تعميم وزارة العدل يعيد الجدل حول حق الولاية على القاصر .. ابن عم الجد أقرب من الأم؟
مطالبات حقوقية بتعديل القانون .. يخالف مصلحة الطفل ويكرّس التمييز على أساس الجنس
أثار تعميم جديد صادر عن وزارة العدل ملف حق وصاية الأم على أطفالها حيث أعاد التأكيد على حصر الوصاية على القاصر بالأب والأقارب من جهة الأب حسب عصبة الدم لتصل إلى ابن عم الجد حتى، وعدم منح حق الوصاية للأم، ما دفع ناشطين وناشطات للدعوة مجدداً إلى تعديل القانون التمييزي.
سناك سوري _ دمشق
التعميم الصادر حديثاً لم يأتِ بجديد على صعيد تراتبية حق الولاية على القاصر، إذ أعاد التأكيد على تطبيق مواد القانون المدني وقانون الأحوال الشخصية، والتي تنص على منح الولاية على نفس القاصر للأب ثم الجد العصبي ثم الأخ الشقيق مروراً بأعمام الطفل وأعمام الأب وأعمام الجد وصولاً إلى ابن عم الجد العصبي، إلا أنه ألغى شرط موافقة القاضي الشرعي في مسائل استصدار جواز سفر أو تأشيرة خروج للقاصر، والاكتفاء بحضور الوصي الشرعي، وتوقف المحاكم الشرعية بالتالي عن تلقي طلبات تعيين وصي خاص لاستصدار جواز سفر أو تأشيرة خروج أو أي شأن آخر يدخل في الولاية على النفس.

ويظهر التعميم مجدداً أن القانون يعطي الولاية على القاصر لأقارب الأب مهما ابتعدت درجة القرابة، ويتجاهل بشكل كلّي أحقية الأم بهذه الولاية نظراً لأنها الأقرب لطفلها منطقياً وعملياً من ابن عم جدّه مثلاً.
القوانين التمييزية ضد السوريات .. من الجنسية إلى الحرمان من الميراث
وفتح التعميم باب النقاش حول ضرورة تعديل قانون الأحوال الشخصية مجدداً، وإلغاء الجوانب التمييزية ضد المرأة فيه، حيث طالبت الناشطة “حنين أحمد” بإصدار قرار يوضح من الوصي الشرعي عن الأم أيضاً، كونها لا يمكن أن تكون وصية على أحد، ووصفت القرار بأنه رجعيّ بحق نساء سوريا وصباياها وكأن كل التهميش الحالي لا يكفي وفق حديثها.
رأي قانوني: التعميم يخالف اتفاقية حماية الطفل
المحامي “المعتصم الكيلاني” أعرب عن قلقه من التعميم لما ينطوي عليه من آثار قانونية خطيرة تمس بشكل مباشر بحقوق الأم السورية والطفل وتكرّس تمييزاً صريحاً في مسألة الولاية على القاصر.
وشرح “الكيلاني” عبر فيسبوك الآثار القانونية المترتبة على التعميم بما فيها حرمان الأم حتى وإن كانت الحاضنة الفعلية للطفل، من مراجعة شؤون ابنها المتعلقة بالسفر والجوازات وتأشيرات الخروج، ومخالفته لمبدأ المصلحة الفضلى للطفل المنصوص عليه في اتفاقية حقوق الطفل التي انضمت إليها “سوريا”، فضلاً عن تكريسه للتمييز القائم على الجنس ومخالفة ذلك للقانون الدولي.
لا تكفي إدانة العنف ضد النساء.. ماذا عن جذوره بالاجتهادات التمييزية؟
وطالب “الكيلاني” بإعادة النظر في التعميم أو إلغائه، وتعديل النص بما يعترف صراحة بحق الأم في الولاية على النفس والوصاية القانونية على طفلها دون تمييز، ومواءمة التشريعات والتعاميم مع التزامات سوريا الدولية.
