جهاز GPS يكتم أنفاس سائق تاكسي: عم يسجل كلامنا للجهات المعنية
شائعة تتسبب بإسكات سائق التاكسي.. الـGPS "متل الحيطان ليها آدان"
على غير العادة، لم يتفوه سائق التاكسي بأي كلمة أو تذمر أو امتعاض من الظروف المعيشية. وبقي شبه صامتاً طوال الطريق، قبل أن يباغتني بالشكوى من صمته الإجباري، بعد أن قال له أحدهم إن جهاز GPS الموجود بسيارته. يسجل الحديث الدائر فيها إضافة لمهمته تعقب وكشف كمية الوقود المستهلكة.
سناك سوري _ سواقة عالساكت
السائق الستيني لم يتمكن من حبس مابداخله من أفكار، موجهاً سؤالاً مباشراً لي. عن مقدار صحة المعلومة القائلة بتسجيل GPS للأحاديث. واستماع الجهات المعنية لها (حسسني بأني منهن للحظة).
فرغم أن تكلفة تركيبه تجاوزت 300 ألف حسب قوله أي بمعدل راتب موظف سوري على مدار شهر كامل. إلا أن مفعول تسجيل الحديث كان أشد فتكاً بأعصابه وأفكاره.
فلربما كانت التكسي ملاذه الآمن ليخاطب نفسه بما يشاء وبثقة أن نوافذها وأبوابها ليس لها آذان تسمعه أو تناقشه. وليبعد عنه شبح الاتهام بالجنون في حال حديثه مع نفسه في الشارع على سبيل المثال. لقد لعبت المعلومة دور كاتم أنفاس مواطن سوري، حرمته من التفكير بصوت عال.
كان عام 2022 شاهداً على إعلان تركيب أجهزة GPS على وسائل النقل. وربطها مباشرة مع البطاقة الذكية لكل وسيلة موجود فيها، وبغرفة مراقبة في أكثر من جهة تتوزع بين المحافظة والشركة وهندسة المرور والمحروقات.
وذلك من أجل تحديد مسار السرفيس أو الباص والكميات المصروفة من المحروقات وتسجيل كافة الملاحظات خلال تنقل الآلية على الخط المرسوم لها. بهدف تخفيف أزمة المواصلات المتفشية بالبلاد إلى يومنا هذا.
ورغم الأهداف المرجوة من تلك الأجهزة، إلا أنها غابت عن بال السائق المستاء من منعه الحديث بما يحب ويريحه. سرعان ماعادت له بسمته بعد أن أخبرته بأن ماسمعه مبالغ به ولا صحة له، مطلقاً تنهيدة سعادة بعودة منطقة راحته إليه.
حالته تشبه حالات سوريين كُثر، في أمس الحاجة أن يتحدثوا بما يشاؤون دون خوف من رقيب أو العواقب الوخيمة. الخوف وحده يجعلنا نصدق أي مزحة عابرة، كتلك.