تعرف على حركة “الزنكي” التي تقاتل “النصرة”.. تاريخها.. أبرز محطاتها.. وبماذا ارتبط اسمها؟
الاقتتال بين الزنكي والنصرة … على السيطرة والنفوذ لا على النهج والمنهج
سناك سوري – إدلب
أكثر ما يعلق في ذاكرة السوريين عن حركة “نور الدين الزنكي” التي تأسست عام 2011 في ريف “حلب” الشمالي الغربي، غير اسم مؤسسها، هو قيام عناصرها بتصفية طفل لم يتجاوز 12 عاماً بتهمة التعامل مع القوات الحكومية السورية في العام 2016.
قبل تفجر الأزمة مؤسس الحركة “وفيق شهاب الدين” كان يعمل لحّاماً، ومتزوجاً من أربع نساء، ولديه أملاك كثيرة، في منطقة “الشيخ سليمان” المجاورة لـ”قبتان الجبل”. قبل أن ينضم للعقيد “رياض الأسعد” مؤسس “الجيش الحر”. حيث عهد إليه الأخير بقيادة هذا الجيش في منطقته، ليشكّلَ مجموعات كبيرة أطلق عليها فصائل “نور الدين الزنكي”. وقد تمكنت هذه المجموعات في وقت قصير من السيطرة على “الشيخ سليمان”، وحاربت في مدينة “حلب”، وتمركزت في حي “صلاح الدين” – الذي خرج عن سيطرة الحكومة السورية مع بداية الأحداث في “حلب”- تحت راية “لواء التوحيد” المقرب من “الإخوان المسلمين”. وفي مطلع كانون الأول 2012 أعلن “شهاب الدين” انفصال كتائبه عن “لواء التوحيد”، والعمل بشكل مستقل، حيث قدرت المصادر عدد عناصره بسبعة آلاف مقاتل حينها وأصبح اسمها “حركة نور الدين زنكي”.
اقرأ أيضاً : استمرار الفضيحة: الكشف عن دعم بريطاني لحركة “نور الدين الزنكي”
مرت الحركة بعدة منعطفات، كان أبرزها اندماجها مع “جيش المجاهدين”، قبل أن يصاب “شهاب الدين” -المقرب من تركيا- إصابات بالغة في العام 2013، ليظهر بعد فترة في “قطر”، وبات تابعاً لها، دون أن يؤثّر ذلك على علاقاته مع الأتراك.موقع سناك سوري.
تقول المصادر إنه في العام 2015، قطعت دول “مجموعة أصدقاء الشعب السوري” المساعدات عن الحركة، وباتت مع الوقت في يد السعوديين، الذين أطاحوا بقائد الحركة المؤسس (الوفي للقطريين)، إلا أن “شهاب الدين” استعاد زمام المبادرة وعاد إلى القيادة بعد أشهر.
تعد “الزنكي” واحدة من أكثر الفصائل الإسلامية تنظيماً، حيث تضم مجلس شورى ومكاتب متخصصة، سياسية وعسكرية وإدارية وخدمية وإغاثية وطبية، وهذه المكاتب تضم بعض المتخصصين، من سياسيين وضباط وحملة شهادات، وهو ما يفسر ولاءاتها المتعددة بين الاعتدال والتطرف حسب الوضع الميداني في الشمال السوري، وبراغماتية مسؤوليها.
صنفت الحركة أميركياً بالمعتدلة، نظراً لعلاقاتها الواسعة مع الغرب، وخاصة “بريطانيا” التي قدمت الدعم السري لها حسب تقرير لقناة BBC تناول فيه قصص عدد من المعتقلين السابقين الذين تحدثوا عن عمليات التعذيب والإعدام التي تقوم بها “الزنكي” بلا أي محاكم وذلك بدعم من “الشرطة السورية الحرة” التي تقوم الحكومة البريطانية بتقديم الدعم المالي وغير المالي لها ضمن برنامج “أجاكس” الدولي. موقع سناك سوري.
وذكر التقرير بأن “حركة نور الدين الزنكي” هي فصيل إسلامي متطرف، تربطه علاقة قوية بـ “الشرطة السورية الحرة”، والتي كانت مسؤولة عن اقتياد الموقوفين لديها لسجن “الزنكي”، حيث تحدث عمليات التعذيب والإعدام الميداني بلا محاكمة، ودون تهمة محددة. وكان مؤسسها أحد القادة الذين التقوا بوزير الخارجية الأميركي السابق “جون كيري” في “تركيا”.
خرجت “الزنكي” من مدينة حلب مع جملة الفصائل التي كانت تشكل غرفة عمليات جيش الفتح، وهو خليط من “جبهة النصرة، حركة أحرار الشام الإسلامية، نور الدين زنكي ..إلخ”، وكانت الحركة قد انضمت متأخرة إلى الغرفة وتحديداً في 24 أيلول 2016.
