حرب تشرين … فاجأت الاحتلال وجمعت العرب بمعركة التحرير
قبول السادات بوقف الحرب عطّل الهجوم السوري المضاد
كان يوم 6 تشرين الأول 1973 يبدأ كأي نهار عادي بهدوء معتاد، ولم يكن أحد يعلم أنه سيتحول إلى ذكرى تاريخية لحرب “تشرين” التي خاضتها سوريا لاستعادة الأراضي العربية المحتلة من قبل “إسرائيل”.
سناك سوري _ دمشق
وبعد تنسيق سري مع “مصر” لتنفيذ هجوم متزامن على قوات الاحتلال الإسرائيلي، وصل الرئيس الراحل “حافظ الأسد” إلى مقر قيادة العمليات، بينما كانت وحدات الجيش المكلفة بالهجوم على أهبة الاستعداد لساعة الصفر.
وبحسب أرشيف وزارة الدفاع السورية فإنه بتمام الواحدة و50 دقيقة أعطي الأمر للطائرات المقاتلة بالإقلاع نحو مواقع قوات الاحتلال على أن يتزامن وصولها مع بدء التمهيد الناري عبر سلاح المدفعية على الأهداف المحددة في “الجولان” المحتل.
الضربة الأولى شكّلت مفاجأة لكيان الاحتلال لحقها بدء مجموعات الاقتحام تقدمها للهجوم، وبدأت معركة “جبل الشيخ” التي كانت مفصلية في مسار الحرب. إذ نجح الجيش السوري في تدمير الوحدات الإسرائيلية في مرصد “جبل الشيخ” وأسر عدد من جنود الاحتلال.
بالتزامن مع التقدم السوري كان الجيش المصري ينجح في اقتحام “خط بارليف” الذي نسج الاحتلال حوله الأساطير بأنه حصن منيع لا يمكن اختراقه والوصول إلى “سيناء”، فيما سقط منذ اليوم الأول للمعارك.
اقرأ أيضاً:البعث: ذكرى حرب تشرين ليست وقفة على أطلال انتصار انتهى
استمرت المعارك في اليوم التالي لكنها ازدادت ضراوة مع بدء الاحتلال استقدام تعزيزات دفاعية وتحركت قواته لمساندة المواقع التي هوجِمت رغم تشتته بين الجبهتين الشمالية مع “سوريا” والجنوبية مع “مصر”.
إلا أن فرق الجيش السوري تمكنت مع نهاية اليوم الثاني من الحرب التوغل في “الجولان” والوصول إلى رؤوس الوديان المؤدية إلى بحيرة “طبريا”.
على مدى الأيام التالية تواصلت المعارك على الجبهة السورية، فيما قامت قوات الاحتلال يوم 11 تشرين ببدء هجوم مضاد وأعادت تقدمها فيما سمّي “جيب سعسع”، إلا أن الجيش السوري ومعه الكتائب القادمة من دول عربية مثل “العراق والمغرب والكويت والسعودية” استعاد زمام المبادرة وتصدّى للقوات الإسرائيلية التي كانت تهدف للتوغل أكثر في العمق السوري.
القيادة العسكرية السورية وضعت خطتها لتنفيذ هجوم مضاد من أجل استعادة “جيب سعسع” والمتابعة نحو “الجولان” بغية التخفيف عن الجبهة المصرية التي شهدت اختراقاً إسرائيلياً في “ثغرة الدفرسوار” وحوصر الجيش الثالث.
اقرأ أيضاً: ذكرى حرب تموز حين قال الأسد: أسقطَت أنصاف الرجال
في الأثناء أصدر مجلس الأمن يوم 21 تشرين قراراً بوقف إطلاق النار، فكان أن أعلن الرئيس المصري “أنور السادات” قبوله بالقرار بشكل مفاجئ، ما اضطر “سوريا” إلى وقف خطتها تنفيذ الهجوم المضاد.
وتواصل الرئيس “الأسد” مع “السادات” ومع “الاتحاد السوفييتي” فأبلغ أن هناك ضمانات سوفييتية بأن تنسحب قوات الاحتلال من جميع الأراضي العربية المحتلة ونظراً لذلك وافقت “دمشق” وتم وقف إطلاق النار يوم 24 تشرين الأول.
خاضت “سوريا” بمفردها لاحقاً حرب استنزاف مع الاحتلال لمدة 82 يوماً، واستعادت مدينة “القنيطرة” قبل الوصول لاتفاق فض الاشتباك في أيار 1974 على أن يتم الفصل بين الطرفين بقوات أممية.
تجسّد “حرب تشرين” لحظة تاريخية في الذاكرة الجمعية للسوريين، وفخراً لا إرادياً حين يستعيدون صورها التي تظهر إسقاط طائرات الاحتلال وأسر جنوده، ولو أن الحرب استمرت كما بدأت بتضامن سوري مصري ربما كان لنتائجها أن تتغير بشكل كبير في حين أنقذ توقفها، تراجع الاحتلال.
المصدر : أرشيف وزارة الدفاع السورية.