جدل حول منهاج التاريخ السوري .. كيف تحوّل شهداء أيار إلى عملاء ومتآمرين مع الغرب؟
بعد إلغاء عيد الشهداء .. المنهاج السوري يبرّر لـ جمال باشا السفاح إعدام دعاة الاستقلال

أثارت فقرة في كتاب التاريخ للصف الثامن جدلاً حول وصف المثقفين العرب الذين أعدموا خلال فترة الاحتلال العثماني بالمتآمرين مع الإنكليز والفرنسيين بدلاً من وصفهم بـ”الشهداء”.
سناك سوري _ دمشق
وفي الدرس السادس من منهاج التاريخ للصف الثامن، اطّلع سناك سوري على المعلومات الواردة والتي تصف “شهداء السادس من أيار” كما يعرفهم السوريون، بـ”المتآمرين مع الفرنسيين والإنكليز” ضد “الدولة العثمانية”، الأمر الذي بدا محاولة تبريرية لإعدامهم على يد “جمال باشا” المعروف بلقب “السفاح” لكثرة ما نفذه من عمليات قتل وإعدام.
وتأتي هذه الحادثة بعد صدور مرسوم رئاسي مطلع الشهر الجاري، تم بموجبه إلغاء عيد الشهداء في 6 أيار من كل عام كعطلة رسمية، بعد أن كان يوماً لتخليد ذكرى رموز المثقفين الذي أعدموا في 6 أيار 1916 في “دمشق” و”بيروت” بالتزامن، وتمت تسمية ساحة إعدامهم في العاصمتين باسم “ساحة الشهداء”، وتعرف في “دمشق” باسم ساحة المرجة أيضاً، بينما حافظت على اسمها في “بيروت”.
عملاء أم شهداء؟
تقول المصادر التاريخية أن الدولة العثمانية دخلت عام 1916 الحرب العالمية الأولى إلى جانب “ألمانيا” في وجه الحلفاء، ما دفع “جمال باشا السفاح” لاقتحام القنصليتين الفرنسية والإنكليزية، حيث تم ضبط أوراق قال أنها تكشف علاقة الدولتين الغربيتين ببعض الناشطين العرب، واتخذ تلك الأوراق دليلاً لاتهامهم بالخيانة وتنفيذ حكم الإعدام بهم بعد محاكمات عرفية وغير عادلة.
وفي كتابه “مشاهير أعلام المسلمين” يؤكد الكاتب “علي الشحود” أن “جمال باشا السفاح” زار الشيخ “بدر الدين الحسني” فلم يقم له الشيخ، وحاول الوالي العثماني انتزاع فتوى من الشيخ لإعدام “شهداء أيار” فرفض “الحسني” ذلك ووعظه، لكن “السفاح” أصرّ على قراره وأعدم المعتقلين.
وفي السادس من أيار تم تنفيذ حكم الإعدام بـ 8 مثقفين في “دمشق” و14 آخرين في “بيروت”، وهم من مختلف المدن السورية وبينهم لبنانيون وفلسطينيون أيضاً.
وكانت تلك الحادثة مفترق طرق أدى لانفجار الثورة العربية الكبرى ضد العثمانيين والتي انتهت بخروجهم من البلاد العربية وتحوّل ذكراها إلى عيد وطني للشهداء.
واستغرب ناشطون سوريون سبب تغيير السردية التاريخية للمنهاج التعليمي، فالحدث لا يندرج ضمن إطار “تمجيد النظام السابق” الذي وعدت وزارة التربية بحذف ما يمت له بصلة، فيما اعتبر البعض أن المسألة تتعلق بالتقارب السوري التركي بعد سقوط النظام والابتعاد عن مهاجمة الدولة العثمانية.
إلا أن الأبعاد السياسية لا تبرّر تحريف وقائع تاريخية وتحويل شخصيات ورموز وطنية من “شهداء” دفعوا حياتهم ثمن مواقفهم المطالبة باستقلال بلادهم عن الاحتلال العثماني، إلى عملاء لدى “فرنسا” و”بريطانيا” لتبرير إعدامهم.