من “دير الزور” إلى “قمة العشرين”.. التصعيد شمالاً جر الأطراف للتفاوض في الظل
سناك سوري _ دمشق
يشهد الملف السوري حراكاً سياسياً للدول والأطراف الفاعلة فيه بعيداً عن العملية السياسية الأساسية في “جنيف” التي ترعاها “الأمم المتحدة” إلا أن نتائج هذا الحراك وملابساته ماتزال غير واضحة بشكل تام.
حيث تلعب الدول المؤثرة في الملف السوري عبر كواليس هذا النشاط الديبلوماسي على أكثر من مستوى أدواراً بعضها ظاهر وبعضها خفي.
ففي حين كانت زيارة وزير الدولة السعودي “ثامر السبهان” الأسبوع الماضي إلى “دير الزور” و اجتماعه بالمجلس المدني التابع للإدارة الذاتية في المدينة قد أثارت جدلاً حول غاياتها ومضمونها.
فقد فتحت هذه الزيارة الباب أمام تسريبات إعلامية حول ضغط من الخارجية السعودية على هيئة التفاوض المعارضة المقيمة في “الرياض” من أجل عقد مؤتمر جديد للمعارضة “الرياض 3 “يتم خلاله ضم “مسد” إلى المعارضة وتشكيل وفد تفاوضي جديد.
إلا أن رئيس هيئة التفاوض “نصر الحريري” غرّد قبل أيام على “تويتر” نافياً صحة هذه التقارير مشيراً إلى أن أغلب قوى المعارضة ترفض هذا الطرح.
“الحريري” توجّه من “الرياض” نحو “باريس” للاجتماع بدول “المجموعة المصغرة حول سوريا”، فيما قالت تقارير صحفية إن اجتماعات سرية تجري في “فيينا” تتفاوض المعارضة السورية خلالها مع الحكومة بإشراف روسي إيراني دون الإعلان عن ذلك وأن اللجنة الدستورية تتصدر تلك المفاوضات.
الحديث عن اللجنة الدستورية توقّف قبل مدة عند اعتراض “تركيا” و”الأمم المتحدة” على 6 أسماء في قائمة المجتمع المدني، في المقابل تنقل وسائل إعلام معارضة تسريبات عن رفض الحكومة السورية لـ 6 أسماء من المجتمع المدني و المطالبة باستبدالهم .
من جهة أخرى فإن تشكيلة اللجنة وصلت إلى المرحلة الأخيرة وفق ما أعلن نائب وزير الخارجية الروسي “سيرغي فيرشينين” الذي أوضح أن المبعوث الدولي إلى سوريا “غير بيدرسون” سيزور “دمشق” خلال الأيام القادمة ليبحث مع المسؤولين السوريين اللمسات الأخيرة على تشكيلة لجنة الدستور على حد قوله.
اقرأ أيضاً: اتفاقات هامة بشأن “سوريا” خلال اجتماع أمني في “القدس” اليوم !
المبعوث الأممي إلى “سوريا” “غير بيدرسون” قدم الأسبوع الفائت إحاطة أمام مجلس الأمن الدولي عرض فيها على الدول الأعضاء آخر التطورات في مهمته التي تعتبر “اللجنة الدستورية” أولى و أصعب إنجازاتها و عقدها، في حين يتجه “بيدرسون” نحو تشكيل مجموعة دولية جديدة من عدة دول فاعلة لتكون أكثر تأثيراً في المسار السياسي وفق ما قال عضو هيئة التفاوض “هادي البحرة” مؤخراً.
فيما تشير مصادر سناك سوري إلى أن “بيدرسون” سيأتي حاملاً معه قائمة اللجنة الدستورية النهائية لكي تصادق الحكومة السورية عليها، كما سيعرض خطته للمسار الذي سيمضي به والخطوات التي سيقدم عليها.
كما عاد الجانب الأمريكي لرفع وتيرة حضوره في “سوريا”خصوصاً بعد تسليمه لمستشار الرئيس الأمريكي لشؤون الأمن القومي “جون بولتون”.
حيث يقوم المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا “جيمس جيفري” حالياً بجولة زيارات على الدول الأوروبية والمتوسطية لمناقشة الوضع في “سوريا” وقد انضم في “بروكسل” إلى اجتماع وزراء دفاع حلف الناتو.
فيما نقلت صحيفة الشرق الأوسط عن المتحدث باسم الخارجية الأمريكية “كروس دوران” قوله إن جولة “جيفري” هي للتأكيد على الأولويات الأمريكية في “سوريا”، مؤكداً في الوقت ذاته أن الإدارة الأمريكية ستبقى منخرطة مع جميع الأطراف بما فيهم “روسيا” لدفع المسار السياسي على أساس القرار الدولي 2254.
في الأثناء أكدت مصادر دبلوماسية غربية لـ سناك سوري أن الجانبين الأميركي والفرنسي لم يعودا متحمسين للجنة الدستورية وأنهم طرحوا على المبعوث الأممي التوقف عن بذل الجهد فيها والبحث عن مسار آخر، معتبرين أن الحكومة في “دمشق” تعطل هذه العملية ولا تريد للجنة الدستورية أن تكتمل.
على الجانب الآخر فقد اعتبر المسؤولون الروس أن الاجتماع الأمني في “القدس” الذي جمع مسؤولي الأمن القومي في “روسيا” و”الولايات المتحدة” و”كيان الاحتلال” فرصة لفتح قناة تواصل بين “موسكو” و”واشنطن” لخلق مزيد من فرص التوافق في الملف السوري.
وذكر المتحدث باسم الكرملين “ديمتري بيسكوف” أن اتفاقات هامة في الاجتماع من الممكن الاعتماد عليها كأساس للتواصل بين الرئيسين الروسي “فلاديمير بوتين” والأمريكي “دونالد ترامب” خلال قمة العشرين في “اليابان” والذي انعقد أمس الجمعة.
الاجتماع الذي تقول معلومات حصل عليها “سناك سوري” إنه استمر لأكثر من ساعة، لم يكشف الكثير من خباياه، إلا أن المتحدث باسم الرئاسة الروسية “ديمتري بيسكوف” قال إن “ترامب” رد بشكل بناء على دعوة “بوتين” له لحضور الاحتفالات بالذكرى الـ 75 للنصر على النازية بـ”موسكو”، وهو ما يشير إلى وجود جو ودي بين الرئيسين ما يعني أن الخلافات في الملف السوري ربما تكون قد تقلصت.
يأتي هذا الحراك الذي لم تتضّح نتائجه بعد حتى الآن ولم تكشف أطرافه عن حقيقة ما توصلت إليه تحت الطاولة، في ظل جمود العملية السياسية المركزية وبعد تصاعد حدة المواجهات العسكرية شمالاً، فعلى مايبدو أن التصعيد جر الأطراف للتفاوض في الظل.
اقرأ أيضاً: حراك ديبلوماسي روسي تحضيراً لـ”أستانا” و المعارضة تعلن توقف العملية السياسية !