انتقادات لتعيين أبو عبد الرحمن الزربة رئيساً للرقابة المالية .. الولاء يتفوّق على الكفاءة
مسؤول سابق: الرقابة المالية لا تُدار بالعقيدة بل الخبرة والمصرف المركزي لا يبنى بالولاء
عاد الجدل مجدداً عبر وسائل التواصل حول تعيين “محمد عمر قديد” رئيساً للجهاز المركزي للرقابة المالية في سوريا، رغم مرور أكثر من 4 أشهر على تسلّمه للمنصب في ظل انتقادات للتعيينات القائمة على أساس الولاء بدلاً من الكفاءة.
سناك سوري _ دمشق
وبينما تداول كثيرون اسم “مصطفى قديد” فإن الاسم الحقيقي للرئيس الحالي لجهاز الرقابة المالية هو “محمد عمر قديد”، وكان يعرف باسم “أبو عبد الرحمن الزربة” حين كان قيادياً في “هيئة تحرير الشام”.
أبو عبد الرحمن الزربة .. الذراع الاقتصادي في إدلب
ولم يكن اسم “قديد” غريباً على متابعي الشأن السوري، إذ ارتبط اسمه بالنشاط الاقتصادي للهيئة خلال فترة تواجدها في “إدلب”، وذكرت شبكة “شام الإخبارية” عام 2020 أن “قديد” أسس “المؤسسة العامة لإدارة النقد في الشمال المحرر” التي أنشأتها الهيئة بهدف تنظيم إدارة الصرافة وتداول العملات، إضافة إلى دوره في إدارة شركة “وتد للبترول” التي كانت تحتكر معظم تجارة المحروقات في “إدلب” خلال السنوات الماضية.
بعد دوره في التسويات مع رجال الأعمال .. أنباء عن تكليف أبو مريم الأسترالي بملف الاتصالات
في حين، نقل موقع “أورينت” عام 2023 أن المعابر واستيراد المواد الغذائية والمحروقات والسيارات وقطاع العقارات واللحوم والدواجن، تسيطر عليها شركات بمسميات مختلفة لكن جميعها يتبع لهيئة تحرير الشام ويعد “أبو عبد الرحمن الزربة” المسؤول المباشر عنها، بحسب ما نقل الموقع عن مصدر من “الهيئة” حينها.
ويذكر “معهد الشرق الأوسط” أن “قديد” كان العقل المدبر وراء الاستراتيجية الاقتصادية للهيئة في “إدلب”، حيث أنشأ “مؤسسة الوسيط” لتحويل الأموال وتصريف العملات والتي تحولت لاحقاً إلى “بنك الشام”، إضافة إلى إدارته لعدة أنشطة اقتصادية أخرى.
قديد في دمشق .. اللجنة السرية للاقتصاد
عاد اسم “قديد” أو “أبو عبد الرحمن الزربة” للظهور بعد سقوط النظام السابق، في تحقيق أجرته وكالة رويترز حول لجنة سرية مهمتها “إعادة هيكلة الاقتصاد السوري” يرأسها اللبناني “إبراهيم سكرية” “أبو مريم الأسترالي” ويشرف على عملها “حازم الشرع” شقيق الرئيس السوري.
حيث نقلت الوكالة عن عضو في اللجنة ومسؤولَين في الهيئة، أن اللجنة أسست فرعاً لجمع الأموال بقيادة “أبو مريم”، وفرعاً آخر لإدارة هذه الأموال بقيادة “أبو عبد الرحمن الزربة”، وذكر موظفان سابقان أن “قديد” أقام مكتبه في الطابق الثاني من مصرف سوريا المركزي في اليوم التالي لتحرير دمشق.
انتقادات بعد تعيين شقيق وزير الدفاع السوري مديراً لمعبر حدودي
وتقول معلومات “رويترز” أن “قديد” الذي ينحدر من “دركوش” بريف “إدلب” كان يعمل فرّاناً، ثم أصبح قيادياً عسكرياً بعد انضمامه للهيئة، وصولاً إلى تولّيه الملف الاقتصادي.
وأشارت الوكالة أن “قديد” يتمتع بصلاحيات واسعة تصل إلى حد رفض قرارات حاكم المصرف المركزي، الأمر الذي نفاه الحاكم دون مزيد من التوضيحات، لكن مصادر الوكالة قالت أن القرارات الكبرى تحتاج موافقة “قديد” الذي وصف بأنه دمث الأخلاق لكنه يفضل مركزية السلطة.
انتقادات لتعيين قديد في الرقابة المالية
ورغم أن أول قرار حمل توقيع “قديد” بصفته رئيساً للجهاز المركزي للرقابة المالية خلفاً لـ”وسيم المنصور” الذي أصبح نائباً له، يعود لشهر حزيران الماضي، فإن الجدل حوله انتشر خلال الساعات الماضية، حيث انتقد ناشطون تعيينه في منصب تقني اقتصادي دون استناد إلى شهادات علمية يتطلبها المنصب الجديد.

الباحث الاقتصادي “محمد علبي” كتب عبر فيسبوك أن تعيين “قديد” رئيساً للرقابة المالية خطوة محسوبة في اتجاه تحويل النقد والرقابة إلى سلاح بيد السلطة السياسية، رغم تحذيرات على مدار أشهر من وجود “قديد” في المصرف المركزي بلا صفة رسمية.
واعتبر “علبي” أن “قديد” لم يدخل المصرف المركزي من باب الإصلاح بل من بوابة الولاء، مضيفاً أن هذه الخطوة تشكّل إنذاراً خطيراً بأن مرحلة التسييس المالي قد استفحلت بشدّة على حد قوله.
في حين، كتب الرئيس السابق للمجلس المحلي لمدينة حلب “أحمد عزوز” أن تعيين “قديد” لا يمكن اعتباره مجرد خطوة إدارية، بل تطوراً خطيراً يمس جوهر السياسة النقدية واستقلال المؤسسات الاقتصادية في البلاد.
وأضاف أن خطوة تعيين “قديد” تشير إلى اتجاه مقلق نحو تسييس الرقابة المالية وتحويل أدوات السياسة النقدية إلى وسائل ضبط سياسي، ما يقوّض استقلال المصرف المركزي ويعمّق فقدان الثقة بالعملة الوطنية.
وختم “عزوز” بأن الرقابة المالية لا تدار بالعقيدة بل بالخبرة والمصرف المركزي لا يبنى بالولاء بالكفاءة والنزاهة وأي تهاون في ذلك هو مساس مباشر بما تبقّى من ثقة واقتصاد وسيادة.
يشار إلى أن هذه الحالة ليست الأولى من نوعها من حيث الجدل حول تعيين أشخاص غير اختصاصيين في مواقع حساسة، حيث سبق أن أثير جدل مماثل حول تعيين “شادي الويسي” وزيراً للعدل رغم أنه خريج كلية الشريعة وليس الحقوق، ثم تعيين “مظهر الويس” خلفاً له في المنصب وهو خريج كلية الطب البشري ولم يدرس الحقوق في الجامعة.







