بسكليت “أبو الخير” يغنيه عن دور الكازية…. مالذي يعيق السوريين عن استخدام الدراجة الهوائية؟
“نوح” يتغزل بدراجته الهوائية في ظل أزمة “البينزين”… طلاب الجامعات كسروا الحاجز والبعض ينتظر انتشار ظاهرة الدراجات الهوائية ليشتري واحدة!
سناك سوري – عفراء بهلولي
«لك يابنتي مصروفا خفيف»، هكذا يصف السبعيني “أبو الخير” دراجته الهوائية، معبراً عن استغرابه من «هالشباب اللي لساهن بأول عمرن كيف بيطحشو عالسرفيس»، متسائلاً «لو كل واحد جاب مسكليت وريح حالو شأد كانت خفت العجئة».
“أبو الخير” ابن مدينة “حلب”، أحد الذين لم يتضرروا من أزمة البنزين التي تشهدها البلاد، جراء اعتماده على الدراجة الهوائية في تنقلاته، يقول لـ”سناك سوري”: «بدل ما أدفع على كل مشوار هديك الحسبة باخد هالمسكليت وبطلع بجيب أغراض، وبزور بنتي».
الرجل الحلبي السبعيني الذي أحضر دراجته الهوائية معه إلى “اللاذقية” حين نزح قبل عدة سنوات من “حلب”، هو أحد السوريين الذين لطالما اتصفوا بالمرونة وتحمل الأعباء، عبر تحويل أزماتهم المتكررة إلى لوحات كاريكاتيرية ساخرة تحول الألم إلى كوميديا في محاولة للتخفيف من حدة الظروف بالدعابة!.
تبدو وسيلة “أبو الخير” حلاً جيداً لأزمة المواصلات فهي صديقة للبيئة من جهة وتغنيه عن الوقوف في طوابير الكازيات من جهة أخرى، كما أنها رياضية وغير مكلفة وتقضي بالغرض ضمن المدينة.
في الوقت الراهن تحديداً وفي ظل الظروف الصعبة التي تمر بها البلد تعد بديلاً مقبولاً، إلا أنها ماتزال مستخدمة على نطاق ضيق جداً.
الأزمة الحالية أعادت الاعتبار للدراجة الهوائية، حيث عرض “نوح” مواصفات دراجته الهوائية من نوع “كورس صيني” والتي تتميز بأنها «مصدية شوي، ومقحطة شويتين يعني “خالي العلام”، مع فتحة سقف، وأربع- خمس غيارات، وباكاج لعدة الصيد والمتة، وبيمشي 25 كم بصندويشة زعتر، مع دعاء بابتلاء عين الحسود بـ “بنزين وعود كبريت”»، جازماً بأنها ليست للبيع أبداً.
الناشطة المدنية “نانيت خوري” واحدة من القلائل الذين يستخدمون الدراجة الهوائية، تقول إنها تستعين بها منذ قرابة أربع سنوات للتنقل في العاصمة السورية دمشق.
بدأت علاقة “خوري” مع الدراجة في العام 2015 وخلال شهر رمضان تحديداً حيث كانت شوارع العاصمة أقل اكتظاظاً ما ساعدها على انخاذ هذه الخطوة واستخدام “البسكليت” إلا أن هناك عوائق عديدة واجهتها لاحقاً من أبرزها عدم وجود قانون ينظم سير الدراجات وعدم توفر أماكن مخصصة لركنها مايثير مخاوف من سرقتها.
“خوري” تدعو خلال حديثها مع سناك سوري الحكومة لتشجيع الناس على شراء الدراجات عبر طرح قرض خاص بها خصوصاً أن المجتمع بدأ يكسر الحواجز والبرستيج حيال هذا الأمر، حيث أصبحت الإناث أكثر حرية في ركوب الدراجة، على حد تعبيرها.
