تكاليف الأعراس.. لبنة التقشف الأولى في حياة العرسان الجدد
التقشف يدشّن حياة العرسان بسبب تكاليف عرسهم
يحمل ياسر (25 ) عاماً على عاتقه همّ إقامة حفل زفافه مع تكاليف الأعراس اليوم. ويحاول أن يكون هذا اليوم ذكرى جميلة للمستقبل دون أن يحمّله فوق طاقته ويركّب عليه ديوناً. يبدأ حياته الزوجية بها ما يفرض عليه حالة التقشف.
سناك سوري _ ناديا سوقية
سيكلّف إقامة حفل زفاف ياسر وفقاً لحساباته المبدئية ٥ ملايين ليرة سورية وسطياً بحيث لا يبخل على عروسته فرحة فستانها. ويكون زفافاً عادياً يحاكي العرف ومع ذلك سيفرض عليه حياة زوجية أول أيامها تقشفاً، وحسابات وتقليل بالمصاريف.
يرى ياسر أن الشاب في ريف دمشق ليصبح عريساً ويفتح بيتاً ويحيي طقوس العرس يحتاج إما أن يبع أرضاً أو ممتلكات أو مدّخرات. أو أن يستدين حتى يتمكن من تحقيق صفات العريس الممكنة وليست المثالية.
تكاليف العرس
تشمل تكاليف الأعراس الكثير من التفاصيل، من ثياب العروس والعريس. إلى ضيافة المعازيم، وصولاً إلى كلفة الورود والتصوير وقالب الكيك وأجرة السيارة وغيرها.
يتساءل ياسر عن تقاضي مسرّحات الشعر، أسعاراً مرتفعة مقابل المكياج والتسريحة وأجار فستان. حيث تتخطى تلك الأمور المليون ليرة وأكثر. ويقول لـ”سناك سوري”: «يستحكمون بالعريس والعروس ولا يجرؤ العروسان على رفض تفصيل من التفاصيل لإتمام الزفاف».
وفي جولة لسناك سوري على أسواق ريف دمشق ومدينة القطيفة نموذجاً. فإن تكلفة أجار فستان الزفاف الأبيض تبدأ من 300 ألف ليرة إلى مليون ليرة. حسب الفستان وجودة القماش، واذا كان جديد أو ملبوس سابقاً وهو سبيل من لا يشتري الفستان الذي يبدأ سعره من مليون ليرة. أما الفستان الملوّن لحفلات الحنّة التي لم تعد أغلب البيوت تحييها فيبدأ من 250 ألف تقريباً.
400 ألف للشعر والمكياج
يكلف تجهيز العروس في مدينة القطيفة بين 300 و400 ألف ليرة بما يتضمن الشعر و الماكياج وعناية بالبشرة وعناية بالجسم وأظافر بحسب صاحبة أحد الصالونات.
تقول صاحبة الصالون منيرة (اسم مستعار بناء على طلبها): «في ظل الأوضاع المعيشية اليوم يوجد صالون لكل طبقة اجتماعية. لذلك لم يتغير الإقبال على الكوافيرات كثيراً لأن تجهيز العروس جزء رئيسي لا يقوم حفل الزفاف بدونه» .
ويكلف تجهيز العريس نصف تكلفة تزيين العروس، فسعر بدلته مع الحذاء اذا كانت من الماركات المعروفة يبدأ من 500 ألف. أما شراء بدلات من محلات عامة فيبلغ 400 ألف ليرة تقريباً. وسعر حلاقة مع تنظيف بشرة حوالي 15 ألف ليرة سورية.
أما الإقبال على التصوير الذي يعتبر جزء أساسي من الحفلة رغم انتشار الهواتف الذكية، فتأثر بالأوضاع الاقتصادية. وبحسب المصورة نهاد فإن تكلفة تصوير الفيديو من 130ألف ليرة وما فوق حسب مدة التصوير التي تبدأ من ساعة فأكثر ويشمل السعر البرومو والمونتاج وإخراج الفيديو إلى DVD.
كما أن تكلفة تصوير الفوتوغراف تختلف بحسب عدد الصور ويقارب 220 ألف مع سعر تعديل الصور وطباعتها وألبوم خاص بالعروسين.
تقول نهاد: «تأثر الإقبال على حجز التصوير بسبب غلاء الأسعار بشكل عام فالبعض اكتفى بجهاز الموبايل وصار تصوير الفيديو والفوتوغراف للمرتاحين مادياً. أما متوسطو الدخل فيطلبون تصوير فوتوغراف بعدد محدود».
تكلفة أجار فستان الزفاف الأبيض تبدأ من 300 ألف ليرة إلى مليون ليرة. حسب الفستان وجودة القماش، أما سعر شرائه فيبدأ من مليون ليرة
مكان العرس تكلفة إضافية
يمتلك العروسان حرية الاختيار، فإما أن تقام الحفلة بمنزل أحد عائلتيهما. أو يتم اختيار صالة وغالباً فإن العرس يحتاج صالتان واحدة للذكور وأخرى للإناث. كون غالبية الأعراس ليست مختلطة. وأحياناّ تستأجر الصالة نفسها ظهراً للعريس ومساءً لحفلة العروس بنفس الأجر.
ويبدأ أجار الصالات من 500 ألف ليرة ويرتفع الرقم باتساع الصالة الذي يجب أن يتناسب مع عدد المدعوين. لتختلف أسعار الطعام بحسب اختيار مكوناته، وغالبا ما يتم اختيار نوعه وفقاً لميزانية العروسين.
كثير من العرسان استغنوا مؤخراً عن بطاقات الدعوة في محاولة لاختصار جزء من الكلفة. وعادت الدعوات كما كانت سابقاً عن طريق زيارة الأقارب والجيران والأصدقاء ودعوتهم بشكل مباشر. أو عبر الهاتف والواتساب وغيرها من تطبيقات التواصل الاجتماعي.
عبء على المدعوين
هم التكاليف وعبء المصاريف يلاحق المدعوين للحفلات أيضاً وكلما ارتفعت درجة القرابة تطلّب ذلك منهم أن يدفعوا أكثر .
حضرت سناء 28 عاماً حفل زفاف شقيق زوجها ولأنها الكنة الأولى تطلّب منها أن تزين شعرها وتستأجر فستان وكلفها ذلك ٢٥٠ ألف ليرة. وهو أرخص ما يمكن وبدون هدية أو نقوط، أي أن حضور الزفاف ربما يكلف عائلتها نحو نصف مليون ليرة.
النقوط خارج الحسابات
تجري عادة في سوريا أن يساهم المدعوون بتقديم هدية للعروسان تعينهما في بداية حياتهما الزوجية. لكن هذا كان في السابق وليس اليوم. إذ أن “النقطة” لم تعد مؤثرة نتيجة ارتفاع تكاليف الأعراس من جهة وانخفاض الدخل من جهة ثانية.
في القطيفة يبدأ النقوط من 5000 ليرة والمدعوين غير ملزمين بالدفع ولا يضع العروسان النقوط في حسبانهما. لأنه مهما علا لن يتجاوز 20 بالمئة من تكاليف العرس بحسب ياسر.
فهل سيبقى العرس يأسر الناس بطقوسه وتكاليفها، وهل من الطبيعي أن يبيع العروسان مدخراتهما ليبدأ حياة جديدة من الصفر ومديونين؟