اقرأ أيضاً : اشتباكات بين “النصرة” و”الزنكي” في ريف حلب
بعد الخروج من “حلب” انضمت “الزنكي” إلى تحالف ضم العديد من الكتائب الإسلامية في الشمال السوري وعلى رأسها “جبهة النصرة”، التحالف الذي تشكل في مطلع العام 2017 وسمي “هيئة تحرير الشام” ضم أيضاً “جيش السنة، لواء الحق، جبهة أنصار الدين …إلخ”، وقد ترأس “الهيئة” حينها “هاشم الشيخ” القائد العام لحركة “أحرار الشام الإسلامية” سابقاً، وقد صنف هذا التنظيم إرهابياً أيضاً، واعتبر حينها أن تغيير الاسم لا يغير صفة الإرهاب عن “النصرة” وحلفائها.
هذا التحالف الذي سيطر على مدينة “إدلب” ومعظم المحافظة كان الأقوى على مستوى الشمال السوري وامتلك سجوناً شهيرةً مثل سجن “إدلب” المركزي و”العقاب وحارم” .. إلخ، إلا أن “الزنكي” أعلن انشقاقه عن هذا التشكيل في شهر “تموز” من العام نفسه بعد أن التقط رسائل تفيد بأن هناك نية لتصفية “جبهة النصرة” ومنذ تلك اللحظة قررت تبديل البندقية من كتف إلى كتف وانضمت للتحالف المعادي لـ “جبهة النصرة” أو مايعرف “هيئة تحرير الشام”.
بعد انشقاقها اجتُهِد على تلميع صورتها من قبل وسائل الإعلام وحتى القوى الدولية، وقام قائدها بالمشاركة في مظاهرة تدعو لاسقاط الحكومة السورية ورفع العلم الذي اعتمده الحراك بعد عام 2012، وهي حادثة اعتبرت حينها بأنها محاولة من “الزنكي” للقول “شوفوني وأنا معتدل”.
اقرأ أيضاً: قائد الزنكي يهتف للثورة “شوفوني أنا مش متطرف”
خلال فترة قصيرة أثبتت “الزنكي” أنها لم تنشق عن “تحرير الشام” إلا لأنها وجدت فيها مركباً غارقاً رغم التقارب الكبير بينهما أيديولوجيا، حيث قررت الالتحاق بالمركب المقدم على أنه “المركب الناجي” والمتمثل حالياً بـ “جبهة تحرير سوريا” التي شكلتها مع “حركة أحرار الشام الإسلامية” وفصائل أخرى، وحظيت بدعم دولي واضح وحتى من بعض الدول الإقليمية المؤثرة في الصراع وعلى رأسها تركيا. موقع سناك سوري.
التشكيل الجديد “جبهة تحرير سوريا” وضع على رأس أولوياته استئصال هيئة تحرير الشام بوصفها “تنظيماً متطرفاً” بعد سنوات من التحالف معها والقتال مع عناصرها على جبهة واحدة في “إدلب وحماه وحلب وووإلخ” وخوض أشد المعارك ضراوة ضد القوات الحكومية، وتحول الأخوة على مدى سبع سنوات إلى أعداء في يوم وليلة، لكن مع فارق في التصنيف بين “معتدل” و”متطرف”.
تخوض “جبهة تحرير سوريا” معارك ضارية في “إدلب” ضد “هيئة تحرير الشام” (جبهة النصرة) وتعد “الزنكي” أحد أبرز القوى في الجبهة، هذه المعارك تدور وسط المدن والأحياء السكينة في محافظة إدلب، ويسفر عنها وقوع ضحايا بالعشرات منذ أكثر من أسبوع، إلا أن هذا الاقتتال يحظى بغطاء إقليمي ودولي، وضحاياه ينظر لهم على أنهم كبش فداء للتخلص من “جبهة النصرة” بوصفها متطرفة، لتحل مكانها “حركة نور الدين زنكي” بوصفها معتدلة.
يقول المراقبون بناءً على سيرة “الزنكي” إنها لا تختلف عن “النصرة” فكلاهما يمتلك تاريخاً دموياً في “سوريا”، سواء بقتل المدنيين، أو الذبح، أو السجون، أو حتى التنظيم المتطرف والمرجعية المتشددة، وهم ينظرون إلى الصراع الدائرة في “إدلب” على أنه صراع على السلطة والنفوذ في المحافظة وليس على النهج، فالنهج مشترك تماماً مع فوارق بسيطة في الإخراج.
الملك العادل “نور الدين الزنكي” .. ممهد طريق “صلاح الدين الأيوبي”.
لقبت الحركة نسبة للملك العادل “نور الدين محمود بن عماد الدين زنكي” (511- 569 هجري)، وهو الابن الثاني لملك “حلب” “عماد الدين الزنكي”، حيث حكم “حلب” بعد وفاة والده، وحارب “الصليبيين”، وتوسعت إمارته لتشمل معظم “سورية”، ووصل إلى “مصر”، بقيادة “صلاح الدين”، ويعده البعض سادس الخلفاء الراشدين.
اقرأ أيضاً : المحيسني يتوسط لإنهاء النزاع بين تحرير الشام والزنكي