اقرأ أيضاً: “منوصلكن ع طريقنا”.. سوريون يبادرون لمساعدة بعضهم في أزمة البينزين
علاقة السوريين مع الدراجات الهوائية مرت بمراحل متعددة حيث كانوا يستخدمونها بكثافة في تسعينات القرن الماضي ومعظم أبناء ذلك الجيل يذكرون بسكليت “الكورس، والصيني” اللذان انتشرا في تلك المرحلة خصوصاً لدى من هم في سن الأربعين ومافوق، أو أصحاب المهن والحرف التي تطلب زيارات إلى المنازل للصيانة مثل “البرادات، الغسالات، الكهربجي، السمكري.. إلخ”.
إلا أنها تراجعت في الألفية الجديدة وظلت حاضرة بخجل حتى اندلاع الأزمة السورية التي شهدت مبادرات للتشجيع على استخدامها كان من أبرزها “يالله عالبسكليت” التي انطلقت من دمشق وانتقلت إلى حمص وغيرها مبادرات أخرى في اللاذقية ومناطق أخرى، إلا أن هذه المبادرات لم تحقق المأمول منها حيث كان يقتصر الاستخدام على مرحلة معينة ومن ثم يتم التراجع عنه لأسباب عديدة.
تقول “سونيا علي” لـ سناك سوري إنها تحبذ استخدام الدراجة إلا أن المجتمع حتى الآن لا يتقبل فكرة أن تقود “فتاة” مايعرف شعبياً بـ “بالبسكليت”، لكنها في الوقت ذاته تنتظر مبادرة تشجيعية في هذه المرحلة تحديداً وهي مستعدة لدخول عالم الدراجات الهوائية واقتناء واحدة.
وبينما يتردد البعض في تجاوز حاجز العادات والتقاليد، يبدو طلاب الجامعات أكثر الشرائح التي تجاوزت هذا الأمر وبدأ بعضهم فعلياً ومازل يعتمد على الدراجات الهوائية في مشهد ألفته شوارع دمشق وحلب واللاذقية عدة مرات.
دعم الدراجات لايقل بأهميته عن دعم المحروقات برأي “خلدون صافيا” الذي يرغب بشراء دراجة هوائية إلا أن سعرها غالٍ الآن حيث تبلغ قيمة الجيد منها “90” ألف ليرة سورية بينما المستعملة من 25 ألف فما فوق، لذلك فهو يقترح توفير دراجات بأسعار مخفضة وحملة تشجيعية في مختلف أنحاء سوريا على اقتنائها واستخدامها.
اقرأ أيضاً خبيران يابانيان في سوريا
مختلف المعطيات المتوفرة تشير إلى أن أزمة المحروقات مستمرة في سوريا وهي تتكرر بين الحين والآخر، لذلك فإن التفكير بالدراجة الهوائية كبديل حقيقي غير مؤقت يستخدم بشكل مستدام يعد حاجة ماسة من وجهة نظر الكثيريين، فالوقت الذي يهدره السوريون في الانتظار على محطات الوقود يستطيعون خلاله الذهاب والعودة إلى عملهم على الدراجة الهوائية عشرات المرات.
فوائد الدراجة الهوائية لاتقتصر على المرحلة الحالية، فالمدن السورية تشهد ازدحاماً خانقاً وهذا الازدحام في تزايد مستمر، وأفضل طريقة للحد منه هو التشجيع على استخدام البدائل، وطالما أن مشاريع المترو حالياً غير متداولة فإن “الدراجة الهوائية” هي السبيل الأمضى لتخفيف الإزدحام، وما الذي يمنع من أن تصبح سوريا دولة متقدمة في استخدام هذا النوع من وسائل النقل!.
ملخص الاقتراحات التي قدمها من التقيناهم ممن يستخدمون الدراجة أو يحبذون استخدامها: توفيرها بأسعار أقل، توفير قرض لها من دون فوائد، تأمين مواقف لها في مناطق التجمع الرئيسية، وجود مسارب لها للمرور في الشوارع العامة، حملة دعم وتشجيع لمستخدميها في مختلف القطاعات وفي مقدمتها وسائل الإعلام بمختلف أنواعهها.
ما رأيك أنت هل من الممكن أن تستخدم/ي الدراجة الهوائية؟
اقرأ أيضاً: “هانت” حملة للتخفيف عن السوريين المنتظرين في طوابير البينزين