بتزوجني أختك بزوجك أختي..زواج البدائل كارثة مستمرة من جيل إلى جيل
مصير “عمشة” في بيت زوجها..معلق بسعادة “نوال”
سناك سوري – خاص
خرجت الشابة “عمشة” قبل ساعات قليلة من بيت والدها ترتدي ثوب الزفاف الأبيض، متجهة إلى بيت زوجها، حاملة في قلبها السواد وهمّ الأيام القادمة، في تلك اللحظة اتجهت الشابة “نوال” إلى بيت شقيق “عمشة” لتكون زوجة له بالإكراه، وفق مايعرف بزواج البدائل الذي لايزال مستمراً في الجزيرة السورية حتى الآن.
في زواج البدائل يُلزِم الأبوان أو الأب وحتى الأخ الفتاة على الزواج من شاب، وافق على تزويج أخته لتلك الأسرة، يسمى (زواج البدائل)، وبذلك يكون مصير أربعة أشخاص مرتبط ببعض، (إذا كانت عمشة سعيدة..ستكون نوال مثلها..وعكس ذلك..فراق وهجران جماعي).
ظاهرة (زواج البدائل) ولدت مع ولادة المنطقة، وتأبى الكثير من الأسر، خاصة في الريف نسيان هذه الظاهرة، التي مهما كثرت إيجابياتها، فهي سلبية، لما خلفته وتخلفه على الدوام من خلافات واختلافات، خاصة بين أبناء العمومة، فهم الأكثر التزاماً بهذا النوع من الزواج، ولا يهتمون بموافقة الفتاة، ولا يحترمون مشاعرها وعاطفتها، أحياناً كثيرة يتخذ الذكر قرار ذلك الزواج، بسبب ردات فعل، وقد يكون انتقاماً للفتاة، لأنها ترغب في الزواج من شاب جمعتهما الإلفة والهوى.
من ضحايا زواج البدائل “سميرة” في بلدة ريف تل حميس، تتحدث مع سناك سوري عن رحلتها مع ذلك الزواج الذي يقدر عمره بـ 15 سنة، لم تذق خلالها 15 دقيقة من الفرح والهدوء، وتضيف: «تقدم أخي للزواج من ابنة عمي، كان أول شرط من شروط الموافقة، أن أوافق أنا أيضاً على الزواج من أخيها، تم إجباري على ذلك، حتى الشاب لم يكن مقتنعاً بالزواج مني، لكنه عُرف وتقليد عشائري سلبي قديم ومتعارف عليه، المصيبة بأنني إذا زعلت وذهبت إلى بيت والدي، يتم طرد أخت زوجي أيضاً من بيتنا، وعندما أعود، تعود هي، والأصعب من كل ذلك، قام أخي بالزواج على زوجته، فبادر زوجي وخلال ساعات ودون قناعة أيضاً بالزواج عليّ».
كيف يعيش الأزواج
يعيش الأواج في منازل مختلفة، ومناطق بعيدة، لكنهم ملتزمون بتطبيق تفاصيل الحياة اليومية دون اختلاف في الجوانب السلبية حصراً، تتابع عن ذلك “سميرة”: «مهما كان تصرف أحد الزوجين، يبادر الزوجان الآخران بتطبيقها، خاصة في الجوانب السلبية، حوادث الطلاق كثيرة، والمشاكل في المحاكم أيضاً كثيرة، تصل أحياناً للضرب والانتقامات بشتى وسائلها، والأربعة أشخاص مع أسرهم مرتبطين بأي نتيجة سلبية، لدي أربعة أطفال، ومعرضة للطلاق بأي لحظة، وعند لحظة الطلاق، سيبادر أخي بطلاق شقيقة زوجي، طبعاً لولا خوفي من مصير أخي، لطلبت الطلاق منذ سنين، لأنني منذ اليوم الأول لم أتزوج عن حب وقناعة».
لا يعتبر الأهالي من هموم ومصائب هذا الزواج، فهم ملتزمون به تقليداً وعرفاً، ويتمسكون به، ويحتفون بزواج أربعة أشخاص معاً، بالإكراه، في أغلب الأحيان، وكأن الأنثى الريفية، كانت وباقية وستبقى تنفذ فقط، ولا يؤخذ بما تفكر وترغب، عن هذا الزواج تحدّثت الباحثة الاجتماعية والنفسية “دلال دهنة”: «زواج المقايضة ينتقص من قيمة المرأة ودورها في المجتمع ويزيد من فكر الجهل والتخلف خاصة في المناطق التي تعتمده، كما يؤدي لتفكيك الأسرة بكاملها في حال لجأ أحد الأطراف في عقد المقايضة الى طلاق زوجته مما يدفع الطرف الآخر لطلاق زوجته بالمقابل، حتى وإن كان الطرف الآخر سعيد ضمن عائلته.
تتابع “دهنة”:في حال عدم إيقاف هذا النوع من الزواج سوف تتعرض الكثير من الفتيات للضغط والإجبار على الزواج في سن مبكرة جداً مما يجعلهن سلع للمقايضة والبيع غير متابعات لدراستهن أو حتى عيشهن حياة كريمة بعيدا عن شبح المسؤولية المبكر لسنّهن، ناهيك عن حالة التتوتر والخوف من حلول أي لحظة يختلف فيها أخيها مع زوجته ( شقيقة زوجها ) مما يدفع زواجها للانهيار دون سبب منطقي».
وتؤكد “دلال” أنّ التوتر والضغط النفسي على الفتاة المتزوجة بعرف البدائل، يجعلها عرضة للاكتئاب مما ينعكس سلبا على صحتها النفسية وعلى العائلة ككل .
الباحثة تبقى متفائلة ببتر هذه الظاهرة، ولو أنها قديمة بقدم الآباء والأجداد، وتطرح حلولاً منطقية من أجل ذلك منها: «يتطلب من الجيل الحالي أن يتحلى بالوعي الكامل ولابد أن يمتلك ثقافة عالية من المدنية، وعندما أقول مدنية لا أقصد أن يخلع أصالته بل يجمع الاثنين معا، لأن الجيل المتنور الذي يفهم حقوق المواطن من الممكن أن يؤثر على الجيل السابق. نشر الوعي من شأنه العودة على المجتمع بالفوائد الجمّة التي تطهره من كل الأمراض الاجتماعية السائدة التي لاتزال لوقتنا الحالي».
* عرس جماعي في الحسكة – أرشيف
اقرأ أيضاً : أربع عادات تقليدية للزواج في سوريا لابد أن تتعرف عليها