شارف مشوار المنتخب السوري لكرة القدم للرجال على الانتهاء في التصفيات المؤهلة لكأس العالم 2022، حيث كان مشواراً صعباً ومليئاً بالعثرات والتغيرات والمشاكل والتخبطات على جميع الأصعدة بالإضافة لانفصال الإداريين عن الواقع، ولم يشهد الفريق فترة استقرار ولو قصيرة خلال جميع الفترات التي مرّت على هذه التصفيات، وحتى في الفترات القصيرة التي سبقت التصفيات.
سناك سوري – غرام زينو
البداية كانت من عام 2019، بداية عدم الاستقرار الإداري لاتحاد الكرة بشكل عام حيث خاض المنتخب بطولة غرب آسيا التي أقيمت في “العراق” بشهر آب وكان المنتخب حينها تحت قيادة المدرب السوري “فجر إبراهيم” الذي أخفق بهذه البطولة وعلى إثرها استقال رئيس اتحاد كرة القدم وقتها “فادي دباس” بسبب النتائج السيئة.
انتهت بطولة غرب آسيا بمعدل خسارتين وتعادلين للمنتخب دون أي فوز، وكان على موعد بعدها في شهر أيلول مع الدور الأول من التصفيات المؤهلة لكأس العالم 2022 وكأس آسيا 2023، حينها تولى مهام اتحاد الكرة رئيس اللجنة المؤقتة للاتحاد حينها “إبراهيم أبا زيد”
وقع المنتخب السوري بمجموعة تعتبر سهلة نسبياً ومنافسه الأقوى فيها كان المنتخب الصيني، حيث جاء مع “غوام” “المالديف” “الصين” “الفليبين” وخلال 4 مباريات من ذهاب الدور الأول حقق المنتخب العلامة الكاملة برصيد 12 نقطة.
في إياب الدور الأول خاض المنتخب لقاء “الفليبين” الذي انتصر فيه أيضاً وبذلك كان برصيده 15 نقطة دون أي خسارة أو تعادل، وجميع هذه المباريات كانت تحت قيادة السوري “فجر إبراهيم”.
اقرأ أيضاً: خماسية سورية تفتتح رحلة “نسور قاسيون” في التصفيات!
في 28 كانون الأول 2019 بدأت كرة القدم حقبة جديدة حيث استلم “حاتم الغايب” رئاسة اتحاد الكرة بعد فوزه بالانتخابات، وكانت أولى قراراته إقالة المدرب “فجر إبراهيم” وتعيين التونسي “نبيل معلول” خلفاً له في بداية 2020، في هذه الفترة بدأت جائحة فيروس كورونا وتم تأجيل التصفيات التي كان من المقرر استكمالها في شهر آذار 2020.
وكان من المفترض أن يحضّر المنتخب حينها بشكل جيد مع المدرب الجديد إلا أنه لم يتواجد بـ “سوريا” ولم يلتقِ باللاعبين إلا أوقات محدودة وقصيرة خلال عام ونصف لم تكن كافية لتنجهيز منتخب مقبل على مراحل مهمة من التصفيات بعد أن بدأ بداية جيدة.
وبعد عدة مشاكل فنية وإدارية حينها واستبعاد لاعبين وغياب آخرين لأسباب كثيرة، استأنف منتخب “سوريا” إياب الدور الأول والتقى بـ “الصين” و”غوام” و”المالديف” الذي حقق فيه انتصارين وخسارة، وضمن المنتخب السوري تأهله للدور النهائي من التصفيات إضافة إلى تأهله لكأس آسيا 2023 أصبح أمام مهمة تحقيق حلم التأهل لكأس العالم لأول مرة بتاريخه.
اقرأ أيضاً: نبيل معلول: من يشكك بقدراتي لِيَرى سيرتي الذاتية .. وأنا قول وفعل
في تموز 2021 تم تعيين المدرب السوري “نزار محروس” خلفاً للتونسي “نبيل معلول” الذي انهى مشواره مع المنتخب السوري بعد سوء النتائج وتدني المستوى الفني وبسبب الخلافات المالية مع اتحاد الكرة، وتفاءلت الجماهير السورية حينها بتحسين النتائج رغم الفترة القصيرة التي كانت أمام “محروس” للتحضير للمرحلة الأخيرة من التصفيات.
وهنا كانت الصدمة الكبرى للجماهير حيث تلقى المنتخب خلال 5 مباريات 3 خسارات وتعادلين، بعد الخسارة الأخيرة في مرحلة الذهاب وبعد مباراة “لبنان” بالتحديد قدم الاتحاد السوري لكرة القدم برئاسة “حاتم الغايب” استقالته، وعند أول مباراة بإياب المرحلة الأخيرة أيضاً تلقى المنتخب السوري خسارة جديدة وعندها تم الاستغناء عن خدمات “محروس” من قبل اللجنة المؤقتة التي تم تعيينها بعد “الغايب” برئاسة “نبيل سباعي”.
اقرأ أيضاً: بعد أسبوع على تشكيلها …. تغيير رئيس اللجنة المؤقتة لاتحاد الكرة
“سباعي” اختار المدرب الروماني “تيتا فاليريو” خلفاً لـ “محروس” وأيضاً أصاب الشارع السوري ذات الفرحة التي أصابتهم عند استلام “محروس”، وخاض “تيتا” أول استحقاق رسمي مع المنتخب في بطولة كأس العرب التي أقيمت في “قطر” وهنا ظهر المنتخب بروح وشكل مختلف تماماً ما أعاد الثقة للجماهير السورية بمنتخبهم وتفاءلوا خيراً بأن يتم تكملة التصفيات بشكل جيد لحجز بطاقة الملحق.
فحقق “تيتا” فوزاً تاريخياً على “تونس” في بطولة العرب مقابل خسارتين أمام “موريتانيا” و”الإمارات”، وبدأت الإشكالات بخصوص العقد بين “تيتا” واللجنة المؤقتة حتى تم توقيع العقد في 12 كانون الثاني الماضي، وتم استئناف مشوار التصفيات بإياب المرحلة الأخيرة بمباراة “الإمارات” التي كان من المتوقع أن تكون مضمونة وكانت الثقة كلها بالكوادر الفنية والإدارية واللاعبين، لكن عاد وأخفق المنتخب حيث خسر أمام “الإمارات” و”كوريا الجنوبية” بأداء سيء ليكون قد حقق خلال 8 مباريات 6 خسارات وتعادلين.
اقرأ أيضاً: نسور قاسيون يتغلبون على نسور قرطاج في كأس العرب
وكما جرت العادة، تم التخلي عن الكادر الفني والإداري بقرار من اتحاد الكرة، ليكون المنتخب أمام مدرب جديد ليكمل معه المباراتين الأخيرتين من التصفيات لكن لم يتم تعيينه بعد، وبذلك يكون قد حقق المنتخب الرقم القياسي بتغيير المدربين والاتحادات والكوادر الإدارية خلال 3 أعوام.
كان لافتاً بعد كل عثرة يقع بها المنتخب وخصوصاً الأخيرة المتمثلة بالخسارة مع “الإمارات” والخروج لاحقاً من المنافسة على التأهل لكأس العالم، توجيه اللوم لبعض اللاعبين وتحميلهم المسؤولية عن هذه الخيبات حتى أن البعض ذهب بعيداً في مطالبة لاعبين بالاعتزال، علماً أن التصفيات لم تخلُ من هجوم على لاعبين وشتم آخرين وتخوين …إلخ، إضافة لتراجع مستوى لاعبين وتذبذب مستوى آخرين وتدهور بالحالة النفسية العاملة في أوساط اللاعبين وبعثة المنتخب.
في الأثناء كان المشوار يتخلله أخطاء كارثية سواء تلك المتعلقة بجواز السفر أو بدور مدير المنتخب وصولاً إلى ملفات اللاعبين المحترفين بالخارج والمشكلات داخل البعثة وما كشفه بعض اللاعبين، وأمام كل ذلك لم يكن هناك أي تحقيق بما يحدث أو عقاب لأحد المقصرين.
المحصلة كانت خروج هو الأسوأ لمنتخب سوريا من تصفيات كأس العالم خلال العشرين عاماً الأخيرة، خروج لم يتبعه أي مراجعة رسمية وعلنية للمسار وتقييم الأخطاء والمشكلات التي مررنا بها لدراسة الحالة وتلافي الأخطاء مستقبلاً واقتصر الأمر على تصريحات بسيطة وتعتيم على مستقبل اتحاد الكرة ومتى سيكون هناك اتحاد جديد بدل اللجنة المؤقتة.
إذاً افتقد المنتخب للاستقرار الإداري والفني، وكذلك غابت الخطط والمشاريع والتحضيرات لمستقبله، ولم يجر مباريات ودية تذكر ولم يحظ بمعسكرات جيدة للتحضير ولا بالاحتكاك الذي يحتاجه وصولاً إلى لحظة النكسة بينما كانت المنتخبات الأخرى المنافسة على الأقل تحظى باستقرار إداري وفني وحتى على مستوى اللاعبين.
في الختام … تقول الأسطورة في بلادنا أنه لصناعة كرة قدم صحيحة وصحيّة، كرة قدم ممتعة وتمتلك جميع مواصفات اللعبة الحقيقية، يجب أن يكون هناك إدارات صحيحة وتأسيس صحيح للقواعد العمرية ولوجستيات وإمكانيات وتجهيزات وملاعب، وابتعاد تام عن “الموّانة” والواسطات والمصالح الشخصية، والابتعاد عن وضع الحجج أمام كل سؤال يوجّه للمسؤولين الرياضيين الذين يستلمون تباعاً، كرة القدم بحاجة لاستقرار، وهذا ما افتقدته الكرة السورية على مدى عقود.
اقرأ أيضاً: بعد خروج المنتخب من التصفيات … البرلمان يسائل فراس معلا