محامية: التعميم يمنع تهريب القاصرين
في المقابل، اعتبرت المحامية “نور جحا” أن هدف التعميم منع تهريب القاصرين وحماية مصالحهم، لكنه في المقابل خلق تحديات حقيقية للأمهات والأسر المنفصلة خاصة عندما يكون الأب مسافراً أو منقطعاً عن التواصل، ما يجعل إجراءات السفر في هذه الحالات طويلة ومعقدة مما يعيق أحياناً علاج الأطفال أو متابعة دراستهم في الخارج.

وأضافت عبر صفحتها على فيسبوك أن القانون يحمي القاصر، لكن العدالة تتطلب أيضاً الموازنة بين النص الجامد والمصلحة الإنسانية، ومصلحة القاصر لا تتحقق بالمنع فقط بل أحياناً بمنحه حق السفر برفقة من يرعاه ويصون مصلحته فعلاً.
منى فريج: لن أحترم قانوناً ينتقص من أهليتي
ووصفت الناشطة “منى فريج” التعميم بأنه إهانة مباشرة لواقع نعيشه كل يوم، ولنساء حملن العائلة والمجتمع على أكتافهن حين غاب “الذكور” قسراً أو قهراً أو قتلاً.
وأضافت “فريج” في منشور عبر فيسبوك «أمي رفضت الوصاية من ذكور العائلة وواجهت مجتمعا بأكمله لنكون نحن فكيف لي أن أوافق على الانتقاص من أهليتها ودورها وكرامتها بالسكوت عن تعميم العار، أخواتي، اللواتي ربّين أطفالهن في غياب أزواجٍ للبحث عن حياة أفضل ، كنّ الأم والأب، المعيلة والحامية، وصاحبة القرار في كل تفصيل من تفاصيل الحياة. لم ينتظرن توقيع رجل ليقمن بواجبهن، ولم يحتجن إذناً ليكنّ مسؤولات».
وختمت بأنها امرأة كاملة الأهلية ولن تحترم قانوناً ولا سلطة ولا من سنّ قانوناً ينتقص من أهليتها أو يقلّل من قيمتها، أو يشطب تاريخ نساءٍ صنعن الحياة وسط الخراب، معتبرة أن القوانين التي لا تعترف بالواقع ولا تحترم التضحيات هي قوانين فاقدة للشرعية الأخلاقية قبل أي شي آخر على حد تعبيرها.
اللوبي النسوي السوري: التعميم يهين النساء السوريات
“اللوبي النسوي السوري” أصدر بياناً أعرب فيه عن رفض التعميم واعتبر أنه يأتي ضمن سياسة السلطة لتهميش السوريات لكونهنّ نساء.
وأشار البيان أن التعميم يحوّل النساء السوريات إلى آنية للحمل وأداة للإنجاب ومجرد مقدّمة رعاية عابرة في حياة الفرد، ويحوّل السيدة السورية لكائن هامش لا صوت ولا رأي لها في كل ما يخص حياة أولادها، ويصبح أبعد ذكور العائلة أجدر وأقرب لطفلها منها.
بعد أكثر من 60 عاماً تعديلات بسيطة على قانون الأحوال الشخصية
وطالب اللوبي النسوي السوري بالتراجع عن التعميم فوراً لأنه يهين النساء السوريات، ولأنه تمييزي مجحف سينعكس سلباً على المجتمع السوري وخصوصاً النساء والأطفال، وأشار إلى أن النساء السوريات لن يقبلن بتمرير تمييز وراء آخر ليجدن أنفسهنّ بعد فترة يطالبن بعودة قوانين متخلفة سابقة من فترة بائدة بعد أن ناضلن ضدها، لأنها أفضل ممّا يسنّ الآن ومن المفترض أن البلاد في مرحلة بناء الدولة وإعادة الحقوق.
يذكر أن مسألة الوصاية الشرعية على القاصر واحدة من عدة قضايا تمييزية في قانون الأحوال الشخصية السوري ضد النساء، حيث لا تمتلك الأم صلاحية السفر بابنها دون موافقة “الوصيّ الشرعي”، وغيرها من العوائق التي تواجهها وأشهرها عدم امتلاك الأم السورية الحق في منح جنسيتها لأبنائها من زوج غير سوري.







