تدخّل حزبي خارج الدستور .. قيادة البعث تسمّي نقيب مهندسي السويداء
تشير المادة العاشرة من الدستور لاستقلالية النقابات
قد تجد مبرراً للمواطنين إن لم يطالعوا الدستور والقانون ويطبقوه، لكن من الصادم أن تعمم ذلك على مشتغلين داخل الحزب الحاكم، فيتم تسمية رئيس مجلس فرع نقابة المهندسين في السويداء بما يخالف المادة 10 من الدستور.
سناك سوري _ رواد بلان
وتنص المادة الدستورية التي طالما تمّ استحضارها مع كل تدخل حزبي في الشؤون النقابية. على أن الدولة تضمن استقلال النقابات والمنظمات. كما أن المرسوم رقم 80 لعام 2010 الناظم لعمل النقابة يؤكد أنها تتمتع بالشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي والإداري وأنها مؤسسة وفقاً لأحكام الدستور.
مجلس الفرع ينتخب من بين أعضائه رئيساً وأميناً للسر وخازناً ويوزع المهام بين أعضائه المادة 45 من مرسوم تنظيم نقابة المهندسين
ومع تأخير القانون لصالح العرف السياسي وغياب الرقيب والحسيب، أصدرت القيادة المركزية لـ”حزب البعث العربي الاشتراكي”، بداية شهر تشرين الثاني الجاري. قراراً بتسمية أحد أعضائه رئيساً لمجلس فرع نقابة المهندسين بالسويداء، بناء على اقترح قيادة فرع الحزب في السويداء.
ونص القرار على تبليغ كل من يلزم للتنفيذ، بصيغة الإملاء وليس حتى التوجيه، بحسب نص القرار الذي وصل لـ سناك سوري نسخة منه ويبدو أنه إجراء روتيني. يعمم على جميع فروع النقابة في المحافظات، درج تصديره منذ زمن، لكن هل هو قانوني!؟؟.
وينص مرسوم تنظيم نقابة المهندسين في المادة 37 منه أن هيئة الفرع تتولى انتخاب أعضاء مجلس الفرع والأعضاء المتمّمين للمؤتمر العام وأعضاء لجنة النقابة من بين أعضاء الهيئة.
أما المادة 45 من المرسوم فتقول أن مجلس الفرع ينتخب من بين أعضائه رئيساً وأميناً للسر وخازناً ويوزع المهام بين أعضائه. وفي حال شغور أحد هذه المناصب تقول المادة 49 أن مجلس الفرع يجتمع لانتخاب البديل.
حصل عضو حزب البعث المسمّى كرئيس لفرع النقابة بالسويداء، على أعلى أصوات بانتخابات النقابة. وغالباً يعود ذلك لتوجيه قيادة الفرع في المحافظة رواد بلان
المرسوم لا ينصّ على أي دور لحزب البعث أو غيره في الشأن النقابي دون النظر إلى أنه الحزب الحاكم والمسيطر بشكل رئيسي على السلطتين التشريعية والتنفيذية. إذ يبدو أن المشرّع أخذ بعين الاعتبار النص الدستوري وراعى خطورة تغوّل الحزب على النقابات خارج العملية النقابية. فيما منح حق حل هيئات النقابة ومجالسها في المادة 51 إلى مجلس الوزراء على أن يكون قراره معلّلاً.
البعث يتمسّك بمركزية قراراته
ومن الواضح أن قيادة الحزب مازالت متمسكة بالمركزية الشديدة، وخاصة من جهة فرض إرادته على مختلف المؤسسات ومنها النقابات، بالرغم أنه في الظاهر ليس بحاجة لذلك. فغالبية أعضاء تلك النقابات بما فيها نقابة المهندسين من منتسبي حزب البعث، جراء سياسات التحزيب لعقود، وبالتالي قادرين على إيصال ممثليه. وفرض سياساته وإرادته عبر الأليات القانونية. لكن حتى هذه المساحة يبدو أنه ليس هناك رغبة من القيادة أن تطلقها لأعضائها فكيف لباقي المنتسبين للنقابات من أحزاب أخرى أو مستقلين.
فقد حصل عضو حزب البعث المسمّى كرئيس لفرع النقابة بالسويداء، على أعلى أصوات بانتخابات النقابة. وغالباً يعود ذلك لتوجيه قيادة الفرع في المحافظة، وممكن لو تم ترك العملية تسير بطبيعتها لتم اختياره رئيساً أيضاً بدعم الغالبية البعثية في المجلس. فلماذا يصدر قرار تعيينه من حزب سياسي !؟.
ويحمل العديد من الناشطين تعاطي الحزب مع النقابات مسؤولية تراجع الحياة النقابية في “سوريا” حيث تسود حالة اللاجدوى وضعف المبادرة والرهاب من عدم الانصياع لإرادة المركز رواد بلان
خروج النقابات من التبعية للبعث
ويحمل العديد من الناشطين تعاطي الحزب مع النقابات مسؤولية تراجع الحياة النقابية في “سوريا” حيث تسود حالة اللاجدوى وضعف المبادرة والرهاب من عدم الانصياع لإرادة المركز. في الوقت الذي ينعكس ذلك سلباً حتى على أعضاء الحزب المكلفين بمهام قيادية، عبر عملية انتخابية موجهة ما يجعلها أقرب لحالة التعيين. ويفرغ العمل النقابي من أدواره، وعلى رأسها حشد الإمكانات والخبرات للتكاتف والتعاون وإبداع الحلول للمشكلات المتفاقمة يوماً بعد آخر. إن كانت تخص النقابيين أو المؤسسات العامة والخاصة، وبالتالي يتم تحميل مسؤولية خلق تلك المشكلات وتعقيدها وعدم إيجاد حلول لها. وغبن أعضائها وعدم تطور الحركة النقابية وتوسيع مكاسبهم للدولة، بوقت يصعب على غالبية السوريين التمييز بينها وبين الحزب. ما يشكل واحداً من عوائق حل الأزمة السورية، والبدء بمرحلة التعافي المبكر.