تهاني الزيلع.. تتخرج من الجامعة بعمر الـ55 عاماً وتخطط لدراسة الماجستير
أم صقر اجتازت سنوات الدراسة بينما تعمل في المنزل والزراعة
احتفلت “تهاني الزيلع” 55 عاماً، ابنة محافظة السويداء. بتخرجها من كلية التربية قسم الإرشاد النفسي بمعدل جيد جداً. بعد سنوات دراسية قضتها وهي تحاول التوفيق بين الدراسة والعمل بتجفيف الأعشاب ورعاية أولادها. إضافة إلى عملها بالزراعة وتربية الأبقار.
سناك سوري-رهان حبيب
تقول “تهاني” لـ”سناك سوري”، إن يومها كان يبدأ باكراً في قريتها “مفعلة”، لتقوم بحلب بقرتها وتحضير الحليب للبيع. ومتابعة ولديها وتحضير الأعشاب المجففة لنقلها بالميكروباص إلى متجرها في المدينة.
السيدة الخمسينية التي تعتبر أن الفرح خيار لا علاقة له بالظروف الاقتصادية الصعبة. تقول إن «الدراسة الجامعية لم تأخذ من وقتي المنظم والمنتج. وكثيراً ما كنت أذهب للجامعة وأعود قبل أن تنتهي قيلولة الجارات». متجاهلة نظرات بعضهنّ بينما تنشغل بالبحث عن معلومة لحلقة بحث أو مهمة دراسية تنجزها بفرح وتثبت فيها جدارتها بمقعد الدراسة الجامعية. على حد تعبيرها.
“تهاني” أنجزت مشروع تعليم ولديها وهما من ذوي الاحتياجات الخاصة ونالت الشهادة الثانوية مع ابنها الأكبر “صقر” طالب اللغة العربية. وتخطط لإكمال دراسة الماجستير في علم النفس الصيدلاني. الذي يدرّس في جامعات الأردن ومصر والإمارات العربية ولا تجده حلماً بعيد المنال.
السيدة الخمسينية تتشارك مع زوجها للحصول على دخل جيد يساعدهما في تأمين احتياجات الحياة اليومية وإكمال بناء منزل ابنهما الأكبر. وتحلم بالحصول على منحة دراسة لمتابعة الدراسات العليا حتى وان اضطرت للسفر كما أخبرتنا.
الزملاء أولاد
في مشوارها الدراسي لم تكن “تهاني” بعيدة عن زملائها الطلاب وهم بعمر أولادها تتشارك معهم المشاريع. محاولة مساعدة من يحتاج للدعم من خلال نشاطها مع جمعيات دعم الطلاب بدافع المساعدة والدعم لهم. وتعتبر أنها تملك عملاً وفرصها أفضل بتحصيل الدخل متفاعلة مع الكادر التدريسي من أساتذة مختصين بفعل حماسها للدراسة. من خلال إنجاز المشاريع وحلقات البحث ونيل درجات متقدمة.
تقول: «حاولت التعامل مع الجامعة بعقلية الطالبة الجامعية من حيث الحيوية والنشاط وقبول النصيحة والاستفادة من دعم ونصائح الأساتذة وثقتهم بي. لم أكن وحيدة على مقاعد الدراسة وصادقت زملاء وزميلات ينادوني خالة “أم صقر”. وأمضيت أوقات ممتعة ومفيدة وسعيت لأترك أثراً طيباً في نفوسهم».
تهاني التي اقتنعت بفكرة الخطوات الصغيرة القادرة لإحداث فرق، اعتمدت هذه الخطوات في تجزئة المادة للدراسة وزيادة أوقات الدراسة للغة الأجنبية والمناهج المعقدة. وأضافت: «قابلني عميد الكلية والكادر التدريسي بود كبير. ولم أجد حرجاً في السؤال والاستشارة حتى عندما كنت أتلقى دعوة من إحدى المحطات الفضائية للقاءات الإعلامية حول تجربتي. وتعاملت بفكرة الطالبة طيلة السنوات الخمس مما أضاف متعة حقيقة على أيام الدراسة بكل ما فيها من تعب».
حالة استثنائية بحماسها ومبادرتها ومشاركتها بمحبة ولطف مع زملائها على مقاعد الدراسة وفق الدكتورة بالإرشاد النفسي “خزامة البعيني”. مضيفة لـ”سناك سوري”، أن “تهاني الزيلع” تتميز بحضور يضفي طابع خاص يسوده الاحترام والود وتنطلق منه مبادرات النقاش والأفكار يتبادلها الزملاء معاً وتذكر جيداً عبارتهم “أتفق مع الخالة تهاني”.
تصف “خزامة” السيدة الخمسينية، بأنها طالبة شغوفة بالمعرفة مواظبة متحدية تعمل بكل حب وحماس على إنجاز مهامها الدراسية. تجمع بين البساطة والوضوح الذي يجعل منها شخصية متفردة في مجال العمل الإرشادي. «ونجاحها في مرحلة الإجازة لا بدّ أنه طريق لمزيد من النجاح الأكاديمي، وهذا ما نتمناه لها بكل تأكيد».
تعتبر قصة “تهاني الزيلع”، إحدى قصص النجاح الملهمة، بكل ما تحويه من عمل ودراسة، لتثبت أن الإرادة هي السلوك الوحيد الذي يضمن النجاح. مهما بدت الصعوبات كبيرة.