الرئيسيةشباب ومجتمع

بانتظار عودتهم لمقاعد الدراسة.. طلاب السويداء متطوعون في مراكز الإيواء

انقطاع قسري عن الدراسة لمئات الشباب يقابله رهان على خدمة المجتمع

ترتّب الطالبة في الصف الثالث الثانوي “تالا القاسم” الألبسة في قسم الملابس بمدرسة الحرية التي تحولت إلى مركز إيواء، متطوعة مع عدد كبير من طلاب الجامعات والثانوية الذين لم يكملوا امتحاناتهم لهذا العام، واختاروا العمل التطوعي على أمل انقضاء الأزمة والعودة إلى مدارسهم وجامعاتهم التي انقطعوا عنها قسراً.

سناك سوري-رهان حبيب

بعد الهجوم على السويداء وتفاقم أزمة النزوح، برز حضور طلاب الجامعات والثانوية في مراكز الاستضافة بشكل واضح، حيث شكّلوا فرقاً تقدم خدمات متنوعة لرعاية الأهالي الذين نزحوا قسراً من منازلهم في الريفين الشمالي والغربي، عقب الاشتباكات تموز الماضي.

“تالا” التي تستعد للتقدّم للثانوية العامة، تقول لـ”سناك سوري” إنها ومنذ افتتاح المركز تتواجد بشكل يومي مع شقيقتها، طالبة الطب البشري في سنتها الرابعة، حيث كُلّفتا مع مجموعة طلاب بترتيب وتنظيم قسم الملابس.

تضيف: «لأننا طلاب ولدينا خوف كبير وهواجس على مستقبلنا الدراسي، اخترنا التطوع لنقدّم ما نستطيع ونخرج من حالة الانتظار واليأس، فالمجتمع بحاجة لمبادراتنا، ونشارك أساتذتنا في تنظيم المراكز التي استوعبت مئات الأسر، وحالياً لدينا الوقت الكافي لهذه الخدمات».

من جهتها، خرجت “مارينا رباح”، طالبة هندسة عمارة في سنتها الخامسة، منذ الأيام الأولى بعد توقف الاشتباكات وإطلاق النار، مع مجموعة كبيرة من رفاقها، للمشاركة في تجهيز وخدمة مراكز الإيواء، بينما كان يفترض أن تحضر مشروع تخرجها، لكنها اضطرت للانقطاع عن الدراسة، مثلها مثل آلاف طلاب السويداء.

تقول “مارينا” لـ”سناك سوري”: «في آخر أيامي بالجامعة صُدمت بالخطاب الطائفي، خصوصاً أن بعض زملائي تعرضوا للاعتداء، حاولت الاستمرار لكن الطريق كان مسدوداً، وآمل أن تتاح لنا فرصة للعودة ومتابعة الدراسة، مرور الوقت بطيء، لكن العمل بين أهلنا من الأسر المهجرة حفزني على الخروج، أنهينا الشهر الثاني من العمل على أمل أن تنتهي الأزمة بكل ما رافقها من رعب وخوف».

وتتواجد “مارينا” مع فريق من الطلاب والطالبات منذ ساعات الصباح الأولى، لتقديم وجبات الطعام وتوزيع الألبسة والأغطية ومختلف الخدمات التي لا يقوم بها سوى الشباب لضمان السرعة.

الكل يشارك بخبرته

أما “ليال الحلبي”، طالبة الصيدلة في سنتها الثالثة، فشاركت في النقطة الطبية، مستفيدة من نشاط تطوعي سابق، حيث تتعاون مع زملاء لجمع أدوية من مستودعات وتأمين معدات لقياس الضغط والسكر، والالتزام بالعمل التطوعي خدمةً للأهالي، وتقول إن الطلاب بما يملكونه من خبرات متواضعة قادرون على المساهمة في تقديم نوع من الرعاية الصحية في هذه الظروف الطارئة.

بينما وجدت “فرح أبو سعدى”، طالبة إدارة قسم الإطعام، فرصة مناسبة للمساعدة نظراً لأهمية الخدمة لأكثر من 130 شخصاً وجدوا في مركز الاستضافة مكاناً آمناً، وتضيف: «أدرس إدارة أعمال في جامعة غباغب سنة ثانية، وانقطعت مع أخي عن الدراسة قسراً بعد موجات التحريض، حاولنا الحوار مع زملائنا على مقاعد الدراسة لكن دون جدوى، اليوم لا أمل بالعودة لذلك اخترنا التطوع لخدمة المجتمع والاستفادة من الخبرة العملية في مجال الإطعام والتنظيم وغداً نأمل أن نتابع تحصيلنا العلمي بعد أن تتوفر ضمانات تحفظ أمننا».

وبحسب إحصاء محلي، فإن أكثر من 6400 طالب جامعي في السويداء انقطعوا عن دراستهم بعد حملات التجييش الطائفي وخطاب الكراهية.

وكانت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي أصدرت قراراً شهر أيار الفائت، يهدف إلى مواجهة الخطاب التحريضي داخل الوسط الجامعي، عقب تصاعد التوتر في بعض الجامعات، ما أدى لمغادرة كثير من طلاب محافظة السويداء لمقاعدهم الجامعية خشية الاستهداف.

القرار شدد على حظر النشر أو الترويج لأي محتوى يتضمن تحريضاً على الكراهية أو الطائفية أو العنصرية أو يسيء إلى الوحدة الوطنية والسلم الأهلي، سواء بشكل شفهي أو مكتوب أو عبر الشبكات الإلكترونية، من قبل أعضاء الهيئة التدريسية أو الطلاب أو العاملين في وزارة التعليم العالي وفي جميع الجامعات والمعاهد التابعة لها.

وبحسب نص القرار، فإن كل من يخالف هذه التعليمات يُحال مباشرة إلى المساءلة القانونية والمسلكية، وقد تصل العقوبات إلى الفصل النهائي من الجامعة أو الإحالة إلى القضاء، استناداً إلى القوانين والأنظمة النافذة.

وبرغم قرار وزارة التعليم العالي الذي شدّد على مواجهة خطاب الكراهية والتحريض داخل الجامعات، ما يزال آلاف الطلاب في السويداء بعيدين عن مقاعدهم، ليجدوا في العمل التطوعي بديلاً مؤقتاً يملأ فراغهم التعليمي، ويمنحهم بعض الأمل بعودة قريبة إلى دراستهم.

زر الذهاب إلى الأعلى