سناك سوري – اللاذقية
تلك المساعدات التي يقولون إنها مساعدات إنسانية كم مرة شاهدتها معروضة على رفوف المحال التجارية في اللاذقية بأسعار تنافس أسعار البضائع الأخرى المشابهة لها؟، بالتأكيد إنها استوقفتك أو قد اشتريتها بكل بساطة ومضيت إلى منزلك دون أن تدرك أنك كنت ربما أحد مستحقيها الذين لم يحصلوا عليها.
“سناك سوري” قام بزيارة لمركز توزيع تلك المساعدات والتقى أحد الوافدين من الرقة وسأله: هل تبيعني سلتك الغذائية؟، فأجاب الرجل الخمسيني بكل هدوء: «منذ عام 2013 وأنا أستلم المعونة ولم أضطر يوماً لبيعها ولا أتاجر بها أما إذا كنت بحاجتها سأبيعها لك وإذا أردت سأعرّفك على ذلك الرجل وهو تاجر في سوق الريجي ينتظر الناس هنا ويشتري منهم المساعدات ليبيعها بمحله»، يضيف: «ربما هي ظاهرة إيجابية بالنسبة لأولئك الذين يرون أن 7000 أو 8000 ليرة أفضل من سلة غذائية طلعت موادها من عيونهم لأنها لم تتغير منذ خمس سنوات».
من يلوم أمّ “خالد” التي تبيع حصتها من المساعدات؟
“أم خالد” امرأة نازحة من ريف “حماة” لديها أسبابها لبيع المساعدات التي تأتيها، تقول لـ “سناك سوري”: «أتيت لاستلام معونتي المستحقة كل ثلاثة أشهر وبعد أن أستلمها أبيعها لأنني بحاجة المال لشراء الدواء، فقد ابتليت خلال الحرب بمرض السكري والضغط وآلام المفاصل وهذا يحتاج دواء بشكل مستمر، أما الرز والسكر يضران صحتي فأبيعهما، كما أغطي حاجتي من المساعدات من حصة ابني الذي أقيم معه وأشاركه طعام أبنائه»، وتضيف: «ناطرة رحمة الله يا بنتي».
غير مخصص للبيع!
يكذّب مقولة غير مخصص للبيع ذلك الحرام الرمادي (بطانية المعونة) الذي يبيعه رجل اتخذ من رصيف في ساحة “الحمام” معرضاً للمساعدات الإنسانية ولكن ملامح البؤس البارزة على وجهه ووجه ابنته التي تبيعها بألف وخمسمائة ليرة تبرر لهما وكما يقال شو جابرك عالمرّ أكيد الأمرّ منه، يقول هذا الرجل النازح من الرقة لـ “سناك سوري”: «ما باليد حيلة لازم نعيش وماعندي أي مصدر دخل أو فرصة للعمل والعودة إلى الرقة صعبة جداً حالياً».
شوارع”اللاذقية” لاتخبئ شيئاً فعلى جانبيها تنتشر المحال التجارية التي تبيع كافة أنواع المساعدات على عينك ياتاجر، بينما تجلس مديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك متفرجة على هذا الواقع دون أن تتدخل أو تعاقب المسؤولين عن الأمر، حتى أنه وكما أكد العديد من الناس يوجد بالقرب من مديرية المالية محل انترنت تحول إلى “مستودع للمساعدات” على مرأى من جميع أهل الحي فالكل يراه إلا دوريات التموين غافلة عنه.
وتفيد المعلومات التي حصل عليها “سناك سوري” بأن مدير التموين “أحمد نجم” الذي يستقبل الشكاوي بابتسامة استقبل شكوى المواطنين عن هذا المحل بابتسامة أيضاً وطلب من صاحب الشكوى يوم الخميس 2/11/2017 الانتظار في مكتبه حتى يرسل دورية معه ويقودها هو شخصياً، وبعد ساعتين من الانتظار غيّر رأيه وطلب من صاحب الشكوى أن يترك العنوان ويذهب (أبصر ليش مدير التموين غيّر رأيه) قولكن ليش غيرو؟.
دور المنظمات
تتحمل المنظمات وغياب الرقابة المسؤولية الرئيسية عن بيع المساعدات، لأن هذه المنظمات عملت جاهدة على تحويل السوريين إلى متلقين للمساعدة فقط (تقديم السمكة) ولم تعمل معهم على مشاريع الإنتاج أو مايعرف بمشاريع التنمية وبرامج سبل العيش، وبالتالي باتت الثقافة الرئيسية لديهم تقوم على الانتظار أمام أبواب المساعدات.
بالتاكيد إن النازحين والمجتمع المضيف المتضرر مازالوا بحاجة سلة المعونات لكنهم بحاجة معها لبرامج سبل العيش ومشاريع التنمية التي تعلمهم اصطياد السمكة وتعطيهم أدوات اصطيادها لينطلقوا بدل الاعتماد على الاتكالية.
من الضروري جداً اليوم إعادة دراسة احتياجات المسجلين لدى الجمعيات والمنظمات وحتى المجتمع السوري “وافد ومتضرر” من أجل الوصول إلى صيغة توصل الحقوق إلى أصحابها ويحصل من خلال كل محتاج على حاجته فلا يبيع حصة ليشتري حاجة أخرى، ولا تتحول المساعدات إلى تجارة.