الرئيسيةتقارير

“الميادين”.. السنابل تحيا بالأرض من جديد ومياه الفرات تروي عطش الحقول

تحاول المدينة النهوض من جديد بما تيسر لها من موارد.. معتمدةً على إرادة 60 ألف مواطن عادوا إليها

سناك سوري – فاروق المضحي

يلجأ الكثير من أهالي مدينة “الميادين” الواقعة على الضفة اليمنى لنهر الفرات 40 كيلو متر شرق مدينة “دير الزور” إلى الصيدليات لتلقي العلاج وتوفير ثمن المعاينة في العيادات أو المشافي الخاصة في ظل غياب المشافي الحكومية التي دمرتها الحرب.

سكان المدينة الذين عادوا إليها خلال العامين الماضيين بعد انتزاعها من قبضة تنظيم داعش تجاوز عددهم أكثر من 60 ألف مواطن، أملاً بخدمات حكومية تعوض عنهم حرمان سنوات الحرب مازالوا حتى اليوم يعانون من نقص حاد في الخدمات الطبية حيث لايوجد فيها سوى مركز صحي حكومي وحيد وهو لا يقدم كافة الخدمات الطبية لنقص الكوادر.

مقالات ذات صلة

يقول “حيان الخلف” من أبناء المدينة إنه لايوجد علاج مجاني في المدينة وليس بمقدور جميع الأهالي تلقي العلاج في مشافي خاصة بسبب ارتفاع التكلفة المادية التي ترهق جيوبهم، فيلجأون في أغلب الأوقات إلى المشفى الوطني في مدينة “دير الزور” قاطعين قرابة 40 كم لتلقي العلاج، آملين افتتاح المراكز والمشافي الحكومية للتخفيف من معاناتهم.

السوق الشعبي

مدير صحة “دير الزور” الدكتور “بشار الشعيبي” قال لـ”سناك سوري” إن «معظم المشافي والمراكز الصحية في المدينة تعرضت للتدمير من قبل قوات التحالف الدولي، ونعمل حالياً على إعادة تأهيل مشفى الطب الحديث في “الميادين” خلال العام القادم إضافة للعمل على تحسين الواقع الطبي بشكل عام علماً أنه تم تأهيل مركز صحي في المدينة وهو الآن بالخدمة».

اقرأ أيضاً:سوريا: عودة مئات الأهالي إلى مدينة الميادين

أسواق عادت وأخرى بحاجة لترميم

يقول “حازم علاوي” وهو من أبناء مدينة “الميادين” إنه «ومع عودة الأهالي إلى المدينة بدأت الأسواق للعودة حيث افتتح سوق “الغنم” أو ما يعرف بالمزاد و الحركة فيه تتحسن تدريجياً مع عودة الأهالي إلى عملهم في الزراعة وتربية الحيوانات، كما عاد سوق “الهال” لاستقبال منتوجات المزراعين وتسويقها ولكن بشكل مصغر ليس كما كان في السابق، وهو يتحسن بشكل مستمر سواء من خلال حركة البيع والشراء أو زيادة عدد المحال فيه، أما المحال التجارية في الشارع العام بدأ أصحابها بإعادة تأهيلها وترميمها بعد أن تعرضت لأعمال التخريب والسرقة والنهب إبان سيطرة داعش» .

يرى “علاوي” أن إصرار الأهالي للعودة والنهوض بالسوق والحياة في المدينة من جديد كانت أقوى من الاستكانة للواقع المفروض، يضيف: «نفذوا مبادرات تطوعية بالتنظيف وإزالة الأنقاض لتعود الحياة إلى الشارع العام الذي يعد شريان مدينة “الميادين”،كما عادت العديد من المطاعم المشهورة التي تقدم الأكلات الشعبية الأشهر في المدينة مثل “الكباب” إلى تقديم خدماتها وافتتاحها مجدداً بعد إغلاق دام سنوات، أما المحلات الصناعية فعاد أصحابها لمزاولة أعمالهم من حدادة ونجارة وتصليح سيارات وغيرها من مهن صناعية، في حين “السوق المقبي” غير مؤهل إلى اليوم بسبب حجم الدمار الكبير الذي تعرض له خلال الحرب».

بروستد الرعي وأمامه بائع عصير

عودة افتتاح الأسواق والمحال التجارية لم تسهم في تخفيض أسعار السلع في المدينة حسب “علاوي”، وهو ما يبرره التجار عند سؤالهم من قبل المواطنين بأنه يعود لارتفاع تكاليف الشحن نظراً لبعد “الميادين” عن مركز مدينة “دير الزور” التي يتم شحن المواد منها مايقارب 40 كيلو متر.

اقرأ أيضاً:القضاء يعود إلى “الميادين”.. الأهالي لم يعودوا بحاجة قطع مسافات طويلة للتقاضي

 مقاعد الدراسة تحتضن تلاميذها بعد غياب

طلاب المدارس الذين حرموا من مقاعدهم منذ العام 2013، ومنذ سيطرة الحكومة على المدينة شهدت المدارس عودة أكثر من 20 ألف طالب وطالبة حسب حديث رئيس المجمع التربوي في “الميادين” “عراك الأحمد”، مضيفا أنه تم افتتاح ٦٠ مدرسة لمختلف مراحل التعليم وعودة ١٢٠٠ معلم ومعلمة لممارسة عملهم التدريسي، كما شهدت المدينة تقديم الطلاب شهادة التعليم الأساسي خلال العام الماضي للمرة الأولى منذ سنوات، وهناك تزايد مستمر في الاقبال على العودة لمقاعد الدراسة مع عودة المزيد من الأهالي إلى منازلهم وقراهم.

التلاميذ على مقاعد الدراسة في الميادين العام الجاري 2019

الخبز متوفر والأنقاض رحلت

بعد عودة الأهالي بدأ مجلس المدينة بترحيل الأنقاض من الشوارع والأحياء لتسهيل عودة  المواطنين إلى أحيائهم وترميم منازلهم حيث فتح معظم الشوارع والطرقات الرئيسة في المدينة ولكن المجلس مازال إلى اليوم يعاني من ضعف الإمكانيات ونقص العمال والآليات، كما يقول رئيس مجلس بلدية الميادين “علاي العلي”.

يضيف “العلي” لـ”سناك سوري”: «تم ترحيل الأنقاض من المحال التجارية والأسواق بالتعاون مع الأهالي، كما شهدت المدينة عودة عمل الأفران عبر افتتاح أفران عامة إضافة إلى الأفران الخاصة وهي اليوم كافية لتوفير مادة الخبز للمواطنين كما شهدت الأسواق عودة أفران خبز التنور الخاصة ولكنها ما تزال قليلة في المدينة».

اقرأ أيضاً: “دير الزور”.. رائحة خبز التنور تطغى على رائحة الذكريات السيئة

كهرباء “الميادين” عادت وقراها تغرق بالظلام

خط انتاج الخبز – الميادين

شبكات الكهرباء في المدينة تعرضت أيضاً للتخريب ومعداتها للنهب والسرقة خلال سنوات الحرب، حسب حديث رئيس مجلس المدينة لكن شركة الكهرباء تعمل على إعادة التيار بشكل تدريجي إليها حيث عادت الكهرباء لكافة أنحاء المدينة وبعض القرى القريبة كقرية “الطيبة” التي تبعد حوالي 3 كيلو متر عن مركز المدينة فيما بقيت قرى مثل “بقرص” على بعد 10 كيلو متر من المدينة دون كهرباء.

وتقول “عطية الحمدان” وهي موظفة إن «عودة التيار الكهربائي إلى المدينة شجعت الكثير من الزملاء على العودة ولكننا نعاني من الانقطاع المتكرر والأعطال الكثيرة للشبكة».

اقرأ أيضاً:الكهرباء تعود إلى “الميادين” بعد أربع سنوات

المياه

مع عودة الأهالي بدأ العمل على إعادة تأهيل وترميم محطات المياه حيث تم افتتاح محطة مياه “الميادين” وهي باستطاعة ٦٥٠ متر مكعب في الساعة، إضافة إلى افتتاح محطات مياه في قرى “الزباري” و”سعلو” باستطاعة ١٦٠ متر مكعب في الساعة .

فلاحو الميادين عادوا لزراعتهم

عودة بعض المزارعين إلى حقولهم

عادت عجلة الزراعة إلى الدوران من جديد في أراضي مدينة “الميادين” حيث بدأ الأهالي بزراعة أراضيهم وهو ما أدى لتوفير الكثير من الخضروات في السوق وبسعر مقبول للمواطن كونها إنتاج محلي، وتشتهر المدينة بالزراعات الموسمية القمح والشعير والقطن وغيرها إضافة إلى زراعة الخضار الموسمية، كما تم افتتاح خمس وحدات إرشادية لتقديم الدعم والإرشاد للفلاحين الذين قاموا خلال الموسم الحالي بتوريد 3000 طن من القمح إلى مركز توريد القمح بالمدينة.

يقول الفلاح “خضر السعران”: «الزراعة عملنا الأساسي ومصدر دخلنا الوحيد لذلك نأمل المزيد من دعم الجمعيات الفلاحية التي قامت بتشغيل محطات الري لكننا ننتظر توفير السماد والمازوت بسعر مدعوم وكميات كافية وذلك من أجل النهوض بالعمل والارتقاء به ولتعود زراعة “دير الزور” على سابق عهدها».

يذكر أن الحكومة سيطرت على الميادين في أواخر العام ٢٠١٧ بعد انتزاعها من قبضة “داعش” الذي كان يتخذها عاصمة له في الأيام الأخيرة من سيطرته على مناطق من الشرق السوري.

اقرأ أيضاً:بلدية الميادين تشتكي اللجنة الوزارية: “لم تدخل المدينة”!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى