تجارب غربية في توزيع الدعم على مستحقيه.. هل تلائم سوريا؟
ما رأيكم أنتم هل الدعم بهذه الطريقة مجدي؟
سناك سوري-نيكولاس بربهان
في ظل الوضع الإقتصادي الصّعب الذي تعيشه “سوريا”، والتخبّط العشوائي في دوامة الحلول، أسرد لكم بعض التجارب من البلد الذي درست في جامعته وأعيش وأعمل به حالياً، لعلّها تكون مناسبة أو يمكن الاستفادة منها بالنسبة لأصحاب القرار في سوريا.
يعد ضمان استمرار وصول الدعم إلى مستحقيه هاجساً لدى المواطنين ولدى الحكومات التي تحترم مواطنيها وتريد توفير حياة كريمة، لمن ليس لديهم دخل أو مستوى الدخل لديهم دون الحد الذي يضمن لهم حياة كريمة.
هنا حيث أعيش في فرنسا يتم تقيم المواطنين إلى شرائح وفق الدخل تارةً ووفق العمر تارةً أخرى، وطلاب وغير طلاب، بالنسبة لشرائح فهي تقسم على أساس الدخل، كلما ازداد الدخل كلما ازدادت الضرائب وكلما انخفض الدخل انخفضت الضرائب، كما أن من لديهم دخل منخفض أو من ليس لديهم دخل يحصلون على دعم عبر الحكومة التي تؤمن هذا الدعم من جهتين الأولى “الضرائب” التي يدفعها أصحاب الدخل العالي، والثانية من خلال خزينة الدولة ومواردها الأخرى.
هنا لا يتم دعم المواد إنما دعم الأسرة بشكل مباشر
فرنسا بهذه الحالة لا تدعم المواد وإنما تدعم الأسرة بشكل مباشر، وهو دعم مدروس تماماً بحيث يوفر لكل أسرة الحد الأدنى من احتياجاتها من المحروقات والكهرباء إلى الطعام والشراب، وهو يقدر وفقاً لعدد أفراد الأسرة وحجم دخلها.
وبالتالي كل أسرة لديها حساب لدى الدولة يشبه البطاقة الذكية، من خلاله يتم تقديم الدعم وتقدير قيمته، ولكي تتمكن سوريا من تطبيق هذه الآلية تحتاج نظام ضريبي متطور وتطوير نظام الفوترة والمحاسبة في سوريا وكذلك نظام الدفع لأصحاب المهن المستقبلة، بحيث تكون كل موارد الدخل للمواطنين تحت أعين الحكومة لمنع التهرب أو العمل بشكل غير شرعي وبذلك تضمن الدولة حقوقها ويضمن المواطن حقوقه، وبالمناسبة لا يوجد رحمة مع الضرائب وحقوق الدولة في فرنسا ومن لا يؤدي التزاماته تجاه الدولة أو يتهرب ضريبياً ووإلخ يدفع الثمن غالياً ومن يلتزم ينال كل حقوقه المستحقة.
طريقة ضبط الدخل وقياسه بشكل جيد من شانها أيضاً تحديد نسبة الضمان الصحي، ففي فرنسا أيضاً يقاس الضمان الصحي على أساس الدخل، من لا يعملون أو دخلهم دون الحد الأدنى للأجور تتكفل الدولة بتوفير العلاج لهم مجاناً، ومن لديهم دخل فإن الدولة تتكفل بـ 70 % من علاجهم وعليهم دفع 30% فقط من قيمة العلاج وهكذا.
وبالتالي بهذا الشكل تستطيع الدولة تحديد شريحة المحتاجين بدقة وكذلك تحديد سعر دقيق لأسعار المستلزمات الرئيسية ومن ثم توفير آلية سهلة لتوزيع الدعم المالي لمستحقيه عبر البطاقة الذكية.
اقرأ أيضاً: البرلمان سيناقش موضوع إلغاء الدعم: يخلق الفساد!
الجزء الثاني من الدعم الذي لا بد من الإشارة له هو المتعلق بالطلاب، الذين حتى الآن لا يحظون بدعم في سوريا بل ويعانون حتى من القدرة على توفير جرة الغاز، علماً أن هؤلاء هم الشريحة الأهم في مستقبل البلاد.
هنا يتم دعم الشباب بشكل مباشر من خلال توفير حسومات هائلة تصل إلى 90% أحياناً على المواصلات داخل المدن وبينها، وذلك من خلال اشتراك شهري مخفض.
كثيرة هي الحلول لكن على المعنيين بالأمر امتلاك زمام المبادرة للاقتناع بها
الجزء الثاني من الدعم يتعلق بتوفير السكن لهم، حيث أن الطلاب الوافدين من مناطق أخرى ويحتاجون إلى سكن في حال عدم توفر سكن لهم في مباني الجامعات، يتم تأمين دعم سكن لهم (دعم مادي وعيني) يغطي جزءاً من الإيجار الخاص بهم.
كما أن التخفيضات لهم تمتد إلى الدخول المتاحف وحضور الحفلات وشراء بعض الاحتياجات وووإلخ، من محفزات على الاستمرار بالتعليم من جهة والبقاء في البلد من جهة أخرى، وهذا أيضاً يدخل في إطار وصول الدعم لمستحقيه.
وأخيراً يمكن القول، كثيرة هي الحلول لكن على المعنيين بالأمر امتلاك زمام المبادرة للاقتناع بها، حتى يتم إنجازها والعمل مستقبلاً عل تطويرها، فتجارب الشعوب ثروات لا تقدّر بثمن إن استطعنا أن نأخذ منها ما يناسب ويفيد المواطن السوري.
اقرأ أيضاً: عمرو سالم: توطين الخبز خزعبلات ورداءة الرغيف سببها الغش