته يجعله يبتعد عن قبول مديح الأعداء المُغمس بالسم، من يعرف معنى الذهب في لمعان عيون أطفاله، من يعرف قدسية الحياة في أرواحهم الغضة لا يهين شريكه أو يحقره، ولا يبحث عن حربٍ معه حتى لو افترقا لاستحالة التوافق بينهما، البالغ الناضج المستقر نفسياً يعي بشكلٍ تام أنه لم يعد طفلاً وأن المسؤوليات الملقاة على عاتقه تمنعه من ترف الغضب والاستمتاع به، تمنعه من ترف الحقد، من ترف الحرب ولهوها إن كانت حياة أطفاله هي ثمنها، ثمن هزيمته أو ثمن انتصاره، الأطفال هم وحدهم المتضررون أياً كانت نتيجة الصراع العائلي.

اقرأ أيضاً: العلم تمرد وإبداع فلماذا حروب الأهالي؟ – أيهم محمود

مقالات ذات صلة

لا يهم إن كانت عائلةٌ صغيرة أو وطنٌ يحيا فيه الملايين الأمر واحد، العائلة وطن والوطن عائلة ومن أحب عائلته أو وطنه ينضج بالمسؤولية الملقاة على عاتقه ويترفع عن خوض الحروب العبثية التي لم تخدم عبر تاريخ العالم كله سوى أعداء العائلة وأعداء الوطن، إن كان من الطبيعي أن يتدخل الغرباء في الصراع مستمتعين بتدمير العائلة لنفسها فمن غير الطبيعي أن يبقى الأهل والأقارب صامتين، صامتين لا ينطقون الحق صراخاً في وجهيهما ليقولوا لهما كفى وألف كفى، ليقولوا لهما أن من يمدح صراعكما يسخر منكما معاً، ويسخر من تاريخ عائلتنا كله، يسخر من أصدقائكما الحقيقيين الذين حذروكما من نتائج هذا الصراع فقلتما عنهم أنهم بلا موقف، أو أن موقفهم المائع غير مقبول لنا.

لا يجب التعويل على الأعداء لوقف صراعٍ عائلي، فالصراع وتفكك العائلة أحب اللحظات على قلوبهم، فهي تعني غنائم حقيقية لما تبقى من أنقاض عائلة، غنائمٌ يأخذوها بسهولةٍ ويُسر دون مقاومة بموافقة طرفي الصراع بل وبامتنانهما التام لسرقة كامل محتويات منزلهما، هذا ما يفعله الصراع بين البشر، يُعمي القلوب والعقول.

ربما حان الوقت

حان الوقت لكل محبٍ لهذه العائلة المنكوبة أن يقول لا لاستمرار الصراع، أن يقول لا لأي انتصار، فالانتصار أحقادٌ مؤجلة وحروبٌ ألعن مما مضى، السكوت والصمت يعني استمرار المتخاصمين في الاعتقاد بوجود نهايةٍ واضحة لحربهما العبثية، جهاد الواجب تجاه العائلة والأطفال يقضي بإظهار الرفض العلني الواضح والصريح لاستمرار الحرب، عدم إظهار الرفض بالصوت المسموع الحازم الذي لا ارتجاف به مشاركةٌ لا لبس فيها في هذا الصراع بالرضا والقبول به، ضاقت الاحتمالات كثيراً فهل من منقذٍ محبٍ لهما معاً قبل أن يتشرد جميع أفراد هذه العائلة.

اقرأ أيضاً: عندما يفوتُ الطالب فهم الدرس – أيهم محمود

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى